أخبارتونسثقافةفنون

نيجيريا ولبنان في ضيافة أيام قرطاج السينمائية

في إطار فلسفة أيام قرطاج السينمائية الداعمة للثوابت وبعد نجاح فكرة استضافة سينماءات جنوب آسيا وأمريكا ضمن قائمة ضيوف الشرف إلى جانب بلد إفريقي وآخر عربي في دورتي 2017 و2018، تواصل أيام قرطاج السينمائية 2019 هذه التجربة المثمرة والتي تستضيف في هذه الدورة كل من نيجيريا عن إفريقيا، لبنان عن المنطقة العربية، اليابان عن آسيا والتشيلي عن أمريكا اللاتينية وبالتالي ترسخ أيام قرطاج السينمائية هويتها الإفريقية والعربية وتنفتح في الآن نفسه على سينماءات جديدة فيكون بذلك مهرجانا ثلاثي الأبعاد كما يصفه الراحل نجيب عياد.

وكان المدير العام لأيام قرطاج السينمائية 2019 الراحل نجيب عياد قد أكد في الندوة الصحفية لـ”الأيام” على هامش مهرجان كان السينمائي في دورته 72 على تميز سينماءات البلدان المختارة ضمن فعاليات سينما تحت المجهر وثراء تجربتها ورصيدها السينمائي.

وتعد السينما اللبنانية الحاضرة في فعاليات “تحت المجهر” من أقدم السينماءات العربية فقد عرفت بيروت الفن السابع منذ فتراته الصامتة ويعتبر فيلمي “بياعة الورد” و”كوكب أميرة الصحراء” لعلي العريس النواة الأولى لمشروع سينمائي لبناني لم تكتمل ملامحه إلا بقدوم جورج نصر أول مخرج يقدم سينما بلاده للعالم بفيلم “إلى أين”.

السينما اللبنانية، التي كانت في بداياتها منافسا شديدا للتجربة المصرية من منطلق دورها في تشكيل مرحلة مهمة من سينما “هوليود الشرق” على المستوى الفني والتقني إلا أن مرحلة الحرب كانت المنعرج، الذي غير توجهات السينما اللبنانية وحتى بعد انتهاء الحرب الأهلية بثلاث عقود ظل أسلوب هذه المرحلة طاغيا على تجارب صناع السينما في لبنان.

أمّا وصول التجربة اللبنانية للعالمية فكان بفضل عدد من السينمائيين والأفلام على غرار أعمال كل من زياد دويري ونادين لبكي وقبلهما جان شمعون ومارون البغدادي، الذي حاز فيلمه “خارج الحياة” سنة 1991 على جائزة لجنة تحكيم مهرجان كان السينمائي كأهم انجاز للسينما اللبنانية في الخارج في بداية التسعينات وجوسلين صعب، التي أخرجت قرابة 20 فيلما وثائقيا و4 أفلام روائية عن مدينتها بيروت، التي مزقتها الحرب طيلة سنوات. 

وفي أيام قرطاج السينمائية تحضر سينما لبنان تحت المجهر بــ 16 فيلما (10 أفلام طويلة و6 أفلام قصيرة) ومن بينها “غود مورنينغ” (Good Morning) لبهيج حجيج، “طيف المدينة” لجان شمعون، “حروب صغيرة” لمارون البغدادي، “سكر بنات” (Caramel) لنادين لبكي و”موجة 98″ لايلي داغر فيما يكون الافتتاح بفيلم “1982” لوليد مؤنس مرشح لبنان لمسابقة أفضل فيلم أجنبي، أوسكار 2020 إلى جانب المعرض التكريمي في الافتتاح والذي يعرض صور أفلام كلاسيكية لبنانية جمعها الفنان عبود أبوجودة. 

أمّا الضيف الإفريقي في فعاليات سينما تحت المجهر لأيام قرطاج السينمائية 2019 (دورة نجيب عياد) فسيكون “نوليوود” أو السينما النيجرية في مسماها التقليدي، هذه التجربة الاستثنائية، التي تمكنت من خلال مضامينها الفنية عن واقع القارة السمراء وقضاياها من إحداث حراك سينمائي لافت مكنها من احتلال المرتبة الثانية عالميا على مستوى انتاج الأفلام بعد “بوليوود”.

