منذ الكشف عن فضيحة التنصت غير القانوني على بعض الشخصيات السياسية والاعلامية في تونس في شهر جوان الماضي ، والشائعات لازالت تروج حول اختراق وزارة الداخلية من قبل أطراف معينة .
وقد تضاعفت الإشاعات في هذا الموضوع الحساس بسبب صمت المسؤولين في الدولة عنها ورفضهم تقديم أية توضيحات عن القضية ولا عن مصير المذنبين فيها .
وظهر اليوم الإثنين 11 جانفي 2021 النائب ماهر زيد في تدوينة على صفحته الرسمية ليسكب الوقود على النار ويزيد في شكوك التونسيين وتخوفاتهم من اختراق وزارة الداخلية .
وهذا أهم ما كتبه نائب الشعب على صفحته الرسمية :
” بُوسطاجي الرئيس ” ، الرجل الذي كان سببا في إقالة توفيق شرف الدين ؟
محافظ الشرطة من الصنف الاعلي ” خ.ر ” المعفى من مهامه في جهاز المخابرات و الملحق منذ شهور باقليم الامن الوطني ببن عروس ، قد اصبح فعليا منذ مدة رجل الظل للوزير المقال الاستاذ توفيق شرف الدين . جمعت الرجلين علاقة توطدت مع الايام و الشهور ، اما جذورها فتعود الى فترة حملة قيس السعيد للرئاسية عندما كان “خ .ر” يشغل خطة رئيس مصلحة بإدارة العمليات الفنية ( إدارة التنصت) .
بعد الحملة الانتخابية و فوز قيس سعيد توطدت العلاقة أكثر بين المنسق الجهوي بسوسة توفيق شرف الدين و الاطار بادارة المخابرات “خ .ر” فكثرت لقاءاتهما و خلواتهما بما دفع الكثيرين بتلك الادارة الأمنية الحساسة الى الاعتقاد بأن “خ,ر ” قد يكون بصدد تزويد مساعد الرئيس بمعطيات حول خصوم الرئيس و منافسيه من خلال عمليات التنصت .
تزامن ذلك ايضا مع التحاق المدير العام للمصالح الفنية ( المخابرات ) “ش” بالاصدقاء الجدد ، و ليتحول السلوك الاتصالي لرئيس الجمهورية تدريجيا الى العدوانية مؤكدا في بكل ثقة اثناء كل ظهور اعلامي له أنه يعمل ان ” البعض ” يتآمر عليه و أن ” آخرين ” ينسقون مع سفارات اجنبية ، بل و ليذهب الرئيس الى حد إعفاء 3 من كبار مستشاريه و مديري ديوانه تِباعا و على رأسهم صديقه الشخصي ” ع.ر.ط” .
نفس أولئك العارفين يؤكدون ان الثلاثي شرف الدين ، ” خ.ر ” ، و “ب.ع ” كانوا يزودون و يؤثرون في مِخيال و قرار الرئيس سعيد و انحرافه الملحوظ نحو العدوانية لِكونه ” يتعرض الى مؤامرة ” ، حتى جاءت الواقعة المنعرج و التي على ضوئها خسر الرئيس مزوديه بتلك المعلومات المُغرضة .
ففي الخامس من جوان من العام الماضي 2020 و بتعليمات من النيابة العمومية تمت مداهمة مقرات و مكاتب لمصالح التنصت في سابقة هي الاولى من نوعها ، و انطلقت على اثرها مباشرة تحقيقات قضائية و أمنية في علاقة بالتنصت اللاقانوني على هواتف المسؤولين و كذلك لاختفاء وصولات بنزين ادارية تصل قيمتها الى 150.000 دينار . اثنان من الرؤوس التي وقعت في تلك التحقيقات : ” ش.د.ع” مدير عام المصالح الفنية و مساعده ” خ.ر” ، أي المزودان الرئيسيان لرئيس الجمهورية و فريقه بأخبار ” اعداء الوطن” و ” المتآمرين” ، و الذين يعرفهم الرئيس بالاسم و يتابع دبيب اقدامهم حسب تأكيده المتكرر .
