أخبارتونس

حذف وزارة التكوين المهني والتشغيل من تركيبة حكومة المشيشي..يُثير جدلاً

أثار حذف حقيبة وزارة التكوين المهني والتشغيل من تركيبة الحكومة المقترحة التي أعلن عنها منتصف ليلة أمس الاثنين رئيس الحكومة المكلف هشام المشيشي، استياء مراقبين اعتبروا هذا القرار « خاطئا ومتسرعا وستكون له تداعيات سلبية على النهوض بالتشغيل ».

وقد تضمنت تركيبة حكومة المشيشي المقترحة التي من المنتظر عرضها قريبا على جلسة منح الثقة بمجلس نواب الشعب، 25 وزارة و3 كتابات دولة، لكن قائمة الوزارات لم تتضمن حقيبة وزارة التكوين المهني والتشغيل، وتم في المقابل إلحاق تسمية « الإدماج المهني » بحقيبة وزارة الشباب والرياضة، مع تعيين كاتبة دولة لدى وزير الشباب والرياضة والادماج المهني.

وأثارت هذه الخطوة تحفظات وزير التكوين المهني والتشغيل الأسبق فوزي عبد الرحمان الذي قال في تصريح لوكالة تونس إفريقيا للأنباء اليوم الثلاثاء، إن إلحاق التكوين المهني والتشغيل بوزارة الشباب والرياضة تحت مسمى « الإدماج المهني » هو « قرار متسرع وخاطئ وغير مدروس ويجب التراجع عنه ».

وعبر عبد الرحمان عن استغرابه من إلغاء وزارة التكوين المهني والتشغيل، التي تشرف على 4 وكالات كبرى تعنى بقطاعي التشغيل والتكوين المهني، معتبرا أنه « من غير المعقول القيام دمج وزارة التكوين المهني والتشغيل بوزارة الشباب والرياضة نظرا للاختلاف الكبير في أنشطة ومسؤوليات الوزارتين ».

ومضى متسائلا « لم أفهم كيف يمكن إدماج وزارة التكوين المهني والتشغيل التي تشغل أكثر من 10 آلاف موظف وتشرف على أربع وكالات كبرى وعلى أكثر من 200 مركز تكوين عمومي و200 مركز تكوين مهني خاص، في وزارة الشباب والرياضة؟ ».

وتشرف وزارة التكوين المهني والتشغيل على أربعة وكالات تعنى بالتشغيل والتكوين المهني وهي الوكالة التونسية للتكوين المهني، والمركز الوطني لتكوين المكونين وهندسة التكوين، والمركز الوطني للتكوين المستمر والترقية المهنية، والوكالة الوطنية للتشغيل والعمل المستقل.

ويرى الوزير السابق للتكوين المهني والتشغيل أن رئيس الحكومة المكلف هشام المشيشي قد « تسرع » في اتخاذ قرار دمج الوزارة دون استشارة المهنيين والمختصين في مجال التشغيل والتكوين المهني، داعيا إلى إعادة النظر في هذا الدمج وجعل وزارة التكوين المهني والتشغيل قائمة بذاتها.

وأضاف إن « التشغيل اليوم حسب آخر استطلاعات الرأي يأتي على رأس مطالب التونسيين وحذف تسمية وزارة التكوين المهني والتشغيل من تركيبة الحكومة يقدم رسالة خاطئة بأن التشغيل لا يأتي على رأس أولويات الحكومة وكأنه لا توجد مشكلة بطالة في البلاد ».

وقد ارتفعت نسبة البطالة إلى 18 بالمائة، خلال الثلاثي الثاني من سنة 2020 مقارنة بالثلاثي الأول حيث كانت في حدود 15.1 بالمائة، حسب ما أفرزته نتائج المسح الوطني حول السكان والتشغيل للثلاثي الثاني من سنة 2020 للمعهد الوطني للإحصاء.

وتساءل عبد الرحمان عن مدى قدرة وزير الشباب والرياضة على متابعة المشاغل الكبرى في مجال التكوين والتشغيل وتطبيق سياسات عمومية ناجحة في هذا المجال وتنزيل قانون تشغيل أصحاب الشهائد العليا الذين طالت بطالتهم أكثر من 10 سنوات، وقانون الاقتصاد الاجتماعي التضامني على أرض الواقع.