ومن نيجيريا اختارت “الجي.سي.سي” 9 أفلام  منها فيلم الافتتاح “موكاليك ” وهو آخر انتاجات كونلي أفولايان، غرين وايت غرين” للمخرج وكاتب السيناريو أبا تي ماكاما، “إزرا”  لنيوتن اي ادواكا، الذي سبق وشارك في لجنة تحكيم تكميل لأيام قرطاج السينمائية سنة 2014 و”October 1″ لكونل أفوليان المتوج بجوائز أفضل سيناريو، ممثل وفيلم في مهرجان افريقيا الدولي للسينما سنة 2014 كما يحضر أحد أبرز مخرجي السينما النيجيرية سي .جي.أوباسي صاحب فيلم “اوجوجو” إلى جانب فريق عمل فيلم “Oloture”. 

لا يمكن الحديث عن سينما أمريكا اللاتينية ومشاهدة أفلامها دون أن تكون التجربة التشيلية في مقدمة خيارات محبي السينما والشغوفين بفن سابع مغاير وبديل وفي سينما تحت المجهر، اختارت أيام قرطاج السينمائية 2019 (دورة نجيب عياد) 6 أفلام من التشيلي تعكس الحراك العميق عبر أجيال من المخرجين وصناع السينما. 

وتقترح هذه الفعالية على جمهور “الأيام” ضمن برمجتها فيلم “كابروس دي ميردا” لغنزالو جستنيانو في افتتاح الفعالية وسيكون المخرج حاضرا لتقديم فيلمه كما تضم برمجة سينما التشيلي تحت المجهر “إلموسيتو” (EL Mocito ) لمارسيلا سعيد وهو فيلم وثائقي طويل انتاج سنة 2012 وسبق وتوج بجائزة الأفق لأفضل فيلم وثائقي في مهرجان دوك في ميونيخ فيما يحضر ميغيل ليتين السينمائي التشيلي من أصل فلسطيني بفيلمه “داوسون اسلا 1” (Dawson isla 10  ويصور المخرج التشيلي الكبير راوول رويز في فيلم “Miroirs de Tunis” حوارا بين قصائد الشاعر التونسي عبد الوهاب المؤدب ومدينة مولده، تونس العتيقة. 

يقودنا وصف السينما اليابانية إلى عالم سحري تتماهى فيه الفنون البصرية ومفردات الحكي والخرافة ..فالسينما اليابانية وهي أٌقدم سينماءات في جغرافيتها الأسيوية تحمل في تجربتها ثراء وتنوعا وهوية منحت صناع أفلامها مكانة خاصة بين التجارب العالمية المؤثرة في الفن السابع فاليابان احتلت دوما مراتب متقدمة عالميا على مستوى انتاج الأفلام الطويلة كما تعد أكثر دولة أسيوية تتويجا بجائزة الأوسكار لأفضل فيلم بلغة أجنبية.

وضمن فاعلية السينما اليابانية تحت المجهر، تقترح أيام قرطاج السينمائية 2019 (دورة نجيب عياد) 8 أفلام لأجيال مختلفة من صناع السينما من أشهرهم وأكثرهم تأُثيرا كينجي ميزوغوشي أو كما يصفه محبي الفن السابع بمؤسس السينما اليابانية وذلك بعرض فيلمه “أوجستو” (Ugetsu Monogatari ) إنتاج سنة 1953 والمتوج بالأسد الفضي في مهرجان البندقية السينمائي.

ولا يمكن برمجة أفلام يابانية في أيام قرطاج السينمائية دون المخرج الياباني الأكثر شعبية في العالم وفيلمه “رجال الساموراي السبعة” فتأثُير أكيرا كوروساوا في صناعة السينما تجاوز اليابان وحلق بعيدا بأعمال على غرار “راشمون”و”ران”.

أمّا كاتسويا توميتا فهو مثال لافت لصانع أفلام مستقل يعمل سائقا ويستغل مدخراته لإنتاج أفلامه النابعة من واقع اجتماعي يتغلغل في عمق المعيش الياباني على غرار فيلم “Tenzo” المبرمج في سينما تحت المجهر وهو التوجه الفني الذي يتخذه المخرج الشاب ليو ساتو الذي استهلك فيلمه “The Kamagasaki Cauldron War” 5 سنوات من التحضير والانجاز.

للتذكير فإن أيام قرطاج السينمائية في دورة 2017، استضافت ضمن ضيوف شرفها كل من  جنوب إفريقيا، الجزائر، كوريا الجنوبية والأرجنتين وفي دورة 2018 كانت على قائمة ضيوف “سينما تحت المجهر” كل من السينغال، العراق، الهند والبرازيل. 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى