خاصقضايا وآراء
العدالة أو الفوضى.. مواجهة أمنية مؤجلة وامتحان صعب جدا لمؤسسات الدولة !!
بقلم وصفي بصيلة (صحفي تونسي ) – تنامى في الأيام الأخيرة خطاب متعصب متشدد يقطر عنفا وينبىء بمواجهة خطيرة بين عدد من الجماهير الرياضية و أعوان الأمن. هذا الخطاب الذي يدخل في سبات حينا و يستيقظ متوهجا أحيانا أخرى. هذا الملف الحارق الذي يقض مضاجع المسؤولين ويخشاه الجميع يترجم ضعف المؤسسات و تهور قطاعات واسعة من الناس وتطاول فئة المنحرفين على أجهزة الدولة و تقصير عديد الأمنين.
****المؤسسة الأمنية، انهكتها السياسة و نخرها الفساد و افسدها التهاون***
تمثل المؤسسة الأمنية إحدى أهم وأقوى الأجهزة في الدولة التونسية عبر تاريخها، وبلغت هذه المؤسسة أعلى رتب الحكم والإدارة والسلطة. و يضيق هنا المجال لتقييم عملها و مردوديتها و سأكتفي ببعض الإشارات لوضعيتها الحالية في خضم مجريات أمنية وسياسية و شعبية دقيقة وخطيرة.
1 تعاني المؤسسة الأمنية في السنوات الأخيرة من قصف إعلامي وسياسي عنيف و موجه أربكها و ادخل الخوف و التوجس في قيادتها وباتت تسيطر على مخيلة ” زعمائها ” مشاهد الوقوف في أروقة المحاكم و هوس القضبان مما جعل أغلبهم يحترفون شعار “اخطى راسي واضرب”، وهنا تراجع الأداء والرقابة والالتزام واهتزت العقيدة وانتشر الارتياب.
2 اقتحام السياسيين للحصن الرمادي في شارع الحبيب بورقيبة و افتكاكهم مقود القيادة الإدارية والامتيازات وسلطة القرار في السنوات الأخيرة وفقا لحسابات سياسية و أهواء حزبية مما جر عديد الأمنيين إلى مستنقع الرغبات السياسية و خدمة الأجندات الموازية و الخارجة عن نطاق العقيدة الأمنية. بالإضافة إلى الانتدابات المشبوهة و الفراغ التكويني والصراع مع بعض قوى المجتمع المدني( نقابات، منظمات)
3 فقدت وزارة الداخلية السيطرة على عديد مكوناتها( بشرية و هيكلية و معلوماتية) وأصبحت هدفا لذوي النفوذ و العصابات و الفاسدين بسبب تفشي ظاهرة الرشوة وتورط كوادر وأعوان في قضايا مختلفة( تزوير، رشوة، عنف، تهريب ، ترويج مخدرات…) و افلاتهم من العقاب والمحاسبة. ولئن كانت هذا السلوكيات موجودة الا أنها تفاقمت في السنوات الأخيرة
*** التهور المجتمعي و فساد السلوك العام***
الوضع الأمني المتدهور وتفشي الجريمة والعنف لا يعد مسؤولية المؤسسة الأمنية فقط، وإنما هو تصرف جماعي و مظهر عام أضحى يخيم على حياة التونسيين:
1 في السنوات الأخيرة ساد سلوك التهور والانحراف والجريمة والافلات من العقاب والتطاول على الأجهزة لدى عديد الفئات في مختلف الأوساط. فانتشرت المجموعات المارقة عن القانون بل وأصبحت أحياء ومدن و عائلات وقبائل معينة تتباهى بجبروت عنفها و شدة انحرافها مستندة إلى “معارفها” و “رشاويها” و “حاميها” و ” جرأتها” و “عروشها”
2 هناك مزاج عام ضد كل ماهو نظام عام بفعل تخمة الحرية و سوء فهم التعبير و غطاء الحقوق و فلكلور الحرية.. فأصبح التخريب والتعدي على الملك العام والمؤسسات و إثارة النعرات ” مطالب مشروعة” و “حرية تعبير” تنتصب مالموائد الإعلامية والحقوقية تبرره و تدافع عنه.
إن تهاون وضعف وانخرام وفساد المؤسسة الأمنية و حالة التسيب والفوضى والجريمة التي تعشش في اذهان قطعان من الناس تفتح الطريق نحو ساحة التطاحن والمواجهة والانهيار و ألعوبة ” العدالة أو الفوضى” لا تخرج عن هذا المسار.