ومن جانبه، أعرب رئيس المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية عبد الرحمان الهذيلي في تصريح لوكالة تونس إفريقيا للأنباء عن « صدمته » من حذف حقيبة وزارة التكوين المهني والتشغيل من تشكيلة الحكومة المقترحة من قبل هشام المشيشي ودمجها بوزارة الشباب والرياضة.

وقال الهذيلي إن هذه الخطوة تعكس « غياب الارادة للنهوض بالتشغيل والتكوين »، في وقت، تدل كل المؤشرات على أن البلاد تتجه في الفترة القليلة المقبلة إلى احتقان اجتماعي كبير في ظل تدهور المعيشة وغياب الحلول لمعالجة معضلة البطالة والفقر، وفق رؤيته.

وأضاف إن « الحاق وزارة التكوين المهني والتشغيل بوزارة الشباب والرياضة رغم كل الاختلافات في أنشطتهما ومشاغلهما الكبرى، هو خطأ كبير سيكون له تداعيات سلبية على النهوض بالتشغيل وإدماج حاملي الشهائد العليا والمتخرجين من مراكز التكوين المهني في سوق الشغل ».

وانتقد الهذيلي « ضعف » أداء السياسات العمومية لدى الحكومات المتعاقبة بعد الثورة في النهوض بالتشغيل واكتفائها بمجرد مسكنات عبر اتخاذ حلول ترقيعية لمعالجة مشكلة البطالة التي يعاني منها آلاف الشباب، جزء منهم أصبح يلقي بنفسه في عرض البحر، ضمن رحلات هجرة غير نظامية، بحثا عن مستقبل أفضل »، وفق تصريحه.

وبدوره، اعتبر الخبير الاقتصادي والاجتماعي والمدير العام السابق لمركز الدراسات والبحوث التابع لوزارة التعليم العالي رضا الشكندالي أنه « كان من الأجدر الإبقاء على حقيبة التكوين المهني والتشغيل قائمة الذات نظرا إلى وجود فجوة كبرى بين منظومة التعليم وسوق الشغل ».

ورغم إشارته الى امكانية تبرير إدماج ملف التشغيل بوزارة الشباب والرياضة أو بوزارة الشؤون الاجتماعية، إلا أنه أكد أن ملف التكوين المهني يبقى « حلقة مفقودة » بين منظومة التعليم وحاجيات سوق الشغل « وهو أمر يتطلب الإبقاء على وزارة التكوين المهني لرسم السياسات العمومية للإدماج المهني ».

وقال الشكندالي لوكالة تونس إفريقيا للأنباء إن ملف التشغيل ليس مسؤولية وزارة واحدة وإنما مسؤولية مشتركة بين جميع الوزارات ضمن رؤية اقتصادية واجتماعية شاملة ومتكاملة، مرجحا أن تلعب وزارة والاقتصاد والمالية في الحكومة الجديدة دورا أساسيا في دفع التشغيل.

ولاحظ أن النهوض بالتشغيل يبقى رهين سياسات اقتصادية واجتماعية ناجحة ورهين الكف عن التجاذبات السياسية والتوترات الاجتماعية، مشيرا إلى أنه لا يمكن النهوض بالتشغيل إلا عبر تحقيق النمو الاقتصادي ودفع الاستثمار عبر انتهاج سياسات عمومية ناجعة.

وعزا المتحدث ارتفاع نسبة البطالة إلى 18 بالمائة أساسا إلى وجود سياسات عمومية خاطئة لا تشجع على الاستثمار نتيجة الترفيع في نسب الفائدة واعتماد سياسة صرف خفضت في قيمة الدينار، مما أدى إلى « ارتفاع كلفة توريد المواد الأولية فضلا عن مناخ انعدام الثقة بين رأسي السلطة التنفيذية وبين الأحزاب مما خلق حالة من الضبابية لا يمكن معها تحقيق نمو اقتصادي يحلحل ملف التشغيل ».

يشار إلى أن الناتج المحلي الإجمالي كان قد انخفض بشكل كبير في الثلاثي الثاني من العام الجاري ليصل إلى نسبة 21,6- بالمائة مقارنة بنفس الفترة في سنة 2019، وفق آخر تحيين نشره المعهد الوطني للإحصاء بتاريخ 15 أوت الجاري.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى