نظم نشطاء من المجتمع المدني التونسي، اليوم الخميس 9 ماي 2024، وقفة احتجاجية أمام مقر بعثة الاتحاد الأوروبي بتونس، احتجاجًا على سياساته في التعاطي مع ملف الهجرة غير النظامية وتصدير أزمته إلى تونس، حسب تقديرهم.
وردد المتظاهرون شعارات منددة بالسياسات التمييزية والعنصرية للاتحاد الأوروبي ضد كل المهاجرين، ومنادية باحترام حقوق الإنسان وكرامة المهاجرين في تونس.
ومن بين الشعارات المرفوعة: “لا وصاية أوروبية على الأراضي الإفريقية”، “سيب الأرض.. سيب البحر.. سيب الحدود”، “لا لا للعنصرية تونس دولة إفريقية”، “لا لسياسات الاتحاد الأوروبي.. الاتحاد الأوروبي قاتل للمهاجرين”، وغيرها من الشعارات.
-
رمضان بن عمر: “الاتحاد الأوروبي حوّل تونس إلى مصيدة للمهاجرين يسهل الدخول إليها ويستحيل الخروج منها”
وقال الناطق الرسمي باسم المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية، رمضان بن عمر، في كلمة له خلال الوقفة الاحتجاجية، إنّه تم اختيار تنظيم هذا التحرك أمام مقر بعثة الاتحاد الأوروبي في تونس، لأنه يمثل الأطراف التي تتحكم اليوم في سياسات الهجرة، والتي تسطّر كل ما يحصل في منطقة البحر الأبيض المتوسط، معقبًا: “هؤلاء هم المسؤولون عن الموت في المتوسط، وصدروا أزمتهم إلى تونس”.
وعقّب قائلًا: “بعد أن كانت هذه الأزمة في السنوات الأخيرة على الحدود اليونانية والإسبانية وفي لامبيدوزا، أصبحت اليوم موجودة في العامرة وجبنيانة والبحيرة”، متابعًا: “دول الاتحاد الأوروبي مستعدة للقيام بما في وسعها كي لا يصلها أي مهاجر وتظل أراضيها آمنة”.
واعتبر الناشط الحقوقي أنّ “الاتحاد الأوروبي حوّل تونس إلى مصيدة للمهاجرين يسهل الدخول إليها ويستحيل الخروج منها”، وفق توصيفه
وانتقد بن عمر الخطاب الرسمي حول مسألة المهاجرين غير النظاميين في تونس، قائلًا: “عوض أن يتجهوا أكثر نحو استجابة إنسانية للأزمة، هم يبحثون عن نظرية المؤامرات”.
ويرى الناطق باسم المنتدى الحقوقي أنّ “المهاجرين الموجودين في تونس هم أشخاص متنقلون وعالقون واضطروا لمغادرة بلدانهم هربًا من الحروب والنزاعات التي يمثّل الاتحاد الأوروبي طرفًا فيها، لكنهم وجدوا أنفسهم في وضعيات صدام مع المجتمعات المحلية في تونس”.
واستدرك قائلًا: “من حق متساكني جبنيانة والعامرة أن يحتجوا، لكن المهاجرين ليسوا هم من اختاروا أن يتواجدوا هناك وإنما السياسات الأوروبية هي التي اختارت ذلك بإيعاز من الدولة التونسية، التي أخرجتهم من المدن وحملتهم في حافلات ثم ألقت بهم في أماكن أكثر هشاشة في باجة والكاف وجندوبة”، ومردفًا أنه “عندما تعتمد الدولة سياسة الفصل مع المهاجرين فإنها تدفعهم إلى التنظّم الذاتي”، حسب تقديره.
وتابع قائلًا إنّ “الاتحاد الأوروبي قادر على استيعاب المهاجرين الموجودين في تونس ونقلهم إلى مكان آمن مثلما قام به في أوكرانيا سابقًا، لكنه يريد تحويل تونس إلى أشبه بمنطقة تحتوي سجونًا للمهاجرين”.
وخلص بن عمر إلى أنّ الهدف الأساسي من تعكير الوضع في تونس في علاقة بالمهاجرين غير النظاميين هو إنشاء مخيم لحجزهم كحلّ وحيد للأزمة، مستطردًا أنّ “المقترحات التي قدموها في 2018 و2019 في هذا الصدد يعودون إليها اليوم”، على حد قوله.
