رأي: قراءة أولية لأزمة الخليج
بقلم بشير النفزي – نائب مجلس الوطني التأسيسي وقيادي في تونس الارادة:
كان القرار السعودي البحريني الإماراتي و الذي نسجت على منواله تباعا مصر و اليمن و حكومة حفتر و المتمثل في قطع العلاقات الدبلوماسية مع دولة قطر و إغلاق كل الحدود و المنافذ البحرية و الجوية و البرية إظافة لطرد الرعايا القطريين من أراضي هذه الدول تطورا مفاجئا و تصعيدا كبيرا و لكنه في تقديري الشخصي لن يخرج عن إطار مناورات تسجيل النقاط و الهروب للأمام و لعب أوراق الضغط الممكنة بغاية تحسين التموقع الإقليمي…حيث أن الخطوط الحمر في هذا التصعيد حددتهم واشنطن من خلال تصريح وزير خارجيتها تيلرسون و الذي أكد بما معناه أن وحدة دول الخليج خط أحمر ، و تماسك مجلس التعاون الخليجي كذلك خط أحمر و أخيرا إنخراط كل دول الخليج في الحرب على داعش خط أحمر… إنطلاقا من ذلك فردة فعل الدبلوماسية القطرية الأولي كان هادئا لأبعد الحدود و لعب على ثلاث رسائل مضمونة الوصول، أولها اللعب على ورقة الرأي العام الخليجي و العربي، حيث أن الغالبية المطلقة لمواطني الخليج تعبر صراحة عن رفضها لهذا التصعيد، كذلك رسائل الطمأنة بأنه لن يقع التضييق أو طرد مثلا 200 ألف مصري مقيم في قطر، أخيرا تركيز قطر على خطر الإضرار بمجلس التعاون الخليجي وهي الهمسة التي تبرقها قطر لإدارة البيت الأببض .. الرسائل و الإيحاءات القطرية تزامنت مع تركيز إعلامي قطري على إحراج دول التبعية للقرار السعودي الإماراتي وتحديدا اليمن و مصر، فحملة مكثفة للتعريف بالدور القطري ضمن قوى التحالف العربي لدعم “الشرعية” وهو ما يشكل إحراجا لقرار الرئيس الهادي و الذي هو مقيم على الأراضي السعودية، كذلك فالإحراج لمصر سيكون أكبر ،من خلال التلويح الضمني بورقة ضغط عدد المقيمين من الجالية المصرية وهو عدد كبير جدا و كذلك التركيز على التدخل العسكري في الأراضي الليبية.. إقليميا كذلك، فالفرصة سانحة لتركيا لتلعب و تفعل دورها في المنطقة عبر الوساطة المنتظرة بإعتبارها شريكا إستراتيجيا للسعودية و قطر. نفس الشيء بالنسبة لإيران و التي أشارت بصفة واضحة لرفضها مبدأ التصعيد ضد قطر و بالتالي نحن قادمون على إفرازات مشابهة لإفرازات أزمة الخليج لسنة 2014 و العودة بالتالي للمحاور ما قبل إندلاع الربيع العربي أي على قاعدة الإصطفاف الإقليمي الإيديولوجي و ليس الإصطفاف الإقليمي الطائفي و هذا من شأنه خلط كل الأوراق . على مستوى مجلس التعاون الخليجي، فتعويل قطر سيكون كبيرا على الدور الذي ستلعبه الكويت و التي ، أعتقد، أنها ستكون عنصرا محوريا في إدارة الأزمة الدبلوماسية و حلحلتها. من السذاجة بما كان إعتبار قرار التصعيد بدون علم ترامب أو الولايات المتحدة، ولكن ردة فعل الدبلوماسية الأمريكية غامض و متضارب، من ناحية هنالك مباركة قبلية بنيت عل أساس عدم تجاوب قطر في حملة دفع مئات المليارات خلال زيارة ترامب للسعودية و من ناحية أخرى سفيرة الولايات المتحدة في قطر تعيد نشر تدوينات داعمة لقطر و مثنية على العلاقة “العظيمة” بين البلدين كما سمتها. .. في المحصلة فأغلب الظن أن قطر ستخرج من هذا التصعيد بأمان و قد تضطر لبعض التنازلات الآنية فنفوذها المالي في العالم و إحتوائها أكبر قاعدة أمريكية في المنطقة و هي قاعدة السيلية، كذلك فالإمارات والتي تعيش أزمة خانقة بسبب نشر تسريبات البريد الإلكتروني لسفيرها في الولايات المتحدة ستتوخى سياسة الهروب للأمام …الخاسر الأكبر في تقديري ستكون مصر السيسي و كل من إختار التخندق الأعمى من خارج المجموعة الخليجية لذلك نرى مواقف تركيا و إيران متزنة جدا لحدود اللحظة. أتمنى أن تنتهج الدبلوماسية التونسية سياسة ذكية قد تمكنها من ربح الكثير لو تلعب دورا على شاكلة الدور الكويتي المرتقب…