ظل مدير عام المخابرات متخفيا و مطلوبا للقضاء لبضعة شهور قبل ان ” يُسوّي” وضعيته القانونية ، في حين تم إبعاد مساعده “خ.ر ” و من خطته في ادارة المخابرات و ألحق باقليم الأمن الوطني ببن عروس ، و هي خسارة لم يستطع الرئيس و لا مساعده توفيق شرف الدين تعويضها مما حمل الاخير منذ تسلمه وزارة الداخلية الى خوض معركة كسر عظام من اجل استعادة “خ,ر ” من اقليم أمن بن عروس و اعادته الى ادارة المخابرات .
مارس الوزير السابق منذ توليه الوزارة ضغوطا شتى على منظوريه من مدراء عامين و رئيس ديوانه من اجل استصدار قرار منهم يغطي على رغبته الخاصة في اعادة”خ.ر ” الى الادارة العامة للمصالح الفنية و هو أمر لم ينجح في تحقيقه ، و دفعت الضغوط المتكررة بمدير ديوانه “ر.ه ” الى التخلي عن خطته بما ألحق ضررا بتماسك النسيج القيادي في وزارة الداخلية .
فشلت تلك المحاولة اذن و بلغت صداها الى رئيس الحكومة هشام المشيشي الذي بارك استبسال المدير العام للأمن الوطني ، مدير المصالح المختصة و مدير ديوان وزير الداخلية و رفضهم خرق نواميس ثابتة في الوزارة و على رأسها عدم استيعاب ادارة المخابرات لكل من سبق أن أقصي منها و هو ما ينطبق على حالة صديق الوزير المدعو خ.ر.
شهورا بعد ذلك مع مطلع جانفي 2021 ظهرت على سطح الاحداث قضية برقيات التعيينات و الاعفاءات الشهيرة التي امضى عليها وزير الداخلية دون علم او استشارة رئيس الحكومة بالرغم من وجود أمر حكومي سار يقضي بضرورة استشارة وزيرة الداخلية لرئاسة الحكومة قبل الشروع في اجراء تحويرات في المستوى القيادي بالوزارة .
و لكن التعيين الأخطر و الوارد في بالبرقية الأخيرة و الذي اقدم عليه توفيق شرف الدين و كلفه منصبه هو تكليف صديقه “خ.ر “بالاشراف على ” ادارة العمليات الفنية ” المكلفة بالتنصت و التتبع في تحد صارخ لرأي سابق لمدير ديوانه و مدراء أهم الادارات القاضي بعدم استيعاب ” خ.ر “مجددا في ادارة المخابرات بعد فضيحة التنصت و الاستيلاء على على وصولات البنزين ، و التي دفعت به الى التردد طيلة شهور على ادارة مكافحة الارهاب بالقرجاني في سياق التحريات القضائية الجارية .
أما من ساهم في هندسة تلك البرقيات بتعييناتها المريبة و منها اعادة ” خ.ر “الى ادارة المخابرات ، فهو محافظ الشرطة العام ع..ع الذي حظي طويلا بثقة الوزير المخلوع لطفي براهم الذي استجلبه الى ديوانه زمن اشرافه على الوزارة . و بعد عزل براهم تم الحاق مساعده ع.ع بالمدرسة العليا لقوات الامن قبل ان يتم ابعاده منها ومنها ونقلته الي الادارة العامة للمصالح المشتركة عقب تحريات داخلية في الوزارة بخصوص فساد مالي و اداري .
ويوم 4 جانفي من هذا الشهر قام الوزير المقال توفيق شرف الدين بارجاعه الي ديوان وزارة الداخلية و ساهم في هندسة برقيات التعيينات و الاعفاءات قبل ان تتدخل رئاسة الحكومة بكل حزم و تنهي محاولات و آمال المؤججين لخلافات الرئيس مع مكونات المشهد السياسي .
إلى هنا تنتهي تدوينة النائب ماهر زيد … ولا شك أن القضاء مطالب بفتح تحقيق جدي بعد هذه التدوينة الخطيرة والاتهامات التي دونها هذا النائب حتى يتحمل كل طرف مسؤوليته.
فإذا كانت اتهامات ماهر زيد صحيحة فليتحمل كل شخص مسؤوليته أمام القضاء ، أما اذا أخطأ وكانت اتاماته باطلة لبث الشكوك وزعزعة وزارة الداخلية فعليه أن يتحمل هو مسؤوليته كاملة ..