خاصقضايا وآراء
اسرائيل تقع في فخها وتعلن هزيمتها !!

بقلم طارق العربي – من واقع مئات القواعد والمراكز الاستراتيجية الحساسة اصابة بضعة عشارات لا يشكل فارقا كبير او عاملا مؤثرا بشكل كبير في ميزان القوة في الحروب.
في الحرب الدائرة حاليا اثر عدوان المحتل الاسرائيلي على الجمهورية الاسلامية في ايران والتي تدخل المواجهات فيها يومها السادس كانت الجغرافيا لاعب اساسي منذ اللحظة الاولى .
اسرائيل ذات الجغرافية المحدودة جدا بحكم انها كيان احتلال بالاساس تخوض اليوم حرب في مواجهة دولة مساحتها الجغرافية تعادل ضعف حجمها 80 مرة.
المسافة الفاصلة بين اسرائيل وايران حوالي 2000كم. الرحلة الجوية لمقاتلة حربية زمنيا تقريبا حوالي 45 دقيقة كمعدل عام يعتمد على نقطة الانطلاق والوصول .
ايران المحاصرة منذ ما يقارب الـ4 عقود تدرك جيد انها في موضع استهداف دائم منذ اندلاع ثورتها واعلانها العداء المباشر والدائم للامريكي ومن ورائه الاسرائيلي ورفعت شعارها الشهير “امريكا الشيطان الاكبر”، هذا العقل الايراني وظف الجغرافيا بذكاء كعامل مساعد في تعزيز حماية مواقعه ومؤسساته الاستراتيجية الحساسة…مدن صاروخية كاملة ومصانع صواريخ بالستية وتقنية عسكرية ومحطات نووية كلها تحت الارض بمئات الامتار اقربها للسطح موجودة على عمق 500 متر في جغرافية قاسية جدا ووعرة لمن لا يعرف الجغرافية الايرانية تحسبا لاي اعتداء خارجي.
وحتى نفهم اهمية التحصينات وقوة متانتها وشدة صمودها امام اي عملية استهداف عسكري نعتمد على اهم واقم القنابل الامريكية الخارقة للتحصينات قنبلة الــ” GBU-57 ” والتي يمكنها يبلغ مدى فاعليتها في اختراق التحصيناة تحت الارض الى 20 مترا في الخرسانة المسلحة وحوالي 60 مترا في التربة وباحتساب المنشأة الاقل عمق لدى ايران والتي كما ذكرنا على عمق 500 متر تحت الارض عالي التحصين سيحتاج تدمير هكذا موقع الى ما لا يقل عن 14 قنبلة من فئة الــ” GBU-57 ” والى كذلك الى سرب طائرات مؤلف على الاقل من 7 طائرات من طراز قاذفاتB-2 SPRIT الشبحية الاستراتجية، هذا اذا اعتبرنا ان كتلة طبقة التحصين الواجب اختراقها كلها من التربة الحية وخالية من اي طبقة من الخرسانة المسلحة.
نأتي هنا الى الخسائر البشرية على المستوى القيادات العسكرية في العدوان الاسرائيلي الاخير على ايران من اجل كسر وارباك منوظمة وسلسلة القيادة والسيطرة..
حتى نفهم بشكل جيد العقل الايراني كيف يعمل ويخطط ويضع استراتجياته لاسوء السيناريوهات علينا نعود الى تصريحات الى تصريحات قيادة اركان القوات المسلحة الايرانية من جهة والحرس الثوري من جهة اخرى وبيانتهم العسكرية والتي صرحوا فيها علنا ان ” كل مركز قيادي وكل مقر قيادي لديه 10 بدلاء منتشرين في كامل البلاد لاستلام زمام الامور في اسشهاد احد القيادات او تمكن العدو من استهداف احد مراكز القيادة”، هكذا استعدادات وجهوزية لا يمكن قطعا ان ان تتوفر في وقت وجيز او بين ليلة وضحاها، بل هو مجهود وعمل استراتيجي لسنوات..
