يبدو أن حركة طالبان في طريقها للعودة إلى السلطة في أفغانستان بعدما سيطرت على الجزء الأكبر من البلاد خلال أيام، كما حدث تماما عندما حكمت البلاد بين 1996 و2001.
أعلن المتحدث باسم حركة طالبان ذبيح الله مجاهد، أن عناصر حركته بدأت بالسيطرة على العاصمة الأفغانية كابل، كما طالبت الحركة الحكومة الأفغانية بأن تسلمها السلطة، في وقت أكد رئيس لجنة المصالحة أن الرئيس أشرف غني غادر البلاد.
وأضافت الحركة في بيان أن الشرطة والمسؤولين في كابل لاذوا بالفرار مما يمثل مشكلة أمام حفظ القانون والنظام.
وأظهرت صور ومقاطع فيديو دخول قادة من حركة طالبان إلى مقر القصر الرئاسي في العاصمة الأفغانية.
وأعلنت طالبان عفوا عاما بعد وصول مسؤولي اللجنة العسكرية لطالبان إلى القصر الرئاسي في كابل.
ونقلت رويترز عن مصدرين في طالبان قولهما بأنه لن تكون هناك حكومة انتقالية في أفغانستان، وأن الحركة تتوقع تسليما كاملا للسلطة.
وأكد المتحدث باسم حركة طالبان سهيل شاهين، على ضرورة تسليم العاصمة كابل والسلطة إلى إمارة أفغانستان الإسلامية، قائلا “سيكون لدينا حكومة إسلامية أفغانية شاملة في المستقبل”.
وطمأن شاهين المواطنين في أفغانستان، وخاصة في العاصمة كابل بأن ممتلكاتهم وحياتهم آمنة.
بدوره قال الرئيس الأفغاني السابق حامد كرزاي “بعد مغادرة أشرف غني والمسؤولين ومنعا لحدوث فوضى تشكلت لجنة لنقل السلطة سلميا”.
وأضاف أن اللجنة مكونة من عبد الله عبد الله وحامد كرزاي و قلب الدين حكمتيار.
مغادرة الرئيس
وكان رئيس لجنة المصالحة عبد الله عبد الله أن غني غادر البلاد وورطها وورط الشعب بهذه الحالة. وأضاف أن الشعب سيحكم على (هذا) الرئيس السابق وسيحاسبه الله.
وفي تصريح منفصل قال مسؤول كبير بالخارجية الأفغانية إن الرئيس غني غادر أفغانستان لكن لا يُعرف البلد الذي توجه إليه. وكان مسؤول كبير بالداخلية الأفغانية قال في وقت سابق إن غني غادر إلى طاجيكستان.
وقال القائم بأعمال وزير الدفاع بسم الله خان محمدي إن غني “قيد أيدينا وراء ظهورنا وباع الوطن” وغادر البلاد.
وجاءت هذه التطورات بعد ساعات من نقل “وول ستريت جورنال” عن مسؤول أفغاني رفيع قوله إن الحكومتين الأميركية والأفغانية طلبتا من طالبان تأجيل دخول كابل إلى حين الاتفاق على حكومة انتقالية، وقال وزير الدفاع الأفغاني إن غني نقل جزءا من صلاحياته إلى وفد يتوقع أن يغادر للتفاوض مع طالبان في الدوحة.
وأكد المسؤول الأفغاني وجود مفاوضات حاليا بين الحكومة وطالبان لاختيار رئيس حكومة انتقالية مقبول من الجميع، لكنه لا يعتقد أن الحركة ستقبل هذا العرض.
من جانب آخر، ذكرت رويترز أن الوفد الحكومي يضم المسؤول البارز عبد الله عبد الله، ومن المتوقع أن يتوجه اليوم إلى الدوحة للقاء ممثلين عن طالبان لبحث مسألة تسليم السلطة.
من جهته قال وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن إن بلاده ستدعم جهود المفاوضات بين الحكومة الأفغانية وطالبان في العاصمة القطرية.
