أخبارتونس

تونسيون مستاؤون من فقدان أهاليهم في الحج

“نبحث عن والدتي الحاجة سلطانة الجويلي منذ يوم عيد الأضحى المبارك لكن لا أثر لها.. بحثنا في كل المستشفيات واتصلنا بالقنصلية التونسية في جدة ولم نجدها”، بهذه الكلمات تحدث سعيد الجويلي، عن رحلة البحث عن والدته المفقودة في مكة.

ووفق محدثنا، فإنّ الحاجة سلطانة الجويلي (70 عامًا)، أصيلة بن قردان من ولاية مدنين، توجهت لأداء مناسك الحج رفقة زوجها عن طريق تأشيرة سياحية، حيث غادرا الأراضي التونسية منذ يوم 13 ماي الفائت.

وقال سعيد الجويلي، إنّ والدته أتمت مناسك الحج وكانت في صحة جيدة، غير أنها فقدت الوعي أثناء رحلة عودتها من مزدلفة رفقة زوجها الذي حاول دون جدوى تقديم الإسعافات الأولية لها بمفرده، قبل أن يتركها وحيدة ويتوجه للبحث عن مسعفين لنقلها إلى المستشفى.

وأضاف: “عند عودة والدي إلى المكان الذي تركها فيه لم يجدها لتنطلق منذ تلك اللحظة رحلة البحث المضنية والشاقة عن والدتي التي لا نعرف إلى اليوم إن كانت على قيد الحياة أم في عداد الأموات”.

وأكد محدثنا أنّ والده الحاج عمار الجويلي يعاني منذ تلك اللحظة من وضعية نفسية صعبة ويبذل قصارى جهده للبحث عن زوجته المفقودة بدعم من تونسيين تطوعوا بدورهم للبحث عن الحجيج التونسيين المفقودين.

كما أوضح أنّ العائلة اتصلت بالقنصلية التونسية في جدة وقدمت كل المعلومات اللازمة عن الحاجة المفقودة، مشيرًا إلى أنّ والده سيعود إلى الأراضي التونسية يوم 26 جوان/يونيو وأنه يأمل أن يعود رفقة والدته وليس بمفرده.

وقال سعيد إنّ والدته المفقودة اتصلت بهم ليلة عيد الأضحى وكانت في صحة جيدة وكانت سعيدة بتواجدها في مكة المكرمة لأداء فريضة الحجّ، موضحًا أنّ العائلة لا تزال تبحث عنها وكلهم أمل في إيجادها في القريب العاجل.

  • سالم شوشانة: والدتي الحاجة مبروكة شوشانة فُقدت في الازدحام

بدورها، تبحث عائلة شوشانة عن الحاجة مبروكة شوشانة (73 عامًا)، أصيلة ولاية تطاوين، التي فُقدت في الازدحام وهي في طريقها إلى مزدلفة لإتمام أركان الحج.

وأكد ابنها سالم شوشانة أنّ والدته توجهت لأداء فريضة الحج رفقة زوجها عن طريق تأشيرة سياحية، مشيرًا إلى أنها اختفت وهي في طريقة إلى مزدلفة.

وأضاف: “كانت تسير رفقة والدي وفجأة سقطت منها حقيبتها فالتفتت لالتقاطها غير أنها اختفت وبحث والدي عنها كثيرًا ولم يجد لها أثرًا، ولا نعرف منذ ذلك اليوم إن كانت والدتي حية ترزق أم توفاها الله أم أنها تائهة ولا تعرف طريق العودة”.

وتابع حديثه قائلاً: “كان من المفترض أن يعود والدايا إلى تونس يوم 23 جوان 2024، غير أن ذلك لم يحدث واضطر والدي للتمديد في فترة إقامته للبحث عنها في المستشفيات”.

وكانت آخر مكالمة هاتفية جمعت سالم بوالدته صباح يوم عرفة، كما أرسل لهم والده مقطع فيديو لها وهي بصدد القيام بمناسك الحج أين ظهرت وهي في صحة جيدة، وفقه.

وعن إجراءات البحث عن الحاجة المفقودة، أكد سالم شوشانة أنه يتم في مرحلة أولى الاتصال بقنصلية تونس في جدة أين يتم تقديم المعطيات اللازمة حول الحاج الضائع مثل رقم التأشيرة ورقم جواز السفر والاسم واللقب ومن ثم تبدأ عملية البحث عنه في المستشفيات وفي شوارع مكة ولدى الوحدات الأمنية.

ويأمل سالم أن يتم العثور قريبًا عن والدته وأن تكون في صحة جيدة خصوصًا وأنّ والده يعيش وضعية نفسية صعبة ويعاني من الإرهاق، مضيفًا أنّ القنصلية تشارك بدورها في عمليات البحث، بالإضافة إلى متطوعين من تونس.

