أخبارتونس

قراش تُعلّق على خطاب الرئيس وتُوجّه هذه الرسالة..

توجهت سعيدة قراش المستشارة السابقة لرئاسة الجمهورية برسالة إل رئيس الجمهورية قيس سعيد اثر الخطاب الي أدلى به في موكب الاحتفال بعيد المراة وحديثه عن مسالة المساواة في الميراث.
وكتبت قراش على حسابها الشخصي بفيسبوك :

“صباح الخير سيدي رئيس الجمهورية، المعذرة على إزعاجكم هذا الصباح لكن نشاطكم و خطابكم في عيد المرأة يوم أمس دفعني الى طرح عدة تساؤلات منها:
1/ نساء جندوبة الفلاحات الريفيات الكادحات المقهورات المُبْتَزّات المعنفات بحكم واقع علاقات عائلية و اجتماعية و اقتصادية تستغلهن و تأكل عرق جبينهن و تلتهم أجمل سنوات عمرهن في الحقول و في المنازل ثم يُلقى بهن كالنواة بعد أكل أطيب الثمار، كيف ستبرّرون لهن ان كل ما ذكرت هو محسوم في القرآن و ان المطالبة بحقهن في الارض التي يروينها بعرقهن في الحر و البرد و القيظ ،هو من حق الذكور في عائلاتهن الذين لم يكونوا تحت الشمس مثلهن بالأمس بل كانوا في المقاهي او يتفيؤون جدران حيهم و يلعبون “الخربقة” و يترشفون الشاي و يعِدّون المارة جيئة و ذهابا هو ضرب من الترف الفكري و الكفر بأحكام الله في دولة قلتم ان لا دين لها اَي انها مدنية بحسب الفصل الثاني من دستورها و أنكم مؤتمنون على تطبيقه خاصة و انه يتحدث عن المساواة و واجب الدولة في العمل على اقرارها و تحقيق تساوي الفرص بين مواطناتها و مواطنيها؟
2/ كيف يمكن أن تحدثهن عن العدالة الاجتماعية و  التي تعني في ما تعنيه إعادة توزيع الثروات داخل المجتمع و بالتالي داخل العائلة اَي بين رجاله و نسائه و سيادتكم تحسمون استعبادهن و أكل حقهن و عرقهن من طرف ذكور العائلة بمجرد جملة قصيرة فاقدة لكل أثر لمعانتهن و هشاشتهن و خالية من كل نصرة لحقهن في حياة كريمة و تعتبرون ان من طرح الدفاع عنهن له نوايا خبيثة و تآمرية و ان القرآن حسم الامر و انتهى و ان من لا يقبل هذا الظلم في تأويل الآية و فهمها من أجل تحقيق العدل و الإنصاف بما انه جوهر الدين و جوهر خطاب الله في خلقه و جوهر القضاء على التمييز و العنف هو مجرد عميل مارق على قانون الارض و السماء؟؟
3/ كيف يمكن ان تفسروا لهن أرقكم و حزنكم و تعاطفكم معهن و الحال ان قرابة 80% من الملكيات العائليةالفلاحية تعمل بها النساءالكادحات مثل نساء جندوبة اللاتي زرتموهن بالأمس و لكن بدون أجر الا ما يجود به ذكور العائلة و بلا تغطية اجتماعية و بلا نظام حماية اجتماعية و منحة شيخوخة عندما ينتهي وقود أجسادهن و تلقي بهن ضروب الحياة و صُنوفها خارج دورة الكرامة تطبيقًا للقاعدة في علم المواريث الذي تحدثتم عنه في خطابكم بالامس؟
4/ كيف ستقنعهن بان لذكور عائلاتهن كل الحق في استغلالهن طالما ان ليس لهن حسابات بالخارج و ان المساواة في الارث مطلب يهم الأثرياء و ان استرجاع الأموال المنهوبة سيرفع عنهن الضيم و يقيهن غائلة الخصاصة و الفقر و التهميش و ينسيهن آلام الحقول و عذابات الارض؟؟
ملاحظة أخيرة، لا يمكن قبول فكرة ربط حق النساء في حياة كريمة و حقهن في حمايتهن من الفقر و الاستغلال العائلي لجهودهن من أجل الإثراء على حساب بؤسهن و تخلي الدولة عن حمايتهن باقرار حقهن في نصيب من الثروة التي يساهمن في خلقها و ذلك باقرار المساواة في الارث تكريسا للدستور و روح الاسلام في اعتداله و انفتاحه على واقع الناس و استيعابه لتطور العلاقات داخل المجتمعات التي حلّ بها و لا أدل على ذلك من تطور مسالة الارث ذاتها منذ الجاهلية الى حين قدوم الاسلام لذلك وجب الخروج من دائرة التأويل الذكوري للقرآن.
لا أعتقد أنكم لستم على اطلاع على كل الجدل الفقهي داخل فقهاء المسلمين حول الآتي: هل ان ما تقره الآية هو الأدنى الذي لا يجب النزول عنه و لا يمنع من المضي الى الأقصى اَي المساواة ام هو حكم قاطع لا يقبل الخوض فيه و هل ان أحكام الارث تندرج في باب المعاملات تتطور بتطور المجتمعات ام هي تندرج في باب العبادات؟
و لماذا كل ما تعلق الامر بنظرة ذكورية للمساواة نلبسها ثوب القدسية؟
اما ربط حقوق عاملات جندوبة اللاتي زرتموهن في عيد المرأة بما يعنيه من رمزية باسترجاع الأموال المنهوبة فهو امر يستعصي على فهمي البسيط اذ فشلت دولة برمتها في استرجاع الأموال المنهوبة و مقاومة الفساد و التهريب و في نفس الوقت نطلب من الكادحات المفقرات مواصلة الانتظار و الصبر و نبيعهن الوهم.”

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى