كشف الاستاذ العراقي حامد صبر عن وثيقة استحضر فيها قصة اللقاء الذي جمع بين الرئيس الحبيب بورقيبة ووزير الخارجية العراقي فاضل الجمالي الذي استقر بتونس الى غاية وفاته سنة 1997.
وهذا النص الذي نشره الاستاذ حامد صبر:
عام 1954 ذهب الحبيب بورقيبة رئيس” الحزب الدستوري” إلى نيويورك وحاول الدخول إلى مبنى الأمم المتحدة عسى أن يفلح في عرض قضية تونس أمام المجتمع الدولي إلا أن حرس المنظمة الدولية منعوه كونه لا يحمل صفة رسمية تخوله حضور اجتماعات الأمم المتحدة، حاول بورقيبة جاهداً إقناع الحراس السماح له بالدخول دون جدوى شاءت الصدفه ان تتزامن محاولة بورقيبة دخول مبنى الامم المتحدة مع وصول الوفد العراقي برئاسة وزير الخارجية الدكتور فاضل الجمالي الذي تساءل ما يحدث فأخبروه أن رئيس الحزب الدستوري التونسي الحبيب بو رقيبة يحاول الدخول إلى قاعة اجتماعات الأمم المتحدة إلا أنه مُنع كونه لا يحمل صفة رسمية.
فورا استدعى الدكتور فاضل الجمالي الحبيب بورقيبة وقال له “أنت ستدخل إلى مبنى الأمم المتحدة بصفتك عضوا في الوفد العراقي” والتفت الجمالي إلى أحد اعضاء الوفد ورفع شارة كتب عليها وفد العراق ووضعها على صدر الحبيب بورقيبة وقال له أنت الآن أحد أعضاء الوفد العراقي ولن يستطيع أحد أن يمنعك من الدخول إلى مبنى الأمم المتحدة،
دخل بورقيبة مع الوفد العراقي وتحدث الجمالي أمام الأمم المتحدة بصفته رئيس الوفد العراقي وبعد فترة قليلة قال: سأحيل الميكرفون إلى أخي الحبيب بورقيبة للتحدث باسم دولة تونس الحرة، وهنا ساد الصمت في القاعة وغادر الوفد الفرنسي قاعة الاجتماعات احتجاجا
استلم بورقيبة الميكرفون وألقى خطاباً حماسياً بطولياً نال استحسان الحاضرين وإعجابهم ووقف الجميع يصفق ويحيي هذا البطل القومي، وبعد انتهاء خطابه توجه بورقيبة إلى الدكتور فاضل الجمالي وقال له “لا أنا ولا بلدي تونس سننسى لك صنيعك هذا”.
بعد سنتين من هذه الحادثة أي في العام 1956 حصلت تونس على استقلالها من الاستعمار الفرنسي بفضل كفاح شعبها بالدرجة الاولى وكذلك بدعم أشقائها ومن ذلك المبادرة الجريئة والشجاعة من الدكتور محمد فاضل الجمالي رحمه الله
بعد سقوط الحكم الملكي في العراق عام 1958 كان فاضل الجمالي اول رموز النظام الملكي يصدر بحقه عقوبة الاعدام . تدخل الرئيس بورقيبة على الفور مناشدا الرئيس العراقي عبدالكريم قاسم العفو عن الدكتور فاضل الجمالي والسماح له بمغادرة العراق الي تونس وتبع ذلك مناشدات اقليمية دولية اخرى جميعها ترجو الافراج عن الجمالي فاستجاب الرئيس قاسم وسمح بمغادرة فاضل الجمالي بغداد الي تونس حيث رحب به الرئيس بورقيبة وفاءا لموقفه أعلاه
عند وصول فاضل الجمالي تونس استقبله بورقيبة مرحبا وعرض عليه ان تمنحه الدولة التونسية راتبا فابى الاخير الا ان يكسب عيشه بمجهوده الذاتي فعمل أستاذا في إحدى الجامعات التونسية . أطلق بورقيبة اسم فاضل الجمالي على أحد شوارع العاصمة التونسية وعمل هناك بكل احترام وتقدير حتى توفي فيها.
ملحوظة لافتة
في عام 1995 وبمناسبة مرور خمسين عاماً على تأسيس الأمم المتحدة ارسلت دعوة لفاضل الجمالي لحضور الاحتفال بصفته أحد الموقعين على تأسيس الأمم المتحدة، رد الجمالي على الدعوة برسالة جاء فيها (ان الامم المتحدة تحاصر بلدي وتقتل الاطفال والعجزة وتصنع الموت لن أحضر احتفالها).