دعت تونس، المجتمع الدولي إلى استخلاص الدروس من التاريخ البعيد والقريب، ومن مآسي الماضي والحاضر، لإنهاء الاحتلال وتمكين الشعب الفلسطيني من كافة حقوقه المشروعة والمعترف بها دوليا، وفق ما جاء في كلمة ألقاها اليوم الثلاثاء وزير الشؤون الخارجية والهجرة والتونسيين بالخارج نبيل عمار، في الاجتماع الوزاري رفيع المستوى بجينيف.
وأكد الوزير، وفق بلاغ صادر عن وزارة الخارجية، أن تونس وقفت دائما مع السلام المبني على العدالة، وستظل داعمة تماما للقضايا العادلة ولحق الشعب الفلسطيني في تقرير المصير والحرية والاستقلال، مجددا رفض تونس القاطع لكافة أشكال ومحاولات الإخلاء والتهجير القسري للفلسطينيين.
كما حث من يتبنون موقفا غير مسؤول إلى استعادة مصداقيتهم والتصرف وفقا لالتزاماتهم الدولية، داعيا وسائل الإعلام والصحفيين إلى القيام بواجباتهم بكل حيادية ومهنية والحفاظ على ما يمكن الحفاظ عليه مما يسمى بـ”حرية التعبير”، مؤكدا أنه من غير المقبول تبني سردية لا تفرق بين المعتدي المحتل وضحيته، وأن سياسة الغطرسة والإرهاب المتبعة منذ عقود، قد فشلت في تقويض إصرار الشعب الفلسطيني على المطالبة بأرضه وحقوقه.
وأضاف أن قطاع غزة في فلسطين يشهد، بعد 17 عاما من الحصار و75 سنة من الحرمان من الحقوق، فصلا غير مسبوق من الفظائع ضد الفلسطينيين، ملاحظا أنه لأول مرة في التاريخ الحديث، يشهد العالم هذا المستوى من الجرائم من قبل تحالف يستخدم أحدث الوسائل العسكرية في العالم ضد المدنيين العزل والأبرياء والأطفال والنساء وموظفي الأمم المتحدة.
واعتبر أن المجتمع الدولي “تخلى عن تحمّل مسؤولياته لمنع هذا العدوان الهمجي وإيقافه فورا، ومحاسبة كيان الاحتلال على هذه الإبادة الجماعية”، مؤكدا أن هذا العجز المنظم “بصدد تقويض مصداقية النظام المتعدد الأطراف، وتحويل العالم إلى غابة شاسعة، بالإضافة إلى أنه يشكّل فشلا ذريعا لسرديّة الأطراف التي تقدم نفسها كمنارة للقيم والحريات الديمقراطية”.
وشدد على أن الفجوة بين الأهداف الأصلية للنّظام متعدّد الأطراف وإنجازاته الفعليّة أصبحت لا تحتمل، فضلا عن فقدان الثقة فيه واهتزاز مصداقيته على المستوى العالمي، مشيرا إلى أن العالم “أصبح محكوما بقوة السّلاح وحدها وبالاقتصاد المفترس وغير المسؤول”، وأن هذه الديناميكية تُنذر بتهديد وشيك للحق في الحياة ولأمن الكوكب وديمومته، حيث أن “الإبادة الجماعية في غزة هي مثال كامل ومخزي لفشل النظام الذي تم إنشاؤه منذ عام 1948”.
وشدد نبيل عمار على أنه لم يعد بإمكان العالم أن يغض الطّرف عن الجوهر الحقيقي للصراع، الذي يظل مسألة احتلال ومصادرة أراضي واستيطان غير قانوني، وانتهاكات ممنهجة لحقوق الإنسان وإبادة جماعية لشعب منذ عام 1948.
وأبرز موقف تونس بشأن الحاجة الفورية إلى إجراء إصلاحات جذرية وديمقراطية على مستوى الحوكمة السياسية والاقتصادية والمالية العالمية، من أجل مزيد من المحاسبة والمصداقية والنجاعة، مذكرا بمواقف تونس الرائدة والاستشرافية والإنسانية ووقوفها مع الحلول لا مع المشاكل.
تجدر الإشارة، إلى أن الاجتماع الوزاري رفيع المستوى المنعقد اليوم بجينيف، تمحور حول “حالة حقوق الإنسان في الأرض الفلسطينية المحتلة والإعلان العالمي لحقوق الإنسان والقانون الإنساني الدولي”.