ثقافة

مهرجان بومخلوف: انفتاح على المواهب الشبابية في الجهة ومراهنة على الطاقات المحلية

في ساحة بلدية الكاف، وفي أجواء صيفية احتفالية، احتضنت الدورة 49 من مهرجان بومخلوف الدولي سهرة شبابية مفتوحة أحيتها كل من مجموعة César Band ومجموعة مازن بوزيدي، لتؤكد هيئة المهرجان مجددًا على توجهها الاستراتيجي في دعم الإبداع المحلي والانفتاح على الطاقات الشبابية بالجهة.
موسيقى عابرة للأنماط والحدود
لم تكن هذه السهرة مجرد عرض فني عابر، بل مثلت لقاءً حيًّا بين جمهور الكاف، المتعطّش إلى الإبداع، وشباب المدينة الذين يثبتون مرة بعد أخرى أن لهم ما يقولونه على الركح. وقدمت مجموعة César Band أداءً لافتًا تفاعل معه الجمهور بحرارة، مزجت فيه بين الأغاني الغربية والعربية وأغاني الطفولة التي شكلت ذاكرة أجيال، لتخلق لحظات من الانسجام والحنين.
هذه الفرقة التي تتكون من شباب الجهة، تجمع بين الطرافة الموسيقية والطاقة المسرحية، وهي تمثل اليوم واحدة من التجارب الفنية الناشئة التي بدأت تجد لنفسها موقعًا مميزًا في المشهد الثقافي المحلي، بفضل اعتمادها على أداء حيّ يعكس صدق التجربة ونبض الواقع.
مازن بوزيدي: صوت من الجهة
من جهته، قدّم الفنان الشاب مازن بوزيدي مجموعة من الأغاني التي تعكس انتماءه إلى بيئته الثقافية، مطعّمة بروح معاصرة تلامس مشاغل الجيل الجديد. أداؤه الصادق وصوته المتفرّد أعادا إلى الأذهان أهمية فسح المجال للمبدعين المحليين للصعود على المسارح الكبرى وتقديم رؤيتهم الفنية دون وصاية أو إقصاء.
انفتاح استراتيجي على الشباب
اختيار هيئة مهرجان بومخلوف تنظيم سهرة مفتوحة بهذه الروح الشبابية لم يكن صدفة. فالبرنامج الموازي لهذه الدورة راهن منذ بدايته على دمج الشباب في تفاصيل المهرجان، سواء من خلال العروض أو عبر التنظيم والمبادرات الثقافية المصاحبة. ويتجلى هذا التوجه أيضًا في عرض الافتتاح “الكاف تغني صليحة”، وهو عمل فني يكرم أيقونة الغناء التونسي صليحة، من خلال أداء الفنان عبد الرؤوف مبروك، بمشاركة عدد من الفنانين والعازفين من أبناء الكاف.
هذا العرض يؤكد رغبة المهرجان في الجمع بين التراث والمستقبل، بين الذاكرة الجماعية والرؤية الجديدة للشباب، في مقاربة ثقافية قائمة على التراكم لا على القطيعة.
الثقافة حق للجميع
ما يميز هذه الدورة من مهرجان بومخلوف هو حرصها على جعل الثقافة في متناول الجميع، وتوسيع رقعة المشاركة لتشمل الفنانين الشبان ومكونات المجتمع المدني المحلي. السهرات المفتوحة المجانية، مثل تلك التي نظمت بساحة البلدية، تعزز مبدأ الديمقراطية الثقافية وتعيد الاعتبار للفضاءات العمومية كمسرح حيّ للفعل الفني والتعبير الحر.
نحو تثبيت نموذج جديد
في ظل التحديات التي تواجه المهرجانات الجهوية من حيث التمويل والترويج، يبدو أن مهرجان بومخلوف بصدد تثبيت نموذج جديد يقوم على إشراك الفاعلين المحليين، وتثمين الكفاءات الشابة، وكسر الحواجز بين الفن والمجتمع.
هي مقاربة قد تبدو بسيطة، لكنها في عمقها ثورية، لأنها تعيد تعريف العلاقة بين المهرجان والمدينة، بين الفن والحياة، وتفسح المجال أمام جيل جديد ليحلم، ويبدع، وينحت لنفسه مكانًا تحت الأضواء.
ملاك الشوشي

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى