رحلة سفيان طوبال: من أموال شفيق مرورا بالتحيل وصولا إلى لَعْقِ حذاء الشاهد
بقلم ياسين الصيد (كاتب صحفي)
لم يكن سفيان طوبال في اقصى حالات تفاؤله يتصور انه سيكون رقما صعبا في نداء تونس وانه سينتقل من مرحلة “التباع” الى مرحلة “الفاعل” .. رحلة استبعدها “منطق” طوبال سنة 2012 حين كان ناشطا محليا في نداء تونس واكدها طموحه الذي تحول لديه الى “جشع سياسي” سنة 2019 .. خلال هذه الرحلة تسلق سفيان طوبال سلم البروز السياسي شيئا فشيئا وكانت غايته المال السياسي الفاسد ولا شيء غيره مهما كانت الوسيلة وايضا دون ان يفكر في نتيجة لهذا المسار لان السياسة تفترض ان “النتيجة” تكون من جنس “الوسيلة” .
سفيان طوبال لم يبرز اسمه في البرلمان كنائب عن جهة قفصة في نداء تونس بمبادرات مهمة تسعى الى ملامسة واقع الجهة الصعب فلا تنمية خارج ما تجود به شركة الفسفاط ولا شغل بعيدا عن اسوار “الكبانية” وانتظر ابناؤها عقودا ليروا عائدات الفسفاط تتحول الى تنمية ورفاه الا انهم لم يلحقهم من تلك الثروة الا “غبارها” وما يثيره من امراض .. كل ذلك لم يحفز “العقل السياسي” لطوبال لينتج مبادرات مهمة لابناء جهته شعاره في ذلك “لا تجوز الصدقة الا بعد اكتفاء اهل المنزل” وفعلا شرع طوبال في توفير اسباب الاكتفاء لنفسه ووضع برنامج عمل ناجع له كنائب شعب في البرلمان اول نقطة فيه التخلص من سيارته “البيجو 205” لتتحول بقدرة “فاسد” وما منحه من اعطيات لطوبال الى “اودي” من افضل طرازاتها وكان لا بد لهذه السيارة الفخمة ان يستقر سائقها في حي راق فنال منزلا قيمته على الورق 300 الف دينار وسيسدده طوبال على اقساط وفق “البائع” في حين ان المجنون قد لا يصدق ان منزلا في حي راق يباع بمثل ذلك الثمن .. وغنم طوبال الكثير سياسيا و”اقتصاديا” من تمرير قانون المصالحة اذ كسب ود الباجي بعد ان كسب ود ابنه في مؤتمر سوسة لتهدى اليه رئاسة كتلة النداء في البرلمان عوضا عن بن عمران .. هذا الصعود السياسي لم “يفرمل” سعي طوبال الى استغلال اي فرصة لـ”تدوير الزيرو” فطمع في 10 الاف دينار من زميل في الحزب من سيدي بوزيد مقابل تدخله لإنجاح ابنته في مناظرة الملحقين القضائيين ورغم التسجيلات والأدلة أنكر طوبال التهمة .. وبعدها بسنة فحسب “تفوح” رائحة فضيحة اخرى في ديوان البحرية التجارية والموانئ حيث فرض طوبال تعيين شقيقته كما تورطت رفيقة دربه انس الحطاب في هذه الفضيحة ايضا بتعيين اقارب لها .. كل تلك التجاوزات التي توجب المساءلة القانونية بسطها طوبال معترفا انه غير متورط في قضايا فساد بل فقط في قضايا رشوة لا غير ..
سفيان طوبال على قناعة ان السياسة “حبلها قصير” وان فوائدها قليلة وانها تحتاج الى تكتيكات والى عقل متفاعل مع المتغيرات ولانه “يحترم” قدراته السياسية جيدا اختار طوبا لان يناور بـ”السياسة” لتحقيق مغانم مادية فـ”خان” ولي نعمته حافظ قايد السبسي ونسي “مدحياته” فيه وفي والده وطالب بصرامة بعد مؤتمر المنستير الاخير للنداء ان يتنحى ابن الرئيس عن اي مسؤولية قيادية في الحزب بعد ان حشره في الزاوية وتنصل من كل اتفاقاته معه بجعله الرجل القوي في الحزب بطريقة قانونية شرعية وهندس طوبال خطة الإطاحة بحافظ قائد السبسي ليس فقط من دفة القيادة بل بابعاده من نيل أي منصب خاصة رئيس اللجنة المركزية .. وبرر طوبال “انقلابه” على “ولي نعمته” بان مبعثه الرغبة في انقاذ الحزب وإرساء مؤسسات دائمة له تمكنه من استعادة سيطرته على المشهد السياسي .. هذا الامر لم يصدقه حافظ قايد السبسي بل لم يصدقه كل المطلعين على المشهد السياسي لان قوة نداء تونس اخر اهتمامات سفيان طوبال وانه لا يبرم أي امر الا اذا شغّل “العداد” ليحسب المكاسب المادية وكما كسب من علاقاته الخارجية المريبة التي هندست مواقفه الاخيرة التي شقت النداء الى شقين كبيرين لا يمكن رأب صدعهما فانه يسعى الى “التربح” من جهات داخلية تريد ان يتجاوز نداء تونس ازمته .. وما تصعيده وتصلبه وتمنعه الا “ماعون صنعة” لتكبير الصفقة.
وأخير يحل ركب النائب المشبوه عند حذاء يوسف الشاهد ليناشده أن لا يرحل عنه ويترشح للرئاسة وهي تتويج مناسب لرحلة نائب جاء بالصدفة وسيرحل إلى مكانه الطبيعي …