من جهة اخرى ادعى العدو الاسرائيلي في تصريحاته الهوليودية اثر ضربته الاولى الافتتاحية لعمليته العسكرية ضد ايران والتي اطلق عليه تسمية “الاسد الصاعد” وهي تسمية تلمودية (سنعود لها بالتحليل لاحقا)، استهدفت اكثر من 100 هدف مدني وعسكري بسلسلة غارات جوية فعلت قبلها عملية استخبراتية اعدت لها منذ ما يقارب السنة حسب تصريحاتهم استهدفت تعطيل منظومة الدفاع الجوي، بعمليات تخريب داخلية عبر شبكة عملاء من جنسيات مختلفة مقيمين في ايران .
الضربة الاولى الاسرائيلية كانت ناجحة بالمنطق العسكري والامني، رجة كبيرة وايجابية في الداخل الاسرائيلي وكذلك على مستوى الاقليم ككل، سلسلة من الغارات المتواصلة امتدت على مدى 16 ساعة تقريبا دون اي رد فعل ايراني مما خلق انطباعا لدى الاسرائيلي انه حقق نصره بضربة قاضية وانه اسقط المارد الايراني الصاعد وحتى انه اقنع الامريكي بذلك ليخرج كل من الامريكي والاسرائيلي بتصريحات النصار من جهة وتصريحات لترامب تشيد بالعملية العسكرية التي نفذتها اسرائيل وانها تقوم بعمل جيد من جهة ومن جهة اخرى يشرعنها بحجة ان اسرائيل تدافع عن نفسها.
لكن سرعان ما تلاشت مظاهر النصر والتباهي بالقوة العسكرية لاسرائيلي حيث كان لايران راي اخرى، باكتمال الساعة 16 منذ لحظة بداية الاسرائيلي كان قد تم تسليم مهما كافة القيادة التي تم اغتيالها لخلفائهم تم ظبط وتحديد مصدر عمليات الاختراق الاستخبراتي التي استهدفت تعطيل منظومة الدفاع الجوي، تم استعادة وتفعيل منظومة القيادة والسيطرة بالكامل واعادة تفعيل منظومة الدفاع الجوي بل وتعزيز فاعليتها في وجه الغارات الاسرائيلي وتفعيل سلسلة خطط عملية الرد على العدوان الاسرائيلي باطلاق عملية “الوعد الصادق 3” الهجومية بضربة صاروخية اطلقت فيها ايران 200 صاروخ بالستي وما يقارب 150 طائرة مسيرة انتحارية في اتجاه اسرائيل.
موجة قصف صاروخي خلفت دمار غير مسبوق في قلب الكيان الاسرائيلي استهلتها ايران باستهداف مباشر لمقر وزارة الدفاع في قلب عاصمة الكيان تل ابيب .
7 طبقات من منظومات الدفاع الجوي عجزت عن ايقاف وابل الصواريخ الايرانية، ثكنات عسكرية ومقرات استخبراتية وقواعد جوية وامنية حساسة مراكز بحوث استراتيجية..كلها كانت تحت طائلة ضربات صاروخية ايرانية مباشرة عجزت منظومات الدفاع الجوي عن التصدي لها .
القوة والمقدرة الصاروخية الايرانية مثلت صدمة اولى كبرى للاسرائيلي وهو ما صرح به عبر عدد من قياداته السياسية .
الصدمة الثانية كانت بتمكن الدفاعات الجوية الايرانية من اسقاط 3 مقاتلات هجومية من طراز F35 الشبحية الاكثر تطورا في العالم تقريبا والتي تعتبر مفخرة من مفاخر الصناعات العسكرية الامريكية، واسر طاقم احداها وكذلك اسقاط طائرة مقاتلة هجومية من طراز F16 .
استرجاع ايران لقدرات دفاعاتها الجوية وتعزيزها بتفعيل منظومة “باور 373″ للدفاع الجوي ايرانية الصنع والتي تتفوق على منظومة الـ”S400 ” الروسية، قلل من وتيرة الغارات الاسرائيلية واجبر مقاتلاتها جوية تفذ غاراتها من خارج الاجواء الايرانية وهو ما يقلل وتيرتها وفاعليتها.
من جهة اخرى استراتجية ايران في الهجوم كذلك مثلة اشكالا لاسرائيل، حيث ومنذ اليوم الثالث عدلت ايران من وتيرة القصف متبعة استراتجية اغراق واستنزاف للدفاعات الجوية الاسرائيلية من جهة ومن جهة اخرى تحقق هذا الاستراتيجية ضغط كبير على الجبهة الداخلية في اسرائيلي..
