تمكّنت الوحدة الوطنيّة للبحث في الجرائم الماليّة المتشعّبة بإدارة الشرطة العدليّة من تفكيك شبكة دوليّة مختصّة في غسل الأموال المتأتيّة من الاتجار بالبشر في مجال الهجرة غير الشرعيّة ينشط بها مجموعة من الأشخاص (يحملون جنسيّات دول إفريقيّة مختلفة بمعيّة متصرّف مركزي للبريد بإحدى المناطق من ولاية نابل بمعيّة شخص ثانٍ يشغل خطّة عون بفرع البريد التونسي بمنطقة مجاورة).
ويأتي ذلك إثر تعهّد الوحدة المذكورة بمباشرة الأبحاث يوم 8 نوفمبر الجاري، في شكاية مُثارة من قبل اللجنة التونسيّة للتحاليل الماليّة متعلّقة بتصريح بشبهة صادرة عن البريد التونسي بخصوص انتفاع شخص (يحمل جنسيّة إحدى الدّول الإفريقيّة)، بمجموعة من الحوالات في دقيقة بلغت قيمتها ما يفوق مبلغ 450 ألف دينار، حسب ما أفادت به وزارة الداخليّة في بلاغ لها اليوم الأربعاء 16 نوفمبر 2022.
وأوضحت الداخليّة أنّه بمباشرة الأبحاث تبيّن أنّه تمّ خلال الفترة الممتدّة من سنة 2020 إلى غاية سنة 2022، القيام بحوّالات بريديّة في دقيقة بمبالغ متفاوتة بلغت قيمتها الجمليّة حوالي 450 ألف دينار انتفع بها أحد المظنون فيهم، حيث قام المتصرّف المركزي للبريد التونسي بالمنطقة المذكورة القيام بجلّ الحوالات المذكورة باستعمال اسمه الشخصي ورقم بطاقة تعريفه الوطنيّة وصفته كمُرسل.
وأضافت الوزارة أنّه بمزيد تعميق التحرّيات وتحليل البيانات والتدفقات الماليّة، تبيّن أنّ المظنون فيه الرّئيسي (يحمل جنسيّة إحدى الدّول الإفريقيّة) هو من يتكفّل بجلب الأشخاص الأفارقة من جنوب الصّحراء وإدخالهم إلى تونس بطريقة غير شرعيّة مقابل حصوله على عمولات ماليّة في حدود 5 آلاف دينار على الشخص الواحد.
كما يتولّى المعني في مرحلة ثانية التوسّط لهم مع عدد من الأشخاص بولايتيْ صفاقس والمهديّة لتنظيم عمليّات هجرة سرية إلى أوروبا مقابل حصوله كذلك على عمولات في الغرض يتحصّل عليها عن طريق حوالات بريديّة من داخل البلاد التونسيّة ودوليّة عبر بطاقات بريديّة، وفق الداخليّة.
وتابعت وزارة الداخليّة في بلاغه، أنّه بتقدّم الأبحاث وتحليل التدفّقات الماليّة المجراة على فرعي البريد التونسي بمعتمديّتين تابعتين لولاية نابل، تبيّن أنّه تمّ خلال الفترة الممتدّة من يوم 29 أوت 2022 إلى غاية 10 نوفمبر 2022، القيام بعمليّات تنزيل نقدا على حساب بطاقة بريديّة باسم أحد الأشخاص (تونسي الجنسيّة) بلغت قيمتها الجمليّة 1.582 مليون دينار، حيث بالحصول على كشف للمعاملات الماليّة المُنجزة عبر البطاقة المذكورة اتّضح أنّ جلّ التنزيلات قام بها شخصين.
وبإجراء جُملة من التحرّيات الميدانيّة، أمكن ضبط شخص وحجز لديه 6 بطاقات بريديّة من بينها البطاقة موضوع قضيّة الحال، وبالتحرّي معه اعترف في ذات السّياق، باحتكاره للسّجائر من خلال تجميعها من لدى عدد من المحلات المعدّة للغرض، ومن ثمّ التفويت فيها بالبيع لأحد المظنون فيهم الذي يتولّى خلاصه في قيمتها عن طريق تنزيلات نقدا عبر بطاقته البريديّة.
كما تبيّن من خلال تعميق التحرّيات أنّه يتمّ نقل كميات السّجائر المجمّعة عن طريق 4 أشخاص مقابل حصولهم على عمولة تقدّر بـ 50 دينار عن الكرتونة الواحدة (يتم جلب 10 كراتين في كل شحنة لكلّ واحد منهم خلال مناسبتين في الأسبوع الواحد)، وفق بلاغ وزارة الداخليّة.
وصرّحت الداخليّة في بلاغها، أنّه أمكن إلقاء القبض على جميع المظنون فيهم (08 أشخاص من ضمنهم المورط الرّئيسي الحامل لجنسيّة إحدى الدّول الإفريقيّة) وبمراجعة النيابة العموميّة بالقطب القضائي الإقتصادي والمالي، أذنت بالإحتفاظ بهم جميعا على ذمّة الأبحاث المتواصلة، كما تمّ حجز 06 سيّارات تقدر قيمتها الماليّة الجمليّة بحوالي 400 ألف دينار وكمية من السّجائر التونسيّة والمساعي حثيثة للكشف عن بقيّة أفراد الشبكة لإلقاء القبض عليهم.