-
عماد السلطاني: “تونس تحولت إلى سجن للتونسيين والمهاجرين”
ومن جانبه قال رئيس جمعية “الأرض للجميع” التي تعنى بالدفاع عن حقوق المهاجرين غير النظاميين، عماد السلطاني، أنّ هذه الوقفة الاحتجاجية بقدر ما هي للتنديد بسياسات التعاطي مع المهاجرين غير النظاميين فإنها أيضًا من أجل مساندة أهالي جبنيانة والعامرة.
وحمّل السلطاني المسؤولية إلى “من تجاهل متساكني العامرة بخصوص أزمتهم مع المهاجرين غير النظاميين، وصدّر الملف وجرّم المجتمع المدني”.
وعقّب الناشط الحقوقي قائلًا: “نعتبر أن المهاجرين من إفريقيا جنوب الصحراء ضحايا مثل أبنائنا الذين يموتون في البحر، وسنقوم بالمستحيل حتى نوحد أيدينا مع المهاجرين ضد الاتحاد الأوروبي المتسبب الأصلي في تهجير المهاجرين”.
ووجه رئيس جمعية “الأرض للجميع” خطابه للسلطات التونسية الرسمية قائلًا: “لا تحاولوا تصدير المشكلة للجمعيات أو للمهاجرين، والخطاب الذي يقول إنّ المهاجرين سيفتكّون أراضينا يترجم ضعف الدولة وتعنتها”، حسب تصوره.
وكان السلطاني قد دوّن على حسابه بفيسبوك قائلًا: “تونس أصبحت سجنًا للتونسيين والمهاجرين من إفريقيا جنوب الصحراء على حدٍّ سواء، والأرقام عن تراجع الواصلين إلى إيطاليا هي أكبر دليل عن ذلك”، وفق تقديره.
وكانت منظمات وجمعيات حقوقية في تونس قد دعت إلى تنظيم وقفة احتجاجية، الخميس، أمام مقر بعثة الاتحاد الأوروبي بتونس، تنديدًا بـ”سياسات الابتزاز وعسكرة السواحل وتحويل تونس لمصيدة للمهاجرين وطردهم جماعيًا نحو الحدود ونقل العبء لفئات هشة من التونسيين التي تعاني نتائج أزمة لم تكن طرفًا فيها”، وفق تعبيرها.
وقالت المنظمات، في بيانها الذي دعت فيه للوقفة، إنّ “الاتحاد الأوروبي يفرض على تونس مسارات تعاون غير عادلة تحقق مصالحه وتصدر حدوده وأزماته وهو ما يقع اليوم للمهاجرين”.
وأكدت أن “الاتحاد الأوروبي ينتهك في مواقفه وسياساته حقوق الإنسان وكرامة البشر في البر والبحر، بتعاون من السلطات التونسية التي تنخرط في ممارسات تمييزية ضد المهاجرين وتنتهك التزاماتها الدولية والإقليمية”، وفق تعبيرها.
وجاء هذا التحرك في سياق عام متوتر في علاقة بملف المهاجرين غير النظاميين من إفريقيا جنوب وغرب الصحراء المتواجدين في تونس، الذي عاد إلى تصدّر الواجهة من جديد، مع مباشرة السلطات التونسية حملات إخلاء عدد من المباني والحدائق العمومية والأرصفة حيث تجمعت مجموعات من المهاجرين.
وتأتي هذه التطورات في علاقة بالمهاجرين في تونس، بالتزامن مع تتالي زيارات مسؤولين إيطاليين رفيعي المستوى إلى تونس، وأيامًا قليلة بعد الاتفاق التونسي الجزائري الليبي على “تكوين فريق عمل مشترك لحماية الحدود المشتركة من مخاطر وتبعات الهجرة غير النظامية”.
يذكر أنّ تدفقات الهجرة غير النظامية من السواحل التونسية في اتجاه أوروبا تراجعت خلال شهر أفريل/نيسان المنقضي، إذ أفاد المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية أنه قد وصل 853 مهاجرًا تونسيًا إلى السواحل الإيطالية، ما يعني تراجعًا بنسبة 18,52% مقارنة بنفس الفترة من السنة الماضية، موعزًا ذلك إلى الانتشار الأمني المكثف برًا وبحرًا.
زر الذهاب إلى الأعلى