قصف بموجات متفرقة زمنيا على مدار الساعة كل موجة يسبقها سرب من المسيرات الانتحارية تتلوها موجة بعدد من الصواريخ البالستية لا يتجاوز الـ20 صاروخ، هذه الخيار الايراني الاستراتيجي في المواجهة جعل الامر لا يطول حتى على صراخ الاسرائيلي بسبب تراجع مخزونه من صواريخ الدفاع الجوي الذي لا يكفي لاكثر من 12 الى 15 يوما على اقصى تقدير.
الاشكال الاكبر هنا هو ان الامركي نفسه لا يملك مخزون كافيا كذلك من صواريخ الدفاع الجوي وهو ما اكدته صحيفة “وول ستريت جورنال” نقلا عن مسؤول امركي رفيع .
الضغط والاستنزاف المتزايد على دفاعات الجوية الاسرائيلية والذي فرضته الاستراتجية الايرانية جعل من الاسرائيلي يلجئ للمقاتلات الجوية في عملية التصدي للصواريخ والمسيرات الايرانية وهو كذلك ما يخلق جهدا واشغالا مضاعفا لسلاح الجوي الاسرائيلي .
ونحن على مشارف نهاية سادس يوم من المواجهة لم ينفك الاسرائيلي في اخر 48 ساعة وهو يطالب بل ويتوسل الامريكي ان ينخرط في الحرب بشكل مباشر بعد ان اوقع نفسه في المستنقع الايراني دون حسابات صحيحة ولنقل من اجل تصدير ازمته الداخلية ذهب ناتنياهو الى اشعال جبهة جديدة ويسعى لتوريط الامركي معه للخروج منه .
مراكز حيوية من محطات طاقة ومصاف نفطية وموائ ما بين المعطلة جزئيا وكليا خسائر في القواعد العسكرية والاستخبراتية والامنية بالجملة استهدفت بشكل مباشر نتيجة كما ذكرنا سلفا لمحدودية مساحة اسرائيل كونها كيان احتلال وافتقارها للعمق الجغرافي وهو احد نقاط ضعف اسرائيل التي تدركها جيدا لذلك كانت تعمد في كل حروبها الى تصدير المواجهة الى اراضي الطرف المقابل .
هنا وبما تقدم لا يمكن ان نقول الا ان اسرائيل…وقعت في فخها واعلنت هزيمتها.
اما بالنسبة لايران فمفاجأتها للامريكي الذي تراجع في اللحظات الاخيرة عن الانخراط المباشر في الحرب هو اتفاقية استراتجية للدعم العسكري المتبادل بين ايران وكوريا الشمالية، ورقة سحبت بها ايران البساط من تحت ترامب الذي غادر اجتماع مجموعة السبع متوجها على عجل الى اجتماع لجنة الامن القومي بعد وصول تقارير للبنتاغون عن ان اسرائيل اصبحت عاجزة عن مواجهة القصف الصاروخي الايراني وان منظومة الدفاع الجوي بدأت تتعطل نتيجة الضغط والاستنزاف واغراقها بمواجات القصف والمسيرات .
من جهة اخرى التحذير الروسي اليوم الشديد اللهجة للامريك من اي تدخل عسكري لصالح اسرائيل او حتى مجرد التفكير في تقديم اي مساعدة عسكرية وما سبقه من موقف باكستاني رسمي حيث اعلنت باكستان عن وقوفها الى جانب ايران في هذه المواجهة واستعدادها لتقديم كل اشكال المساعدة المطلوبة لها، كذلك افغانستان التي اعلنت انه في حال دخول اي طرف ثالث في المواجهة ضد ايران انها هي كذلك ستتخذ اجراءات مماثلة.
ناتنياهو اراد ان يتجاوز كل ازماته الداخلية والضغط الدولي حول الحرب الابادة والتجويع التي يمارسها بكل وحشية في قطاع غزة باشعال جبهة جديدة مع ايران من جهة وتنفيذ المخططات التلمودية المنحرفة من اجل دولة اسرائيل الكبرى وقيام شعب اسرائيل الذي لا يقهر واللذي لا يهدأ او يستكين حتى يفترس عدوه و..يشرب من دمه .