  • متطوع: عمليات البحث متواصلة والحجيج تعرضوا لعملية تحيل

ومع ارتفاع عدد حالات الضياع في صفوف الحجيج التونسيين خصوصًا اللذين توجهوا لأداء فريضة الحج عن طريق تأشيرة سياحية، تطوعت مجموعة من التونسيين المقيمين في جدة ومكة والمدينة للبحث عن الحجاج المفقودين.

وكشف أحد المتطوعين التونسيين (مقيم في جدة) أنّ عمليات البحث عن الحجيج المفقودين متواصلة خصوصًا في المستشفيات، وذلك بالتنسيق مع القنصلية العامة لتونس بجدة.

وأضاف المتطوع الذي رفض الكشف عن هويته، أنّ قائمة الحجيج المفقودين التي بحوزتهم تحتوي على حوالي 60 حاجًا بلّغ أهاليهم عن اختفائهم أثناء أداء مناسك الحج، مضيفًا أن القائمة انحصرت الآن في نحو 7 حجاج فقط لا تزال عائلاتهم تبحث عنهم، مرجحًا أن بقية الحجاج الموجودة أسماؤهم في القائمة تم العثور عليهم والتواصل مع عائلاتهم.

ووفق محدثنا، فإنّ عمليات البحث عن الحجاج المفقودين في مكة المكرمة تبدأ يوميًا مع ساعات الصباح الأولى وتتواصل حتى آخر النهار على أمل أن يتمّ العثور عليهم ومعرفة مصيرهم وطمأنة عائلاتهم.

كما أكد في ذات السياق، أنّ عمليات البحث بدأت في مرحلة أولى في مكة المكرمة وفي كل المستشفيات على أن يتمّ بعد ذلك توسيع دائرة البحث في الطائف وجدة، مؤكدًا أنّ الشهادات أثبتت أن آلاف الحجيج تعرضوا لعميات “تحيّل واستغلال” من قبل وكالات الأسفار في إطار ما بات يعرف بـ “الحج السياحي”.

وأشار إلى أنّ آلاف الحجيج التونسيين كانوا في حالة صدمة وفي وضعية صحية ونفسية صعبة ولا يعرفون مناسك وشعائر الحج، مما يعني أنهم لم يتلقوا دورات تدريبية في تونس، داعيًا إلى “محاسبة وكالات الأسفار وكل من استغل الحجيج لربح أموال طائلة”.

وأكد أنّ “الحجيج تعرضوا للاستغلال حتى وهم داخل مكة، حيث وجدوا أنفسهم مجبرين على شراء الماء والغذاء والتنقل لأداء فريضة الحجّ بأسعار خيالية من قبل سماسرة العمرة والحج”، حسب قوله.

كما أوضح أنّه تم تسجيل حالات ضياع في صفوف حجيج من البعثة الرسمية وأنه تم العثور قبل يومٍ على حاج كان في وضعية صحية ونفسية صعبة، معربًا عن أمله في أن يتمّ تجاوز كل هذه الإشكاليات في مواسم الحج القادمة وحماية الحجيج من هؤلاء “السماسرة” ومن “جشع” وكالات الأسفار، حسب تعبيره.

ورافق موسم الحج لسنة 2024 كثير من الجدل والانتقادات وذلك بالتزامن مع ارتفاع عدد الوفيات في صفوف الحجيج والإبلاغ عن ضياع العشرات منهم وتعرض آخرين لوعكات صحية نتيجة ارتفاع درجات الحرارة وعدم توفر وسائل نقل تُسهل عملية تنقلهم.

وأظهرت القائمة المحيّنة التي نشرتها القنصلية العامة للجمهورية التونسية بجدة، ظهر الاثنين 24 جوان 2024، ارتفاع عدد الحجيج التونسيين المتوفين بالبقاع المقدسة إلى 60 حاجًا.

وكانت وزارة الخارجية التونسية قد أكدت السبت 22 جوان الجاري، أنّ “القنصلية العامة لتونس بجدة، تواصل بشكل حثيث، وبالتنسيق مع سفارتها بالرياض والبعثة الصحية التونسية، وشركة الخدمات الوطنية والإقامات، متابعة وضعيات الحجيج التونسيين من المفقودين والمتوفين والمرضى”.

وللإشارة، فقد أنهى الرئيس التونسي قيس سعيّد، الجمعة 21 جوان 2024، مهام وزير الشؤون الدينية إبراهيم الشائبي الذي كان يرأس كذلك بعثة حجيج تونس في موسم الحج لسنة 2024.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى