إختتمت اليوم لجنة الخبراء أعمالها بعد ثلاثة أيام من الحوارات المكثفة واللقاءات التشاورية التي ركزت على التحديات الأمنية الراهنة في القارة الإفريقية، بما في ذلك الإرهاب العابر للحدود، الجماعات المسلحة، وملفات الهجرة غير النظامية.
هذه الاجتماعات، التي جمعت خبراء أمنيين واستراتيجيين، تهدف إلى صياغة توصيات عملية سيتم رفعها اليوم إلى أعضاء المجلس الإفريقي لأمن الدولة والتنمية (“سيسا”) خلال الجلسات الرسمية المقبلة.
ويأتي هذا الانعقاد في وقت حاسم بالنسبة لليبيا، التي تستعد لتسلم رئاسة “سيسا” رسميًا، في خطوة تعكس إرادتها لعب دور محوري في تعزيز الأمن الإقليمي.
ومن المتوقع أن يشهد اليوم الافتتاحي الرسمي للقمة حضور 104 ضيف يمثلون 51 دولة ومنظمة دولية وإقليمية، في علامة على الثقل الدبلوماسي والأمني لهذه القمة.
وتشكل مشاركة رؤساء أجهزة المخابرات الإفريقية، إضافة إلى ضيوف المؤتمر، فرصة لتبادل الخبرات وبناء آليات مشتركة للتصدي للتحديات الأمنية المعقدة التي تواجه القارة.
ويأتي ذلك في ظل مخاوف متنامية من تصاعد الصراعات المسلحة في بعض مناطق الساحل، والتأثير المتسلسل للجريمة المنظمة على الاستقرار الوطني والإقليمي.
وفي سياق تعزيز الشفافية وإشراك الإعلام في نقل واقع القارة، عقد رئيس جهاز المخابرات الليبية، الفريق أول حسن العائب، ليلة أمس لقاءً ودّيًا مع أكثر من 45 وسيلة إعلامية إفريقية وعربية.
وأكد العائب خلال اللقاء على الدور المحوري للإعلام في نقل الصورة الحقيقية للتحديات الإفريقية، مشددًا على حرص ليبيا على توفير بيئة مناسبة للصحفيين للقيام بعملهم بكفاءة، ومثمنًا دور الإعلام في إنجاح “الرهان الإفريقي المهم والتاريخي” كما وصفه.
تحليل الخبراء يشير إلى أن القمة الليبية تمثل أكثر من مجرد اجتماع بروتوكولي؛ فهي محاولة لإعادة تشكيل خارطة التعاون الأمني في القارة، من خلال اعتماد استراتيجيات موحدة، وتطوير نظام تنسيق فعال بين أجهزة المخابرات، ومواجهة التحديات العابرة للحدود بآليات شاملة تتضمن الاستخبارات، الدبلوماسية، والتنمية المستدامة.
ويأتي دور ليبيا في هذا السياق الاستراتيجي ليس فقط كوسيط محوري، بل كمحرك للجهود الإقليمية لإعادة التوازن الأمني في مناطق تعاني من تراجع الدولة وانعدام الاستقرار، بما يعكس تطلعات القارة لتحقيق أمن شامل ومستدام.
مع هذه القمة، ترسم ليبيا مسارًا جديدًا لدورها الإفريقي، حيث تلتقي الرؤية الوطنية بالأهداف الإقليمية، لتؤكد أن الأمن الإفريقي لا يمكن أن يتحقق إلا من خلال التعاون المشترك والتنسيق المستدام بين الدول، مع مراعاة خصوصيات كل منطقة والتحديات المحلية.
ملاك الشوشي