ثقافة

(أيام قرطاج المسرحية 2024)- العرض المصري “لعبة النهاية”… دعوة إلى التأمل بين العبثية وانتظار المصير المحتوم

تابع الجمهور مساء أمس الاثنين بقاعة سينما الريو بالعاصمة مسرحية “لعبة النهاية” التي تمثل مصر في المسابقة الرسمية ضمن فعاليات الدورة 25 لأيام قرطاج المسرحية” (23 – 30 نوفمبر 2024). وهذا العمل من إخراج السعيد قابيل اقتبسه عن النص المسرحي الشهير “نهاية اللعبة” للكاتب الإيرلندي صامويل بيكيت (1906 – 1989)، فحافظ على البناء الدرامي الأصلي للمسرحية مع تطويعها بين العبثية التي أبدع فيها بيكيت والواقع الراهن المعاصر.

تدور أحداث “لعبة النهاية” حول أربع شخصيات تحاصرها دائرة من الفراغ والعبث. “هام” هو رجل مسن مشلول وعاجز عن الرؤية جالس على كرسيه المتحرك لا يملك من فعل في الحياة إلا الاستمرار في إصدار الأوامر، متشبثا بالأمل في النهاية التي يتوق إليها. ومعه خادمه “كلوف” وهو شخصية أخرى في هذه الدائرة المفرغة، فهو خادم عاجز لا يستطيع التخلص من عبوديته لسيده رغم كراهيته له لكنه يظل يستجيب لتلك الأوامر التافهة في حالة من الهذيان.

والشخصيتان الأخريان في “لعبة النهاية” هما “ناج” و”نيل” يعيشان في عالم افتراضي داخل براميل صدئة. إنهما والدي “هام” كانا توفيا منذ زمن طويل، لكنهما يظلان يظهران فقط في خياله ليشتركا في حوار عجيب ومربك مع الشخصيات الأخرى، وبذلك ينطوي على هذيان متواصل لا يعكس سوى حالة من الانتظار المتواصل للموت.

 الانتظار والموت: اللعبة التي لا تنتهي

تتناول المسرحية فكرة الانتظار العبثي للموت. فالرجل المسن “هام” الذي لا يستطيع الحركة أو الرؤية يظل محصورا في كرسيه المتحرك منتظرا اللحظة التي يفارق فيها الحياة. و”كلوف” الذي يحمل على كاهله عبء خدمة “هام” يقرر في النهاية محاولة الخروج من هذا الوضع العبثي إلا أنه يخشى مغادرة تلك اللعبة ليظل في دائرة من العجز والشك. وكل واحد من هاتين الشخصيتين ينتقل بين الحاضر والماضي والمستقبل في لعبةٍ لا تنتهي حيث تتكرر الأفعال اليومية بنفس الرتابة المملة ما يعزز الإحساس باللاجدوى التي سرت في جميع مفاصل المسرحية، وهو شعور انتقل بدوره إلى الجمهور الحاضر في القاعة حيث خيّر بعضه المغادرة دون إكمال مشاهة العرض.

وتطرح “لعبة النهاية” أسئلة فلسفية وجودية حول معنى الحياة والموت والانتظار، فالشخصيات تظل في حالة احتضار غير واضحة المعالم وهي تدور في فلك واحد لا يتغير حيث لا شيء يحدث سوى تكرار ممل يعكس الفراغ. ولا تخرج المسرحية عن نمط العبثية التي أبدع فيها بيكيت، إذ لا تصاعد في الأحداث ولا مفاجآت ولا تطور درامي، وإنما هو مسار خطي رتيب للأحداث المتمثلة في مجرد لعبة لا نهاية لها حيث تنتصر فيها لحظة الصمت على كل شيء وهي لحظة الموت، هذا المآل المحتوم للجميع.

رفيقة العزيزي

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى