أخباردوليعربي

رغم تقلبات الأسواق: قطر تتربع على عرش مُصدري الغاز المسال

تواصل دولة قطر  تقدمها في إنتاج الغاز الطبيعي المسال وتسويقه، لتتصدر دول العالم في تصدير هذه السلعة خلال 2022، إذ بلغ حجم صادراتها نحو 81.2 مليون طن، بارتفاع نسبته 5.4% عن عام 2021.

وتتنافس الدولة الخليجية مع أستراليا والولايات المتحدة على صدارة سوق الغاز المسال، غير أن الكفة تميل لصالح قطر، من ناحية تكاليف الاستخراج والإنتاج والتسويق، وهي الأقل من جميع المنتجين والمنافسين، حيث يبلغ سعر التعادل، وهو متوسط التكلفة التي تحقق التوازن بين الإيرادات والمصروفات، للغاز الطبيعي القطري، نحو 5.6 دولارات لمليون وحدة حرارية بريطانية وضمنها تكلفة النقل لأسواق آسيا، وهو مستوى أقل بنحو 34% من سعر تعادل الغاز الأميركي الذي يتأرجح بين 7.5 دولارات و9.1 دولارات لكل مليون وحدة حرارية بريطانية.

ورجح خبراء اقتصاد مواصلة قطر ريادتها في سوق الغاز الطبيعي المسال خلال عامي 2023 و2024، مدفوعة بخطط توسعة حقل الشمال الذي يرفع طاقة قطر الإنتاجية إلى 126 مليون طن سنوياً بحلول 2027. وتصل التكلفة الإجمالية لمشروع التوسعة الأول إلى قرابة 105 مليارات ريال (28.67 مليار دولار).

ورفعت وكالة “فيتش” للتصنيف الائتماني العالمية، خلال إبريل/ نيسان الماضي، النظرة المستقبلية لشركة قطر للطاقة، إلى “إيجابية”، وثبتت التصنيف الائتماني للشركة عند -AA وتعني جدارة ائتمانية عالية. وتوقعت الوكالة الدولية أن تتأرجح أرباح “قطر للطاقة” القابلة للتوزيع بين 55 ملياراً و125 مليار ريال سنوياً خلال الفترة بين 2023 و2026، على أن يسجل الإنفاق الرأسمالي 30 مليار ريال سنوياً بحلول عام 2026، وقد حققت الشركة أرباحاً صافية بلغت 92 مليار ريال (25.2 مليار دولار) في عام 2021.

ويشير الخبراء إلى أن قطر ستلعب دوراً مهماً في تغذية السوق الأوروبي بالغاز الطبيعي المسال، الذي يعاني أزمة جراء الحرب التي تشنها روسيا على أوكرانيا، والمتواصلة منذ أكثر من عام.

وفي هذا السياق، أكد وزير الدولة لشؤون الطاقة القطري، الرئيس التنفيذي لقطر للطاقة، سعد بن شريدة الكعبي، تلقي سيل من الطلبات لشراء الغاز الطبيعي المسال من دولة قطر، وتنظر الشركة في هذه الاتفاقيات، ومن المتوقع أن تصل إلى ذروة عمليات البيع خلال العام أو العامين المقبلين. ولفت الكعبي في حوار تلفزيوني عبر (سي ان ان) خلال ديسمبر الماضي، إلى أن قطر ستواصل إمداد عملائها بالغاز، بما فيهم ألمانيا خلال الفترة المقبلة. وأضاف أن الدول التي لديها اتفاقيات طويلة الأجل مع قطر تتمتع بسعر غاز أرخص بكثير من السوق الفوري.

أكبر مصدر للغاز

ويقول الخبير الاقتصادي، رائد المصري، إن دولة قطر تتربَّع على عرش الغاز الطبيعي في العالم كأكبر مصدر لهذه المادة، وتسير توازياً بقوة للتحول الكلي بالاعتماد على الطاقة النظيفة، وخفض انبعاثات الكربون في اعتماد أعلى معايير البيئة في صناعة الغاز.

