عربي

الدورة 44 للجمعية العامة لاتحاد إذاعات الدول العربية: تعزيز التعاون الإعلامي والتطوير التكنولوجي تحت رئاسة المملكة

بدأت اليوم بمدينة الحمامات التونسية أعمال الدورة 44 للجمعية العامة لاتحاد إذاعات الدول العربية، تحت رئاسة المملكة العربية السعودية، ممثلةً في الرئيس التنفيذي لهيئة الإذاعة والتلفزيون محمد بن فهد الحارثي، وبحضور شخصيات بارزة من الساحة الإعلامية والسياسية في العالم العربي، من بينهم وزير السياحة التونسي سفيان تقية، والأمين العام المساعد لقطاع الإعلام والاتصال بجامعة الدول العربية، الأستاذ أحمد رشيد الخطابي، بالإضافة إلى رؤساء الهيئات الإعلامية العربية وأعضاء المجلس. الدورة التي تمتد لمدة يومين، تشكل منصة مهمة لمناقشة القضايا الإعلامية والتحديات التي تواجه الإعلام العربي، فضلاً عن استشراف آفاق التعاون المستقبلي على مختلف الأصعدة.

الإعلام العربي: بين التحديات والفرص

في كلمته الافتتاحية، سلط محمد بن فهد الحارثي، رئيس الاتحاد، الضوء على الأهمية المتزايدة لدور الإعلام في العصر الراهن، وأكد أن هذا اللقاء يمثل فرصة سانحة لتوحيد الجهود وتعزيز التعاون بين المؤسسات الإعلامية العربية والإقليمية والدولية. وقال الحارثي إن الإعلام لا يزال يلعب دوراً محورياً في تشكيل الرأي العام، وهو أداة قوية لنقل الحقائق وبناء جسور التواصل بين الشعوب. كما أشار إلى ضرورة تطوير الصناعات الإعلامية في المنطقة وتقديم محتوى يساهم في بناء مجتمعات أكثر استدامة وتسامحاً.

وأضاف الحارثي أن العمل الإعلامي المشترك يجب أن يرتكز على دعم القيم الإنسانية كالتسامح والسلام، وأن هذه القيم ليست مجرد شعارات بل أسس ينبغي أن يركز عليها الإعلام العربي في محتواه. وأشار إلى أن الإعلام يجب أن يصبح مرآة تعكس الواقع الحقيقي للشعوب العربية، وأن هناك مسؤولية كبيرة على عاتق الإعلاميين والمبدعين العرب لتقديم صورة حضارية عن المنطقة.

التبادل الإعلامي: استخدام التكنولوجيا لتعزيز التعاون

من جهته، أشار المهندس عبدالرحيم سليمان، المدير العام لاتحاد إذاعات الدول العربية، إلى التطورات التي شهدتها حركة التبادل الإعلامي بين الدول العربية في العام المنصرم، لا سيما عبر استخدام التقنيات الحديثة. وتحدث عن منصة “اسبو كلاود” التي أسهمت في تعزيز التبادل الإخباري بين الدول العربية، مشيراً إلى أن الاتحاد أتاح لمؤسساته الأعضاء الوصول إلى أكثر من 12 ألف مادة إعلامية في عام 2024، وهو ما يعكس تحسناً كبيراً في مستوى التعاون الإعلامي العربي.

وأكد سليمان على ضرورة الاستمرار في استخدام هذه التقنيات الحديثة لتوفير تغطية إعلامية حيادية ودقيقة للقضايا الراهنة، مثل القضية الفلسطينية، التي كانت في صدارة أجندة الاتحاد. وقال إن الحيادية لا تعني التغاضي عن القضايا العادلة، بل هي التزام بتقديم الحقائق كما هي، وخاصة في مناطق النزاع التي تتطلب تغطية إعلامية منصفة وواضحة.

وأضاف أن الاتحاد أصبح في مقدمة المنظمات الإعلامية التي تدير التبادل الإخباري الدولي، مشيراً إلى زيادة عدد الأخبار التي استقبلها الاتحاد من اتحاد إذاعات الدول الأوروبية، حيث وصل العدد إلى أكثر من 600 خبر، وهو ما يعكس أهمية الدور الذي بات يلعبه الاتحاد على الصعيد الدولي. كما تم تسليط الضوء على الإنجازات التي حققها الاتحاد في مجال تدريب الإعلاميين، وخاصة من خلال أكاديمية “اسبو أكاديمي” في تونس، التي أصبحت واحدة من المراكز المتقدمة على مستوى العالم في تدريب الإعلاميين على التكنولوجيات الحديثة وأسس العمل الإعلامي المتخصص.

