قال اليوم الاربعاء 12 جوان 2023، الناطق باسم المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية المكلف بملف الهجرة رمضان بن عمر إن الجانب الأوروبي قد انتهز وضعية الهشاشة الاقتصادية والاجتماعية والسياسية لتونس وذلك في تعليقه على زيارة الوفد الأوروبي إلى تونس نهاية الأسبوع المنقضي والاتفاق على إعداد مذكرة تفاهم حول حزمة الشراكة الشاملة.
وأفاد بن عمر في تصريح لموزاييك، بأن المنتدى كان يأمل في أن يكون الموقف التونسي مدافعا عن حقوق وكرامة التونسيين وعلاقات ندية وعادلة في حين أنه كان ضعيفا، وفق تعبيره، ولم يدخل المفاوضات بمطالب واضحة فيها الحد الأدنى من الندية.
وبحسب بن عمر، فإن تونس لم تطرح مسألة حرية التنقل للتونسيين وهي مسألة جوهرية في العلاقات بين الدول وعدم التطرق لهذه المسألة دلالة على أن الجانب التونسي كان ينتظر مكاسب اقتصادية ومادية مقابل لعب هذا الدور أي حارس للحدود في ملف الهجرة غير النظامية ومعبرا عن استعداده للعبه. كما اعتبر بن عمر بأن الاتفاقية ستكون حلا لأزمة الهجرة في أوروبا ولن تكون حلا للأزمة الاقتصادية التونسية.
وأشار بن عمر إلى ما اعتبره تناقضا بين الخطاب والممارسة على مستوى رئاسة الجمهورية، إذ يؤكد خطاب رئاسة الجمهورية مبدأ عدم الخضوع للابتزاز والتشديد على ضرورة اعتماد مقاربات إنسانية والتشبث بمبدأ السيادة في حين أن هذه المبادئ تتناقض على مستوى الممارسة وفي مستوى النتائج الملموسة المنبثقة عن زيارات المسؤولين الأوروبيين.
غياب الشفافية من الجانب التونسي
و انتقد الناطق باسم المنتدى التونسي للحقوق الإقتصادية والاجتماعية غياب الشفافية من الجانب التونسي في مستوى تقديم كل المعلومات للرأي العام الوطني خصوصا وأن التصريحات اقتصرت على المسؤولين الأوروبيين الذين قاموا بتصريحات إعلامية ويخاطبون مواطنيهم عبر مختلف منصات التواصل الاجتماعي ووسائل الإعلام مقابل غياب أي تصريح من مسؤول تونسي توجه به للتونسيين حول فحوى مشروع الاتفاق المنتظر.
واعتبر رمضان بن عمر أن المعطى الأساسي الذي بني عليه الاتفاق يتلخص في مسألة الهجرة غير النظامية في حين أن بقية النقاط ليست سوى مجرد عناوين فرعية لتزيين الاتفاق على غرار المسائل المتعلقة بالتعاون الاقتصادي والانتقال الطاقي والايكولوجي والتعاون في كل المجالات.
كما اعتبر بن عمر أن المعلن بخصوص فحوى مشروع الاتفاقية يعتبر انتصارا للقادة الأوروبيين الذين استعجلوا قدومهم لتونس حين توفرت الفرصة كما عبر عن ذلك رئيس الوزراء الهولندي مارك روته. وهذه الفرصة مكنت الجانب الأوروبي من الحصول على اتفاقات ونقاط طالبوا بها منذ سنوات حددها رمضان بن عمر في تدعيم المراقبة الأمنية واتفاقيات إعادة القبول التي طرحها الاتحاد الأوروبي على تونس ودول جنوب المتوسط منذ سنة 2014 وتم رفضها.
وبين بن عمر أن تونس هي الدولة الأولى التي اتخذت هذا المنحى أياما قليلة بعد الاتفاق الأوروبي حول مسألة الهجرة واللجوء مما يوحي بأن القادة الأوروبيين عادوا إلى بلدانهم بانتصار.
ويرى بن عمر أن النموذج التونسي بالنسبة للأوروبيين مثال ناجح في مستوى إدارتهم للهجرة وحماية مصالحهم، في حين أنه يضع حقوق التونسيين وكرامتهم للبيع ويشكل خطرا على مستوى حقوق المهاجرين غير النظاميين معتبرا أن اتفاقية إعادة القبول تكريس لانتهاك حقوق وكرامة المهاجرين غير النظاميين التونسيين مضيفا بأنها لا تشكل تهديدا للواصلين إلى الضفة الشمالية من المتوسط حاليا وإنما تشكل تهديدا لكل تونسي وتونسية موجدين في أوروبا وبالإمكان أن تتحول وضعياتهم إلى وضعية غير نظامية نتيجة تعقيدات عديدة.
من حارس حدود إلى سجان
وطالب الناطق باسم المنتدى التونسي للحقوق الإقتصادية والاجتماعية المكلف بملف الهجرة السلطات التونسية بمصارحة الرأي العام الوطني حول الجوانب التفصيلية لهذه الاتفاقية التي ركزت مفهوم أن تونس نقطة حدودية أوروبية متقدمة ومسألة دور الحارس الذي تلعبه منذ سنوات وستحولها إلى سجان لكل المهاجرين غير النظاميين الذين انطلقوا من تونس ويتم إعادة قبولهم على أراضيها.
واعتبر الناشط الحقوقي والسياسي المختص في قضايا الهجرة واللجوء المقيم في إيطاليا مجدي كرباعي في تصريح لموزاييك أن الإعلان عن المساعدات الأوربية المرصودة المحددة ب 900 مليون أورو لن تتحصل عليها تونس إلا بعد التوصل إلى اتفاق مع صندوق النقد الدولي
وأشار إلى أن البيان المشترك بين تونس والاتحاد الأوربي نص على ”تعزيز إدارة الحدود والتسجيل والترحيل التام في احترام لحقوق الإنسان”. ‘ في حين نص بيان رئاسة الجمهورية على إعادة القبول. وأضاف الكرباعي بأن هذا الاتفاق يحيل إلى الاتفاق الحاصل الخميس الفارط في لكسمبورغ مع وزراء الداخلية للإتحاد الأوروبي وفرض إيطاليا مسألة اعتبار دول شمال إفريقيا وجنوب غرب البلقان دولا آمنة يمكن ترحيل المهاجرين إليها بعد أن يثبت مرورهم بها وتقضيتهم مدة معينة بها.
وبيّن الكرباعي بأن الاتفاقية الجديدة ستجعل تونس لا حارس حدود فقط وإنما كذلك وعاء لاستقبال المهاجرين غير النظاميين من جنسيات أخرى الذين يقع ترحيلهم إلى تونس.