ويوضح المصري في حديث مع”العربي الجديد” أن الأنظار اتجهت بقوة إلى قطر كمحطة وبديل للغاز الآتي من الشرق، بسبب تعطُّل سلاسل التوريد وإمدادات الطاقة بعد حرب روسيا على أوكرانيا، وتعطش أوروبا للغاز بعد المحاولات التدريجية للتخلّي عن الغاز الروسي.

ويضيف: “من هنا بدأت الدوحة العمل على تعزيز ريادتها في سوق الطاقة العالمي النظيف، إذ أطلقت شركة قطر للطاقة قرارها الاستثماري النهائي بتوسعة إنتاج الغاز المسال لحقل الشمال الأكثر تنافسية عالمياً لرفع الطاقة الإنتاجية إلى 110 ملايين طن سنوياً بدءاً من عام 2025، بزيادة سنوية تقدر بنحو 43%، وباستثمارات تقدر بنحو 105 مليارات ريال وبشراكة مع شركات عالمية”.

ويؤكد أن هذه التوسعات تُمكن قطر من لعب دور كبير وهام في تلبية الطلب العالمي من الغاز الطبيعي المسال، الذي يتزايد الطلب عليه، واحتلال الريادة في الإمدادات الآمنة والمستقرة، ولا سيما لقارتي آسيا وأوروبا اللَّتين تفتقران إلى موارد الطاقة النظيفة.

وتعتمد قطرعلى بناء رؤية استراتيجية محكمة للتوسع في هذه الصناعة والتوسع في الأسواق العالمية، وفي بناء أكبر أسطول في العالم لنقل الغاز المسال، ما جعلها المصدر الوحيد الموجود في جميع أسواق العالم للغاز المسال في أميركا الجنوبية إلى أوروبا وآسيا، وخاصة الصين واليابان والهند، فشكَّل أسطول شركة ناقلات القطرية الذي يضم قرابة 174 سفينة وباخرة، بما يعادل نحو 12% من إجمالي القدرة العالمية الحالية لنقل الغاز الطبيعي المسال في العالم، وهذا عامل آخر يؤكد قوة قطر وريادتها عند رفع طاقتها لإنتاج الغاز الطبيعي المسال إلى 126 مليون طن سنوياً بعد 4 سنوات، بزيادة 64% عن مستوى الإنتاج الحالي البالغ 77 مليون طن سنوياً، وفق المصري.

استراتيجية للريادة

بدوره، يقول الخبير الاقتصادي، مراد كواشي، إن قطر وضعت استراتيجية متكاملة من أجل استمرار ريادتها العالمية في سوق الغاز الطبيعي، مؤكداً في حديث مع “العربي الجديد” أن الموقع الطاقوي لدولة قطر سيتعاظم في السنوات القليلة القادمة، فقد استفادت الدوحة من الظروف الجيوسياسية العالمية، خصوصاً بعد جائحة كورونا والحرب الروسية الأوكرانية، وزيادة الإمدادات في قارة أوروبا إلى جانب آسيا، ويتعاظم دور الدولة في هذا المجال يوماً بعد يوم.

ويدعم الريادة القطرية، الاحتياطات الكبيرة في غاز الشمال البالغة 1760 تريليون قدم مكعب، إضافة إلى أكثر من 70 مليار برميل من مكثفات وغاز البترول المسال والهيليوم، وكل المؤشرات الخارجية الدولية وسط استمرار الحرب الروسية وأزمة الطاقة التي يشهدها العالم وزيادة الطلب على الغاز وارتفاع أسعاره، إلى جانب الإمكانات الكبيرة الداخلية التي تحوزها من احتياطات وإنتاج وأسطول بحري يؤكد تصدر قطر سوق الغاز العالمي لسنوات، وفقاً للخبير كواشي.

ويتوقع أن تدخل قطر بقوة في أسواق الغاز الأوروبية، فقد قدمت حزمة من الإمدادات إلى القارة الباردة خلال الشتاء الماضي، بعد الانقطاع التام للغاز الروسي، وذلك رغم ارتباط الغاز القطري بعقود آسيوية آجلة، فهي تعمل بجهد كبير على توسِعة حقولها، ومنها حقل الشمال، فتحقق بذلك إنجازاتها الاقتصادية العالمية من دون مواقف سياسية، لافتاً إلى “اعتماد الدولة سياسات متوازنة ومرِنة مع كل الأطراف الدولية، في الشرق والغرب، وهذا ما أعطاها القوة والمكانة العالمية في حماية سلاسل التوريد ومنع حدوث أزمات دولية حادة”.

شراكات عالمية

ووفق المحلل الاقتصادي، محمد حمدان، فقد استفادت قطر من عاملين أساسيين: الأول الحرب الروسية الاوكرانية، فاندلاع هذه الحرب ألقى بتداعياته على سوق الطاقة في العالم، فاستفادت من ذلك كثيراً، لأن لديها علاقات مع شركاء موثوقين في السوق الآسيوي، ولكن الجديد بالنسبة إلى قطر أنها انفتحت على الاتحاد الاوروبي وفتحت سوقاً جديدة بصفتها مصدراً موثوقاً به في سوق الغاز العالمي.

أما العامل الثاني، كما يوضح حمدان، فهو ارتفاع أسعار الطاقة على المستوى العالمي في عام 2022، حيث وصلت الأسعار مع اندلاع شرارة الحرب الروسية على أوكرانيا إلى أكثر من 130 دولاراً لبرميل النفط، وبالتالي قطر استفادت من هذه الأسعار المرتفعة على صعيد زيادة أسعار الغاز أيضاً، ما انعكس إيجاباً على فوائض موازنة قطر للعام الماضي، الذي بلغ 89 مليار ريال بزيادة قياسية بلغت نحو 5500%، مقارنة بالفائض المحقق لعام 2021 الذي لم يتجاوز 1.6 مليار ريال.

ويشير حمدان، في حديثه مع “العربي الجديد”، إلى زيادة قطر للطاقة من الاستحواذات واتفاقيات الشراكة، ونجحت في بناء محفظة تنقيب واستكشاف في حزمة من مناطق التنقيب الدولية. على سبيل المثال، دخلت قطر السوق المصري والسوق الأفريقي في موزمبيق وموريتانيا، وأيضاً قبرص وناميبيا والبرازيل وكندا وخليج المكسيك الأميركي وغيانا وسورينام وناميبيا وأنغولا وجنوب أفريقيا، وانضمت إلى تحالف التنقيب عن النفط والغاز في لبنان وغيره، وبكل تأكيد ستكون لهذه الشراكات نتائج ايجابية تعود بالنفع على قطر للطاقة، وتعزز من موقعها كواحدة من شركات الطاقة التي لديها خبرة واسعة جداً في مجال التنقيب والاستخراج والتسويق على مستوى العالم.

وأبرمت شركتان تابعتان لكل من قطر للطاقة و”إكسون موبيل” في أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، اتفاقاً تقوم بموجبه كل منهما باستلام وتسويق حصتها من الغاز الطبيعي المسال التي سينتجها مشروع “غولدن باس” لتصدير الغاز الطبيعي المسال، الواقع في ولاية تكساس بالولايات المتحدة، فتتولى شركة قطر للطاقة استلام ونقل وتسويق 70% من إنتاج مشروع “غولدن باس” من الغاز الطبيعي المسال، الذي تبلغ طاقته الإنتاجية الإجمالية ما يزيد على 18 مليون طن سنوياً، إذ من المتوقع أن يبدأ إنتاج الغاز الطبيعي المسال بحلول نهاية عام 2024.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى