اعتبر الخبير الاقتصادي والوزير الأسبق محسن حسن في تصريح لموزاييك الأربعاء 13 أكتوبر 2021 أن استعادة الثقة داخليا وخارجيا من أهم التحديات المطروحة أمام حكومة نجلاء بودن.
ضرورة إعادة الثقة داخليا وخارجيا
وأشار حسن إلى أن الفاعلين الاقتصاديين في تونس من شركات كبرى وصغرى ومتوسطة ومستهلكين في حاجة إلى رسائل إيجابية وطمأنة مما يستدعي من حكومة بودن ضبط سياسة تواصلية جيدة مع كل التونسيين لطمأنتهم حول مستقبلهم ومستقبل بلادهم.
وأضاف حسن بأن هذه الرسائل الايجابية مطلوبة أيضا بالنسبة للشركاء في الخارج وكل الجهات المانحة من مؤسسات مالية عالمية ودول.
كما بين الخبير الاقتصادي محسن حسن ضرورة تسريع حكومة بودن في العمل على تعبئة الموارد خارجيا وداخليا خصوصا في ظل ارتفاع العجز في ميزانية الدولة للسنة الحالية والسنة القادمة.
على المستوى الداخلي يشدد محسن حسن على ضرورة التركيز على الإنتاج الوطني في مستوى الثروات الاستخراجية من نفط وغاز وفسفاط وإزالة كل العوائق والعبقات أمام إنتاج هذه الموارد حتى تساهم في تعديل الميزان التجاري وتقلص من اللجوء إلى التداين.
كما شدد الوزير الأسبق على ضرورة إيلاء مسألة الاستخلاص الجبائي الأهمية الكافية وتشجيع الإدارة التونسية ومضاعفة الأهداف حتى تتمكن من القيام بدورها في مجال الاستخلاص الجبائي وإيجاد الطرق الحلول السلمية مع المؤسسات لاستخلاص واجباتهم الجبائية.
وتحدث محسن حسن على ضرورة إزالة العائق القانوني أمام اللجوء للبنك المركزي والبنك المركزي لتعبئة الموارد معتبرا أن قانون 2016 الخاص باستقلالية البنك المركزي يمنعه من التمويل المباشر لخزينة الدولة داعيا في هذا السياق رئيس الجمهورية قيس سعيد إلى إصدار أمر رئاسي لتنقيح هذا القانون بما يمكنه من توفير تسبقات للخزينة العامة محددة سلفا وبشروط مقبولة حتى لا تكون لها تأثيرات تضخمية ومن تبعاتها تدهور المقدرة الشرائية للمواطن والمقدرة التنافسية للمؤسسات.
وشدد محسن حسن على ضرورة أن لا يتواصل اللجوء للبنوك التونسية لتعبئة الموارد من خلال إصدار أذون خزينة بنفس النسق خصوصا وأن هذه البنوك تعاني شحا في السيولة من خلال تأكيد العديد من التقارير وتدخل البنك المركزي اليومي الذي يصل إلى حدود 12 مليار دينار لتمويل الخزينة.
وأضاف الخبير الاقتصادي أن حاجة الاقتصاد الوطني والمؤسسات الخاصة للتمويل البنكي يستدعي تقليص لجوء الحكومة للنظام البنكي والمصرفي لتمويل حاجياتها من خلال الاستثمار في أذون الخزينة.
تونس مازالت في حاجة ترقيم سيادي
وبالنسبة للتمويل الخارجي، أكد محسن حسن أن تونس مازالت في حاجة إلى المانحين وصندوق النقد الدولي والبنك الدولي والمؤسسات المالية العالمية وإلى ترقيم ومتابعة وكالات الترقيم السيادي داعيا في الوقت نفسه رئيس الجمهورية إلى الانتباه إلى هذه المسألة خصوصا وأن الاقتصاد التونسي منفتح ومازال في حاجة إلى دعم الشركاء في الخارج.
واعتبر الوزير الأسبق أن إلى اللجوء إلى صندوق النقد الدولي في هذه الفترة صعب المنال لسببين، الأول أن هذه الحكومة مؤقتة إلى حين انتهاء الإجراءات الاستثنائية والثاني هو حالة عدم اليقين السياسي حسب تعبيره.
