توقفت صباح يوم امس الثلاثاء 30 جوان 2020 بشكل فجئي حركة سير القطارات جراء تنفيذ السواق، وقفة احتجاجية بسبب تأخّر صرف أجورهم لشهر جوان 2020، ما انجر عنه تذمر شديد من مستعملي هذا المرفق الحيوي بعد تعطل مصالحهم وسط معاناة من قيظ شديد وظروف تنقل مزرية.
وبعد اخذ ورد ولعب عنصر المفاجأة لدوره وهو ما اعتاد عليه أعوان الشركة في تنفيذ إضراباتهم على خلاف الصيغ القانونية وفي خرق صارخ لأي وازع، خرج كاتب عام الجامعة العامة للسكك الحديدية عربي اليعقوبي لـ “التبشير” بأنّه تمت دعوة منظوريه إلى العودة للعمل بعد تعهد الرئيس المدير العام للشركة التونسية للسكك الحديدية بصرف الأجور صباح اليوم الأربعاء.
وتعيش الشركة الوطنية للسك الحديدة طيلة السنوات الأخيرة الفارطة على وقع فوضى عارمة في ظل وضعية انهيار مالي تام أكدها مسؤولو الوزارة في العديد من المناسبات وذلك بالخصوص نتيجة التواتر الحاد لانقطاع العمل وضعف المردودية بسبب الاضطرابات الاجتماعية التي لا تنتهي متمثلة في الإضرابات والاحتجاجات والاعتصامات إضافة إلى تقادم اسطول القطارات والمعدات وتراجع المداخيل، وسوء التصرف داخل هذه المؤسسة والذي اتخذ صبغة هيكلية و متجذرة.
كما يبين المسؤولون منذ مدة طويلة أن كافة الجهود التي بذلت لتلافي هذه الأوضاع كان مصيرها الفشل والتعطيل رغم تعلقها بمسائل حيوية على غرار تدعيم نشاط نقل البضائع واستعادة نقل الفسفاط وتحسين النقل الحديدي والرفع من مستوى الخدمات وتسهيل تنقل المسافرين وفك العزلة عن المناطق الداخلية وربطها ببقية الولايات فضلا عن ضمان الأمن لحماية المسافرين، والعمل على تعويض المغادرين إلى التقاعد.
في جانب آخر، تبرز البيانات المحينة و المتعلقة بنشاط الشركة أنها سجلت سنة 2017 خسارة تناهز 81 مليون دينار لتصل قيمة خسائرها المتراكمة نحو 577 مليون دينار وهو ما يعادل 3 أضعاف ونصف قيمة رأس مالها المقدر بحوالي 162 مليون دينار مما يعني انه من الضروري، قانونا وعرفا، قانونا إعلان تفليسها في الحين.
وتناهز اعباء الاستغلال 228.5 مليون دينار مقابل مداخيل في حدود 164 مليون دينار علما أن عدد الأعوان يساوي 4500 عونا يتقاضون أجورا سنوية تعادل نحو 120 مليون دينار ويساوي على هذا الأساس الأجر الشهري الخام للعون الواحد في الشركة 2200 دينار كمعدل، دون اعتبار الامتيازات العينية الأخرى من إعاشة وملبس وتذاكر الأكلة ونقل مجاني على الشبكة وعلاج في مصحات المؤسسة وقروض وغيرها الى جانب انتداب عدد مهم من أبنائهم.
كما يتضح من خلال متابعة نشاط المؤسسة أن الأسطول يشهد تھرؤا وتقادما شديدين فضلا عن انقطاع عدد من الخطوط منذ مدة طويلة وتقلص نصیب النقل الحديدي في نقل البضائع بنسبة تتجاوز الـ50% وفقا للتقديرات المتاحة.
يذكر انه وفي خضم هذه الإشكاليات، فان سلط الإشراف توضح بشكل متواصل أنه لا توجد نیة لبیع شركة السكك الحديدة التونسية أو خوصصتھا.