يتزامن اليوم السبت 13 مارس 2021 مع الذكرى السادسة عشر لاستشهاد زهير اليحياوي وهو ناشط ومدون توفي سنة 2005 بسبب التعذيب الذي عرفه في سجون بن علي.
ولد زهير اليحياوي في 8 ديسمبر 1967 في قصر حدادة في تونس العاصمة وهو ناشط ومدوّن تونسي، الشهيد الأول لجيل الإنترنت. يعتبر رائد المقاومين في الفضاء الإلكتروني. زهير يحياوي المعروف أكثر بلقب التونسي هو أول ضحية لشرطة المعلوماتية في نظام بن علي.
في خريف 2001، أطلق هذا الشاب البالغ من العمر 33 عاماً والذي يحمل شهادة ماجستير في الاقتصاد، إنما عاطل عن العمل، مجلة إلكترونية بعنوان TUNeZINE في إشارة إلى الاسم الأول للرئيس زين العابدين بن علي، زين.
لاقى الموقع نجاحاً فورياً، في تونس كما في الخارج. فقد سحر الشبّان بنبرته الجريئة وبالموهبة التي يتمتّع بها محرّكوه الخمسة الأساسيون. أثارت كتابات فريق زهير يحياوي المدوَّنة باللغة العربية العامّية والتي تنطبع بفكاهة ساخرة، غضب السلطة التونسية. ففيها يوجد الأحداث الآنية والخيال السياسي والهجاء إنما أيضاً التأمل العميق، بلهجة تذكّر بموقع آخر جرى إغلاقه قبل ذلك بوقت قصير بعد عامَين من الوجود والنجاح وكان تحت اسم Takriz (أي طفح الكيل).
عندما نظّم الرئيس بن علي استفتاء للموافقة على حصوله على ولاية رابعة، اقترح موقع TUNeZINE استفتاءه الخاص: هل تونس جمهورية أم مملكة أم حديقة حيوانات أم سجن؟.
وفي جويلية، فيما كانت الشرطة السياسية التابعة لقصر قرطاج تحاول تحديد أماكن وجود المشرفين المعارضين على الموقع، تجاوز زهير يحياوي خطاً أحمر جديداً. فقد نشر على موقعه الرسالة المفتوحة التي وجّهها القاضي الذي يرأس محكمة في تونس مختار اليحياوي وهو عمه إلى بن علي يشجب فيها النظام القضائي.
هذا «القاضي المتمرد» كما لُقِّب، هو عمّه مختار اليحياوي. وقد أعرب الأخير عن «شعوره بالعار» لكونه قاضياً في تونس، ورفضه الاستمرار في إصدار أحكام «تُملى عليه مسبقاً، ولا يمكن استئنافها، ولا تعكس القانون على الإطلاق». كان هذا أول فعل تمرّدي عام يصدر عن قاضٍ في تونس.
كان هذا كثيراً بالنسبة إلى نظام بن علي. وقد تقرّر أن يدفع العم وابن أخيه غالياً ثمن شجاعتهما. عُلِّق الأول عن ممارسة مهماته وخسر راتبه. أما الثاني فأوقِف بعد تعقّبه لأشهر عدّة، وتعرّض للتعذيب، وخضع للمحاكمة، وحُكِم عليه بالسجن عامَين بتهمة «نشر أنباء كاذبة هدفها الإيحاء بحدوث اعتداء» و«سرقة وسائل اتّصال واستعمالها بصورة احتيالية».
وفي الزنزانة التي قبع فيها المعارض الشاب، بدأ إضراباً عن الطعام للمطالبة بالحصول على العناية. وقد استغرق وقتاً قبل أن ينجح في إثارة انتباه المجتمع الدولي. فتحرّكت منظمات غير حكومية مثل مراسلون بلا حدود ومنحته جائزة «الحرية عبر الفضاء السبراني (الإلكتروني)».
بعد ثمانية عشر شهراً من الاعتقال وثلاثة إضرابات عن الطعام، خرج زهير اليحياوي من السجن. لكنه لم يعد الرجل نفسه. فالتعذيب والانقطاع المطوَّل عن الأكل والمعاملة السيئة أحدثت تحوّلاً لديه، وأضعفته. وفي 13 مارس 2005، توفّي في مستشفى الحبيب ثامر بسبب صعوبات في الجهاز التنفسي خلفها التعذيب.