27 بالمائة من الشباب (الذين تتراوح اعمارهم بين 18 و29 سنة) يعتبرون ان حالتهم النفسية سيئة أو سيئة جدا وفقا لما كشفت عنه نتائج الدراسة التي أنجزتها منظمة “انترناشيونال الرت”، “شباب في الهوامش: الصحة النفسية والسلوكيات المحفوفة بالمخاطر في الكبارية والقصرين الشمالية وتطاوين الشمالية”، والتي كانت صباح أمس محور ندوة صحفية التأمت بأحد نزل العاصمة.
وجاء في هذه الدراسة التي شملت 1250 من شباب وشابات كل من الكبارية والقصرين الشمالية وتطاوين الشمالية، أن أكثر من ربع الشباب المستجوب شعروا بالحاجة للذهاب الى أخصائي أو طبيب نفساني في حين تمكن 1 على 8 من هؤلاء الشباب من زيارة طبيب نفساني كما أن 8 بالمائة من الشباب المستجوب أفادوا أنهم من أصحاب الأمراض المزمنة، في حين صرح نصف المستجوبين أنهم لا يتمتعون بالتغطية الصحية. كما بين أكثر من 20 بالمائة من الشباب المستجوب أنهم يقيّمون صحتهم العامة بصفة ايجابية وحالتهم النفسية بصفة سلبية كما اعتبر أكثر من 45 بالمائة من عموم المستجوبين ان الازمة الوبائية للكوفيد أثرت على حالتهم النفسية.
وأشارت الدراسة الى تعدد أسباب الشعور بالضغط النفسي او التوتر او القلق والاكتئاب لدى الشباب المستجوب موضحة ان ضبابية المستقبل هي اكثر عامل يؤرق الشباب وساهم في ظهور الاعراض النفسية في 83,5 بالمائة في حين ساهمت الظروف السياسية والاجتماعية للبلاد في ظهور الاعراض النفسية لدى 42,4 بالمائة من الشباب الذين تعرضوا لمشاكل نفسية.
وفي نفس الإطار كشفت الدراسة أن بطالة الشباب في هذه المناطق فاقت الـ40 بالمائة وهو الأمر الذي دفعهم الى التفكير وبشكل دائم في الهجرة سواء بطريقة شرعية أو غير نظامية بعد أن صرح 50 بالمائة من المستجوبين برغبتهم في الهجرة. لتشير مديرة مكتب تونس لمنظمة “انترناشيونال الرت” ألفة لملوم على هامش هذا اللقاء ان مسألة الصحة النفسية لدى الشباب هامة جدا اليوم داعية الى ضرورة القطع مع السياسات التقشفية واعادة النظر في مسالة تجميد الانتدابات والقطع مع سياسة عدم الاهتمام بدعم القطاع الصحي في الجهات الداخلية للبلاد.
من جهة اخرى وفيما يهم التجربة السجنية للشباب المستجوب فقد كشفت الدراسة وفقا لما أشار إليه أمس الكاتب والمترجم محمد راضي عبد المولى لدى مداخلته على هامش تقديم نتائج هذه الدراسة أن 84 بالمائة من مساجين تونس أعمارهم 40 سنة 52,6 بالمائة منهم لم يتجاوزوا المرحلة الابتدائية من التعليم و31,7 بالمائة منهم انقطعوا عن الدراسة في الاعداديات، و15,7 فقط درسوا في مرحلة التعليم الثانوي. أما فيما يهم الوضع الدراسي والمهني للمشاركين فجميعهم انقطعوا عن الدراسة الى جانب ارتفاع نسبة البطالة والتشغيل الهش بما ان 47,5 من المستجوبين عاطلون عن العمل و21 بالمائة يعملون عبر آلية الحضائر، و10,5 بالمائة عملة يوميون (خدام حزام) و10,5 بالمائة فقط يمارسون عملا حرفيا في حين اكد 73,5 بالمائة من المشاركين انه سبق لواحد على الاقل من افراد عائلاتهم ان سجن. كما اتضح من خلال إجاباتهم عن تقييمهم لمستوى استهلاكهم للكحول والمخدرات قبل دخولهم السجن اول مرة ان 52,6 بالمائة منهم كانوا يستهلكون الكحول او المخدرات بشكل مفرط يصل إلى حد الإدمان..
إذلال ممنهج
كشف الدراسة في نفس الإطار واستنادا إلى إحدى الشهادات عن وجود اذلال ممنهج يعيشه السجين منذ الدقائق الاولى بعد إيداعه السجن كما تحدث المستجوبون عن الحق في الصحة هو الغائب الأكبر، فوفقا للدراسة فقد أكد المشاركون أنهم لم يكونوا يعانون من امراض مزمنة او اعاقات جسدية لحظة دخولهم السجن كما لم يسبق لاحد منهم ان تلقى رعاية او علاجا من اخصائي في الطب النفسي أو تلقي علاجا من الادمان. كما تفيد غالبية الشهادات انهم لم يلتقوا طبيب السجن الا مرة واحدة او مرات قليلة جدا .
من جانب اخر وفي نفس الاطار فقد كشفت الدراسة ان “الخروج من السجن ليس خاتمة الالام” في ظل صعوبات التأقلم مع المحيط الخارجي حيث عبر 42 بالمائة من المشاركين عن رغبتهم في تلقي علاج نفسي لكن يعتبرون ذلك غير ممكن لسببين رئيسيين : نقص او غياب تام في عدد الاطباء النفسيين العاملين في المنطقة التي يقطنونها في القطاعين العام والخاص او عدم قدرتهم على توفير تكاليف المتابعة.