تستعد مدينة بنغازي الليبية لاحتضان حدث أمني أفريقي غير مسبوق أواخر شهر أوت المقبل، حيث ستستضيف، في الفترة ما بين 20 و27 من الشهر ذاته، اجتماعات لجنة أجهزة الأمن والمخابرات الأفريقية “سيسا 20” حيث اكتملت الاستعدادات اللوجستية والتنظيمية لانطلاقة هذا الحدث، الذي سيشهد مشاركة ممثلين عن نحو 54 وكالة أمنية واستخباراتية من مختلف أنحاء القارة.
هذا التجمع الأمني والاستخباراتي، الذي يعد من بين الأكبر على مستوى القارة، سيشكل منصة لتبادل الخبرات وتعزيز التنسيق في مواجهة التحديات المشتركة.
ومن المنتظر أن يتضمن المؤتمر سلسلة من الندوات وورش العمل التي تغطي طيفاً واسعاً من القضايا ذات البعد الأمني والاستراتيجي، أبرزها: الأمن القومي، الأمن الغذائي، قضايا الهجرة وتوطين المهاجرين، التحديات الأمنية في الأزمات، الأمن المائي والزراعي، بالإضافة إلى آليات التنسيق الاستخباراتي بين الدول الأفريقية.
ويرى مراقبون أن اختيار بنغازي لاحتضان هذا الحدث يعكس رغبة ليبيا في العودة إلى الساحة الإقليمية كلاعب محوري في الملفات الأمنية، خصوصاً بعد سنوات من التحديات السياسية والاضطرابات الداخلية.
كما يُنتظر أن تساهم هذه الاجتماعات في بلورة استراتيجيات مشتركة لمواجهة المخاطر العابرة للحدود، مثل الإرهاب والجريمة المنظمة والهجرة غير النظامية، التي تمس استقرار القارة بأكملها.
على الصعيد الأوسع، يأتي انعقاد “سيسا 20” في وقت تشهد فيه أفريقيا تزايداً في حدة أزمات الأمن الغذائي والمائي، ما يجعل إدراج هذه الملفات ضمن جدول أعمال الاجتماعات إشارة واضحة إلى أن الأمن بمفهومه الشامل يتجاوز الجوانب العسكرية والاستخباراتية ليشمل الركائز الاقتصادية والاجتماعية.
ويُنتظر أن يشكل هذا الحدث فرصة لإعادة رسم ملامح التعاون الأمني في أفريقيا، خاصة إذا ما أفرزت مداولاته آليات تنسيق عملية بين الأجهزة الاستخباراتية، بما يعزز من القدرة الجماعية على التنبؤ بالمخاطر والتعامل معها قبل تفاقمها.
وفي حال نجاح بنغازي في تنظيم واستضافة هذا الحدث وفق أعلى المعايير، فقد يمهد ذلك الطريق لمزيد من الانفتاح الإقليمي والدولي على ليبيا، باعتبارها منصة للحوار الأمني الأفريقي.
ملاك الشوشي