وأضاف محسن حسن بأن الخروج إلى السوق المالية العالمية سيكون صعبا كذلك بسبب تدهور ترقيم تونس السيادي والذي من المرجح أن يواصل تراجعه إلى درجة ‘ c ‘ مما سيصعب أي محاولة في الحصول على تمويلات خارجية.
وبين محسن حسن أن هذه الوضعية تتطلب تنشيط الدبلوماسية الاقتصادية وتفاعل رئيس الجمهورية إيجابيا وطلب مساعدة الدول الصديقة والشقيقة بهدف الحصول على هبات قروض بشروط ميسرة بهدف مواجهة المرحلة الحالية المتصفة بالدقة والخطورة.
الإنعاش الاقتصادي ضرورة قصوى
وشدد الوزير الأسبق والخبير الاقتصادي محسن حسن على ضرورة أن تعمل حكومة نجلاء بودن على إيلاء مسألة الإنعاش الاقتصادي الضرورة القصوى مبرزا أن الاستثمار العمومي في حالة شبه توقف إضافة إلى أن حوالي 60 ألف مؤسسة خاصة صغرى ومتوسطة تعيش حالة من الاحتضار.
وبين ضرورة أن يتضمن قانون المالية لسنة 2022 برنامج للانعاش الاقتصادي مبني أساسا على الاستثمارات العمومية التي تتطلب توفير اعتمادات مالية إضافة إلى اللجوء إلى الشراكة بين القطاعين العام والخاص وإنقاذ المؤسسات الصغرى والمتوسطة من خلال إجراءات جبائية ومالية ووضع خطوط تمويل من قبل البنك المركزي لتأهيل النسيج الاقتصادي الخاص بالإضافة إلى تشجيع الاستثمار الخاص من خلال امتيازات جبائية استثنائية ووضع خطوط تمويل لتطوير الموارد الذاتية للباعثين وتطوير موارد الاقتراض.
سياسة حماية اجتماعية في اتجاهين
وأكد الخبير الاقتصادي محسن حسن ضرورة وضع سياسة حماية اجتماعية في اتجاهين خصوصا وأن خمس الشعب التونسي يعيش تحت خط الفقر إضافة إلى نسبة بطالة في حدود 18 بالمائة .
وبين حسن الاتجاه الأول يتمثل في دعم مباشر للأسر الضعيفة والثاني في دعم الاقتصاد الاجتماعي والتضامني وخلق فرص عمل.
خطوات عملية لتحسين المقدرة الشرائية
وشدد حسن على ضرورة وضع سياسة واضحة للتحكم في التضخم ودعم المقدرة الشرائية من خلال ترشيد التوريد وتأهيل مسالك التوزيع والمنظومات الفلاحية ودعم الإنتاج الوطني والمراقبة الاقتصادية ومقاومة الاحتكار .
وبين محسن حسن أن حكومة نجلاء بودن مطالبة بالتوازي مع العمل المدى القصير بالعمل على المدى المتوسط والبعيد من خلال عقد اجتماعي يشرف عليه فريق عمل متكون من كفاءات وطنية تشتغل على عقد عمل ينظم الحياة المشتركة بين التونسيين.
وأضاف بأن العمل على المدى المتوسط والبعيد يتطلب تكوين فريق خبراء للانطلاق في إصلاحات هيكلية وضرورية تهم المنوال الاقتصادي الجديد والسياسات القطاعية في الفلاحة والصناعة والسياحة والرقمنة والانتقال الطاقي والتربية والتعليم ويضع جدولا زمنيا لهذه الإصلاحات وكلفتها المالية والاقتصادية والاجتماعية وتاثيراتها المنتظرة.
كما اعتبر محسن حسن أن حكومة نجلاء بودن مطالبة بالقيام ياصلاحات في مستوى المالية العمومية مبينا أنه من غير المعقول أن تكون تونس مهددة في سنة 2022 بالرضوخ إلى مطالب نادي باريس والتخفيض في ترقيمها السيادي إلى ‘c’ ومهددة بعدم قدرتها على الايفاء بتعهداتها المالية داخليا وخارجيا.