تواصل نيوز بلوس مواكبتها لفعاليات الدورة 35 لأيام قرطاج السينمائية، حيث التقت مع المخرجة سلمى بكار بعد عرضها لفيلمها الجديد “النافورة”، ويروي الفيلم قصة ثلاث نساء من أجيال وخلفيات اجتماعية مختلفة: جليلة (ريم الرياحي) وسلوى (أميرة درويش) ومروى (رنيم علياني). يجتمعن في نزل وسط العاصمة ليجدن أنفسهن في قلب الأحداث السياسية والاجتماعية المرتبطة باعتصام الرحيل، الذي جاء احتجاجا على اغتيال النائب محمد البراهمي في 25 جويلية 2013. عبر مسار سردي متشابك، تنقل سلمى بكار قصص النساء الثلاث اللواتي تتحول معاناتهن الشخصية مع الخوف واليأس إلى مصدر قوة جماعية من خلال انخراطهن في الاعتصام.
وجاء اختيار النزل “La Maison Dorée ” كموقع رئيسي للأحداث لم يكن مجرد اختيار مكاني، بل كان له بعدا رمزيا فهو مكان يحتضن تجارب متباينة تتحول فيه الشخصيات من الانغلاق على معاناتها الفردية إلى البحث عن معنى أوسع في التلاحم والنضال الجماعي. كما يمثل النزل بمعناه المجازي الوطن الذي يجمع التونسيين رغم اختلافاتهم، وهو نقطة الالتقاء بين الخاص والعام، وبين الألم الفردي والمطالب الشعبية.
يبرز الفيلم أيضا تأثير تجربة سلمى بكار السياسية باعتبارها شغلت عضوية البرلمان عن الكتلة الديمقراطية سابقا. ويظهر هذا التأثير في التفاصيل الدقيقة التي نقلت بها أجواء الاعتصام وفي قدرتها على تجسيد الروابط المعقدة بين الأحداث السياسية الكبرى وحياة الأفراد. يضاف إلى ذلك مزجها بين المادة التصويرية التوثيقية والمشاهد التمثيلية، وهو أسلوب عزز مصداقية العمل وأضفي عليه بعدًا واقعيًا يلامس الجمهور.
من الناحية الفنية، لا يقتصر “النافورة” على السرد أو التوثيق، بل امتد إلى توظيف الموسيقى والشعر كأدوات تعبيرية. واختيار قصيدة “نساء بلادي نساء ونصف” في النهاية كانت لمسة فنية وفي الآن ذاته بيانا سياسيا وثقافيا يؤكد على مكانة المرأة كركيزة أساسية في النضال من أجل الحرية والكرامة.
وبخصوص احداث فيلم جديد حول أحداث 25 جويلية 2021 وتجميد البرلمان من قبل رئيس الجمهورية قيس سعيد.. استبعدت سلمى بكار ذلك، مؤكدة في الان ذاته وجود مشروع كتاب توثيقي مع كاتبة سيناريو فيلم “النافورة” امنة الرميلي، وفق قولها.