أصدرت الجمعية التونسية لعلوم الفلك بيانا حذرت فيه من تكريس الخلط لدى النّاس بين التنجيم وعلم الفلك، لافتة إلى تهافت العديد من وسائل الإعلام على المنجّمين والعرّافين قصد التّكّهن بما تخفيه النّجوم والكواكب للسّنة المقبلة، وتقديمهم كعلماء فلك.
وبينت الجمعية أن علم الفلك هو دراسة الأجرام والظّواهر التي تنشأ خارج الغلاف الجوّي للأرض وهو علم أكاديمي يدرّس في كبرى الجامعات العالمية، و أصله من “الفلكة أي ما استدار من الشّيء والفلك مسار الكوكب”، أما التّنجيم فهو استخدام المواقع الظّاهرة للنّجوم والظواهر الكونية والمجرّات والكواكب للتّنبؤ بأحداث مستقبلية وتأثيرها على الإنسان، ويؤدّي هذا إلى اعتقاد الناّس أن التّنجيم حقيقي وقائم على أساسيات ثابتة علميّا وفي الواقع يعتمد المنجّم على استخلاص آراء لا أساس لها لهدف ماليّ بحت.
وتابع البيان أن “العلوم الحديثة أثبتت عدم وجود علاقة ارتباطيّة بين حياتنا أو مستقبلنا بحركة النّجوم وبالتاّلي التوقّعات المزعومة من طرف هؤلاء لا صحّة لها سوى أنّها تعتمد على العوامل النّفسية للأفراد ومعتقداتهم متجاهلين الأدلّة العلميّة الّتي تعارضها. كما أن ضعف الشخصية واضطراباتها وضعف الإيمان للشّخص يزيدان من شدّة الاعتقاد بهؤلاء المنجّمين زيادة على أن الإنسان يحب أن تكون حياته منسجمة مع ما يتمنّاه”.
وأضاف: “وبينما ظلّ التّنجيم هو السائد إلى حدود القرن السادس عشر، وبالرّغم من أن الانفصال الأوّل للتّنجيم عن علم الفلك كان خمسين سنة قبل الميلاد، بقي هذا الاقتران راسخا في أذهان البشر إلى حين ظهور العالم الفلكي الفيزيائي إسحاق نيوتن وإثباته أن سقوط الأشياء على الأرض والأجرام السّماوية تخضع لنفس القانون المسمّى بقانون الجاذبية الكونية وبالتّالي أسقط فكرة ثبوتيّة الأشياء الّتي يؤمن بها المنجّمون. كما أثبت أن حركة الأجرام السّماوية تخضع إلى قوانين ومبادئ علميّة وبالتاّلي يمكن حساب مواقعها مسبقا بدقّة متناهية”.
هذا وأكدت الجمعية التونسية لعلوم الفلك أن “الرّقيّ الذي وصله اليوم علم الفلك وتطوّره عبر العصور يقابله اعتماد التّنجيم على ذات التّقنيات البالية الّتي هي أقرب إلى الشعوذة أكثر منها إلى المنهج العلميّ، كما يعتمد ذات الكرة السّماوية الثابتة المرصودة منذ نحو ألفي سنة والتي تعدّ اثني عشر برجا في حين أن الأرصاد الحديثة أثبتت أن الشّمس خلال مسارها الظاهريّ تمر من ثلاثة عشر برجا وما إصرار المنجّمين على رأيهم إلاّ تسهيلا لحساباتهم الخاطئة”.
واعتبرت الجمعية أن الصّراع المتجدّد بين الفلكيين من جهة والمنجّمين من جهة أخرى، صراع منهج من أجل رقيّ علميّ ووعي راسخ بالحقائق العلميّة، مشيرة إلى أن هدفها هو نشر علم الفلك لدى الناشئة وإقناع الذين يلجؤون إلى المنجّمين بحقيقتهم وإماطة اللّثام عن زعمهم.