
توافد مئات المشيعين اليوم على مستشفى فؤاد خوري بمنطقة الحمرا بلبنان للمشاركة في تشييع جثمان الموسيقار اللبناني الراحل زياد الرحباني الذي توفي السبت الماضي عن عمر ناهز 69 عاما، محدثًا صدمة وحزنا كبيرين بين جمهوره ومحبيه في العالم العربي.
كان في مقدمة المشيعين جمهور وأقارب وزملاء الراحل، الذين اصطفوا أمام بوابة المستشفى وألقوا الورود على سيارة سوداء تحمل نعش وجثمان الراحل زياد الرحباني، بينما سيطر الحزن والبكاء على كثير من الحضور ليودعوا الموسيقار الشهير بالدموع وحمل صوره، وألقى آخرون التحية على جثمانه بالتصفيق تعبيرا عن الحزن والفرحة باقترابه من الراحة الأبدية في الآخرة كعادة بعض المشيعين في الثقافة اللبنانية.
وانطلق موكب الجنازة باتجاه كنيسة “رقاد السيدة” في بلدة المحيدثة، وكان أول الحاضرين إلى الكنيسة بانتظار وصول جثمان زياد الرحباني الفنانة اللبنانية كارمن لبس التي ارتبطت بـ زياد طوال 15 عاما، فيما شاركت الفنانة اللبنانية الكبيرة فيروز، في مراسم تشييع نجلها الموسيقار زياد الرحباني، إذ ظهرت السيدة فيروز صاحبة الـ 90 عامًا، التي نادرا ما تطل أمام الكاميرات، إلى جانب ابنتها ريما الرحباني، خلال مراسم الوداع التي حضرها عدد من أفراد العائلة والأصدقاء المقربين، حيث بدت بصحة جيدة على عكس ما أشيع عن تدهور صحتها بعد سماعها نبأ وفاة نجلها زياد الرحباني أمس الأول السبت عن 69 عاماً.
وأعلنت العائلة أن استقبال التعازي سيتم في كنيسة رقاد السيدة بالمحيدثة بعد مراسم الجنازة مباشرة، ويستمر حتى الساعة السادسة من مساء اليوم، كما يُستأنف استقبال المعزين يوم غد الثلاثاء، 29 يوليو في الكنيسة ذاتها، خلال التوقيت نفسه.
وكانت مراسم التشييع قد بدأت بعد يومين من إعلان وفاة الرحباني، أحد أبرز الموسيقيين في العالم العربي، عن عمر ناهز 68 عاما.
ونشأ زياد الرحباني ابن الفنانة الكبيرة فيروز والملحن الراحل عاصي الرحباني، أحد مؤسّسي المدرسة الرحبانية، التي تركت أثرًا بالغًا في الفن اللبناني والعربي، في وسط فني متكامل، ما ساهم في صقل موهبته الفنية منذ الطفولة وعُرف بأسلوبه المختلف في الموسيقى والكتابة والمسرح، حيث تميّز بمواقف نقدية جريئة وطروحات خارجة عن السائد، وبدأت مسيرته الاحترافية مطلع السبعينيات، حين لحّن في سن السابعة عشرة أغنية “سألوني الناس” لوالدته فيروز عام 1973، أثناء مرض والده عاصي، أصبحت الأغنية من أشهر أغاني فيروز، وفتحت أمام زياد أبواب التلحين والكتابة المسرحية، كما أنتج وأخرج عددًا من المسرحيات الغنائية التي مزجت بين النقد السياسي والاجتماعي والسخرية السوداء، ما رسّخ مكانته كأحد رموز المسرح المعاصر في المنطقة.
زياد الذي عرف بجرأته في طرح أفكار ومفاهيم فنية جديدة، تميزت بالعمق والبعد الفكري قدّم عددًا كبيرًا من الأغاني التي عكست رؤيته الاجتماعية والسياسية، وتميّزت كلماته بجرأتها وعمقها، إضافة إلى أسلوبه الخاص في دمج الجاز والموسيقى الشرقية، مستخدما الموسيقى كوسيلة للتعبير عن القضايا اليومية والواقع السياسي اللبناني، فكان صوته حادًا وصريحًا، وغالبًا ما عبّر عن رأيه بوضوح في أعماله دون مواربة، قبل أن تشهد مسيرته تراجعاً في السنوات الأخيرة نتيجة ظروفه الصحية.