وأضاف في مقابلة مع “إن بي سي” (NBC) أن لدى الولايات المتحدة فريقا بالدوحة يعمل مع الأمم المتحدة وقطر ودول أخرى لدعم تلك الجهود، ومعرفة إمكانية التوصل إلى تسوية سلمية لنقل السلطة، مشيرا إلى أن هذا سيجنب الشعب الافغاني إراقة المزيد من الدماء.
وقد أكد القائم بأعمال وزير الدفاع الأفغاني، في كلمة وجهها لسكان كابل، أن المدينة آمنة وأن قوات الأمن ملتزمة بالدفاع عنها، مشددا على أن القوات الدولية تساعد في تأمين المدينة.
ومن جانبه قال عبد الستار ميرزاكوال القائم بأعمال وزير الداخلية إن كابل لن تتعرض للهجوم، مؤكدا أنه سيتم تسليم السلطة عبر إدارة مؤقتة وبصورة سلمية.
ونقلت رويترز عن مسؤول بالقصر الرئاسي قوله إن غني يجري محادثات مع المبعوث الأميركي ومسؤولين في حلف الناتو.
في الأثناء، ذكرت وكالة أسوشيتد برس -نقلا عن مسؤولين أفغان- أن مفاوضين من طالبان اتجهوا إلى القصر الرئاسي استعدادا لنقل السلطة.
لكن مصدرا في طالبان نفى أن تكون الحركة أرسلت مفاوضين إلى القصر الرئاسي، في وقت أكدت المخابرات الحكومية ذلك.
كما نفى هذا المصدر -للجزيرة- قدوم رئيس المكتب السياسي لطالبان الملا عبد الغني برادر إلى كابل، مضيفا أنه سيصل العاصمة بعد الاتفاق على نقل السلطة.
وكانت وسائل إعلام محلية أفادت بأن رئيس البرلمان وعددا من زعماء الأحزاب السياسية غادروا كابل إلى باكستان، مضيفة أن الرئيس السابق ووزير الخارجية الحالي طالبا غني بالاستقالة لحل الصراع.
وكانت طالبان قالت إنها لا تريد دخول كابل بالقوة أو الحرب، وإنها تفضل دخولها بسلام، وأضافت -في بيان- أنها أمرت مسلحيها بالوقوف على تخوم العاصمة وتجنب محاولة دخولها.
وقالت أيضا إن المفاوضات جارية لضمان عملية تسليم العاصمة، لكن الحكومة لم تعلق على الأمر حتى الآن.
من جهته، قال المتحدث باسم الحركة ذبيح الله مجاهد إن طالبان لا تريد حالة حرب في العاصمة. وأضاف -في تغريدة عبر تويتر- أن طالبان لن تمس الممتلكات والبنوك في كابل وستتخذ خطوات جادة لحمايتها، حسب تعبيره.
كما نقلت رويترز عن قيادي من طالبان أن الحركة أمرت المقاتلين بالإحجام عن العنف في كابل، والسماح بالعبور الآمن لأي شخص يختار الخروج، وطلبت من النساء التوجه إلى أماكن آمنة.
وقال متحدث باسم طالبان لرويترز “ندعو المدنيين الأفغان للبقاء في بلدهم وألا يغادروه نتيجة الخوف، لا ننوي الانتقام من أحد وسنصفح عن كل من خدم في الحكومة أو قواتها”.
ونقلت الوكالة عن متحدث باسم طالبان قوله إن سياسة الحركة ستقوم على ترك العقوبات كالإعدام والرجم وقطع الأعضاء للمحاكم للبت فيها، مضيفا أنه سيسمح لوسائل الإعلام بانتقاد من تريد لكن من دون تشهير.
وأكد المتحدث أنه سيسمح للمرأة بمغادرة المنزل وحدها دون مرافق، وأن حقوقها ستحترم وسيسمح لها بالتعليم والعمل، على أن ترتدي الحجاب.