الإعلام والسياحة: شراكة استراتيجية

أشار وزير السياحة التونسي سفيان تقية إلى أهمية الإعلام في دعم السياحة العربية، باعتباره أداة رئيسية في الترويج للوجهات السياحية في الدول العربية، بالإضافة إلى دوره في إبراز التنوع الثقافي والجمالي لهذه البلدان. وأكد أن الإعلام يعد عاملاً أساسياً في تنمية قطاع السياحة، مشدداً على ضرورة تعزيز التعاون بين الإعلام والقطاع السياحي من أجل تحسين الصورة الذهنية للوجهات السياحية العربية على المستوى الدولي.

وأكد تقية أن تونس، التي تحتضن مقر الاتحاد العربي لإذاعات الدول العربية، تولي اهتماماً كبيراً لتعزيز التعاون العربي المشترك في مجالات متعددة، خاصة في المجال السياحي، سعياً نحو تحقيق اندماج اقتصادي عربي. وأشاد بالدور الكبير الذي يلعبه اتحاد إذاعات الدول العربية في دعم الاستثمارات السياحية، مشيراً إلى مشروعات الاتحاد الاستثمارية التي تهدف إلى تعزيز دوره على الساحة العالمية، ومنها مشروع “اسبو لنك سنتر” الذي يُتوقع أن يكون نقطة محورية لاحتضان فعاليات الاتحاد في المستقبل.

الابتكار في الإعلام: التوجه نحو المستقبل

من خلال هذا الحدث، يتضح أن اتحاد إذاعات الدول العربية يعكف على تطوير استراتيجياته لتعزيز دوره في العصر الرقمي. فالتكنولوجيا الحديثة أصبحت جزءاً لا يتجزأ من استراتيجيات العمل الإعلامي، والاتحاد يسعى إلى دمج الذكاء الاصطناعي في تطوير محتوى الأخبار والبرامج، وتوسيع نطاق التبادل الإعلامي بين الدول العربية والعالم. ويعد “اسبو أكاديمي” نموذجاً حياً على ذلك، حيث يتم تدريب أكثر من 500 إعلامي سنوياً على أحدث التقنيات في الإعلام الرقمي، مع خطط لتوسيع هذه الدورات لتشمل أعداداً أكبر في السنوات القادمة.

الثقافة والفن: رسالة إعلامية بين الأنغام والأحلام

وفي ختام اليوم الأول من الدورة، قدمت فقرة فنية كوريغرافية تحت عنوان “أنغام وأحلام”، من أداء باليه سهام بالخوجة، والتي قدمت لوحات راقصة تعكس التنوع الثقافي والتاريخي للدول العربية، بداية من لوحة دعم الشعب الفلسطيني في غزة، مروراً بمختلف المحطات الثقافية التي تميز كل بلد عربي. هذه الفقرة كانت بمثابة رسالة رمزية، تعكس القيم الإنسانية التي يتبناها الاتحاد في مواقفه الإعلامية والفنية.

المستقبل الإعلامي العربي: خطوة نحو التطوير المستدام

في اليوم الثاني من الدورة، سيتم تنظيم ندوتين متخصصتين تبحث الأولى في “الحرب على الحقيقة: أي دور للإعلام في مواجهة التزييف والتضليل؟”، بينما ستتناول الثانية موضوع “الإذاعة والتلفزيون في عهد التقارب الرقمي والبث متعدد المنصات”. هذه المناقشات تشكل فرصة للمشاركين لاستكشاف التحديات التي يواجهها الإعلام في العصر الرقمي، كما تسلط الضوء على كيفية تكامل الوسائط المختلفة لضمان وصول رسالة الإعلام العربي إلى جميع أنحاء العالم.

إن الدورة 44 للجمعية العامة لاتحاد إذاعات الدول العربية تمثل محطة فارقة في مسيرة الإعلام العربي، حيث تعكس التوجهات الحديثة في استخدام التكنولوجيا الرقمية وتعزيز التعاون بين الدول العربية في مجال الإعلام. وقد أصبح من الواضح أن الاتحاد يسعى بقوة لتطوير الصناعات الإعلامية وتوسيع آفاق التعاون الدولي، في إطار رؤية استراتيجية تهدف إلى جعل الإعلام العربي أكثر تأثيراً وفاعلية في الساحة العالمية.

ملاك الشوشي

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى