في جلسة عامة عقدت يوم امس الأربعاء 24 مارس 2021، و ب110 صوتا تمكن مجلس نواب الشعب من المصادقة على التنقيحات الخاصة ببعض فصول القانون الأساسي للمحكمة الدستورية و هي تنقيحات اقترحتها الحكومة سنة 2018.
و تعلقت التنقيحات بالفصول 10 و11 و12 من القانون الأساسي عدد 50 للمحكمة الدستورية حيث تمت إضافة فقرتين في الفصل 11 تنص الأولى على فتح باب الترشح لعضوية المحكمة الدستورية بقرار من رئيس مجلس نواب الشعب ينشر بالرائد الرسمي للجمهورية التونسية و يضم تحديدا على اجال تقديم الترشحات و لصيغ ايداعها، و تنص الفقرة الثانية على انه :” ينتخب مجلس نواب الشعب أربعة أعضاء على ان يكون ثلاثة منهم من المختصين في القانون و ذلك بالاقتراع السري بأغلبية الثلثين من أعضائه فاذا لم يحزر العدد الكافي من المترشحين الأغلبية المطلوبة بعد ثلاثة دورات متتالية يتم المرور الى انتخاب بقية الأعضاء بالاقتراع السري بأغلبية الثلاثة اخماس في ثلاثة دورات متتالية ” و اذا لم ينجح المترشحون في الحصول على الأغلبية المطلوبة يتم المرور الى دورة ثانية يتم فيها انتخاب بقية الأعضاء بالاقتراع السري بأغلبية الثلاثة اخماس، في المقابل تم رفض مقترح القانون الأساسي عدد 2020/44 الذي تقدمت به الكتلة الديمقراطية و الذي اقترح حذف لفظ “تباعا” من الفصل 10 من القانون الأساسي للمحكمة و اقترح تكريس مبدأ التناصف في هيكلة المحكمة وهو رفض يتنافى مع مبدأ التناصف الذي نص عليه الدستوري التونسي في فصله 64.
فهل يمكن لرئيس الجمهورية رفض ختم مشروع القانون ؟
يضبط الفصل 81 من الدستور اليات ختم القوانين المصادق عليها من قبل مجلس نواب الشعب، و ينص هذا الفصل على ان رئيس الجمهورية هو الجهة المخولة لختم القوانين وهو الذي يأذن بنشرها بالرائد الرسمي للجمهورية التونسية في أجل لا يتجاوز أربعة أيام من تاريخ:
1. انقضاء آجال الطعن بعدم الدستورية والردّ دون حصول أي منهما،
2. انقضاء أجل الردّ دون ممارسته بعد صدور قرار بالدستورية أو الإحالة الوجوبية لمشروع القانون إلى رئيس الجمهورية وفق أحكام الفقرة الثالثة من الفصل 121،
3. انقضاء أجل الطعن بعدم الدستورية في مشروع قانون وقع ردّه من رئيس الجمهورية والمصادقة عليه من قبل المجلس في صيغة معدّلة،
4. مصادقة المجلس ثانية دون تعديل على مشروع قانون تبعا لردّه، ولم يطعن فيه بعدم الدستورية إثر المصادقة الأولى أو صدر قرار بدستوريته أو أُحيل وجوبا إلى رئيس الجمهورية وفق أحكام الفقرة الثالثة من الفصل 121،
5. صدور قرار المحكمة بالدستورية أو الإحالة الوجوبية لمشروع القانون إلى رئيس الجمهورية وفق أحكام الفقرة الثالثة من الفصل 121، إن سبق رده من رئيس الجمهورية وصادق عليه المجلس في صيغة معدّلة.
باستثناء مشاريع القوانين الدستورية، لرئيس الجمهورية الحق في رد المشروع مع التعليل إلى المجلس للتداول ثانية، وذلك خلال أجل خمسة أيام من تاريخ:
1. انقضاء أجل الطعن بعدم الدستورية دون حصوله وفق أحكام المطة الأولى من الفصل 120،
2. صدور قرار بالدستورية أو الإحالة الوجوبية لمشروع القانون إلى رئيس الجمهورية وفق أحكام الفقرة الثالثة من الفصل 121، في حالة الطعن على معنى أحكام المطة الأولى من الفصل 120.
وتكون المصادقة، إثر الردّ، بالأغلبية المطلقة لأعضاء المجلس على مشاريع القوانين العادية، وبأغلبية ثلاثة أخماس أعضاء المجلس على مشاريع القوانين الأساسية.
اذا دستوريا بإمكان رئيس الجمهورية الموافقة على ختم القانون او رفض الختم حسب سلطته التقديرية، و ارجاعه لمداولات ثانية من قبل مجلس نواب الشعب و الأغلبية المطلوبة في المداولات الثانية هي اغلبية ثلاثة اخماس لان القانون الخاص بالمحكمة الدستورية هو قانون أساسي.
و يمكن لرئيس الجمهورية رفض ختم القانون الأساسي المنقح نظرا لكونه يتنافى مع الفصل 46 من الدستور التونسي و الذي ينص على انه :” تسعى الدولة إلى تحقيق التناصف بين المرأة والرجل في المجالس المنتخبة ” الا انه تجدر الإشارة في هذا السياق الى ان اللفظ الوارد في الفصل هو “تسعى” الدولة أي انه يترتب عليها السعي الى تحقيق التناصف و” ليس واجب تحقيق التناصف ” و عموما بإمكان رئيس الجمهورية الطعن في عدم دستورية القانون الأساسي للمحكمة الدستورية امام الهيئة الوقتية لمراقبة دستورية القوانين لتنافيه مع الفصل 46 من الدستور الخاص بتكريس مبدأ التناصف.
و لا يمكن الحديث على القانون الأساسي للمحكمة الدستورية دون ختم رئيس الجمهورية و دون استكمال عملية انتخاب باقي الأعضاء في هذا الاطار من المنتظر عقد جلسة عامة يوم 8 افريل 2021 لاستكمال انتخاب أعضاء المحكمة الدستورية.
و يعرف الدستور المحكمة الدستورية على انها :هيئة قضائية مستقلة تتركّب من اثني عشر عضوا من ذوي الكفاءة، ثلاثة أرباعهم من المختصين في القانون الذين لا تقل خبرتهم عن عشرين سنة.
يعيّن كل من رئيس الجمهورية، ومجلس نواب الشعب، والمجلس الأعلى للقضاء، أربعة أعضاء، على أن يكون ثلاثة أرباعهم من المختصين في القانون. ويكون التعيين لفترة واحدة مدّتها تسع سنوات.
يجدَّد ثلث أعضاء المحكمة الدستورية كلّ ثلاث سنوات، ويُسدُّ الشغور الحاصل في تركيبة المحكمة بالطريقة المعتمدة عند تكوينها مع مراعاة جهة التعيين والاختصاص.
يَنتخِب أعضاء المحكمة من بينهم رئيسا ونائبا له من المختصين في القانون.