قضايا وآراء

فرضية العملية العسكرية الامريكية ضد ايران.. مشهدية ما بعد الحدث !!

 

وقد صرح في السياق ذاته المستشار الألماني “غريدريش ميرتس” على هامش القمة ان اسرائيل تقوم بالعمل القذر في ايران نيابة عن الغرب بأسره مؤكدا على امتنانه واحترامه  للجيش الاسرائيلي وقيادته السياسية على تحليهم بالشجاعة للقيام بما فعلوه في ايران..على حد تعبيره، المستشار الالماني أضاف معلقا على خروج الرئيس الأمريكي ترامب المفاجئ من القمة قبل نهايتها وتوجهه على عجل للبيت الأبيض لترأس اجتماعا للجنة الأمن القومي قائلا ” اعتقد ان الرئيس ترامب سيتخذ اليوم قرار توجيه ضربة عسكرية لإيران “

كل هذا الزخم الداعم للعدوان الاسرائيلي على ايران والانخراط الأمريكي المرتقب في الحرب، سبقه دعوات ومناشدات رسمية اسرائيلية تطالب الامريكي بالانخراط في حرب بحجة توجيه الضربة القاضية لإيران وانهاء الحرب حيث تشكلت قناعة في إسرائيل ان مواجهة طويلة الأمد مع ايران لن تكون في صالح اسرائيل عسكريا خاصة بعد ان بدأت منظومات الدفاع الجوي في التهاوي امام موجات القصف الايراني..وانه لن تنتهي هذه المواجهة التي أشعل نيرانها ناتنياهو إلا بتدخل ترامب .

من جهة اخرى ورغم تهديدات ترامب لايران وحدتها وصولا للتهديد باغتيال المرشد الاعلى السيد علي خامنئي، وعديد اجتماعات لجنة الامن القومي المتتالية التي ترأسها لم يتخذ اي قرار بشأن القيام بعمل عسكري ضد ايران، لكن تهديدات ترامب لايران لم تتوقف.

ولفهم حقيقة الأوضاع وموازين القوى واحتمالية تطور المشهد سنذهب مباشرة لفرضية قيام الأمريكي بالاقدام على على عمل عسكري ضد إيران..وحتى نتمكن من محاولة استشراف مشهد ما بعد الضربة الامريكية لايران في حال وقوعها يجب ان نجيب اولا على الاسئلة :

1-     ما مدى فاعلية هذه العملية العسكرية وقدرتها اولا على تدمير المشروع النووي الايراني وثانيا القضاء على القدرات الهجومية الايرانية وخاصة الصاروخية ؟

2-     هل ستكون إيران قادرة على الرد على الضربة الامريكية ؟

3-     ما هي التكلفة الاستراتيجية لهذه الضربة بالنسبة للامريكي ؟

 

في علاقة بمدى فاعلية الضربة الامريكية ومدى فاعليتها، فالمزمع عليه في التصريحات الاسرائيلية والامريكية ان الامريكي سيستهدف مفاعل فوردو بواسطة القنابل الخارقة للتحصينات الأكثر تطورا  من فئة GBU-57، واستهداف ترسانة إيران وقدراتها الصاروخية .

هنا نسلم جدلا بأن العملية العسكرية الامريكية قادرة على تدمير او بالحد الادنى الحاق اضرار كبيرة بمفاعل فوردو والذي نظرا لطبيعة موقعه الجغرافي وشدت تحصيناته يحتاج لاكثر من مجرد ضربة واحدة لإلحاق الضرر به…وسنسلم كذلك جدلا بقدرة الامريكي استهداف منصات الاطلاق ومخازن الصواريخ الموجودة “على سطح الارض” هذا بحال تمكن من الاساس من تحديد اماكنها جميعا واستهدافها..ماذا سيفعل بخصوص المدن الصاروخية الموجودة تحت سطح الارض وباعماق وتحصينات تحتاج الى عشرات القنابل من فئة GBU-57 لتدميرها، هل يمتلك الامريكي مخزونا كافيا لتدمير عشرات المدن الصاروخية تحت الارض منتشرة في كامل الجغرافية الإيرانية واي تكلفة اقتصادية يمكن لاقتصاد بمؤشرات ركود عالية الاقتصاد الامريكي يمكنه ان يتحملها جراء هكذا عملية عسكرية .

وعلى فرض ذلك هل ستبقى ايران مكتوفة الايدي الى حين انهاء الأمريكي عربدته في أراضيها وتدمير قدراتها العسكرية..قطعا لا رغم انها قد تتلقى ضربات موجعة لكن من الاكيد انها ستواجه بالمثل وتتصدى للهجوم الأمريكي وسترد بكل شدة وهو ما اكدته التصريحات الايرانية من مختلف مستويات القيادة السياسية والعسكرية.

هنا نستنتج ان مسألة فاعلية عملية عسكرية امريكية محدودة ضد ايران غير مضمونة خاصة وان الحديث عن تدمير البرنامج النووي الايراني يحتاج يستوجب استهداف بقية المنشآت النووية الايرانية، بالتالي فرضية العملية العسكرية الامريكية المحدودة ساقط من الأساس ولا يمكن للامريكي اذا اراد التحرك عسكريا ضد ايران التحضر لمواجهة كاملة في مقابل الرد الايراني. من زاوية اخرى من السذاجة الاعتقاد ان ايران لم تأخذ بالحسبان فرضية انضمام الامريكي الى المواجهة وانها لم تأخذ احتياطاتها او لم تضع الخط والاستراتيجيات المناسبة لهكذا فرضية ممكنة جدا في ظل الوضع الراهن بما في ذلك حماية مراكزها الحساسة والاستراتيجية وخطط الدفاع وخاصة الهجوم.

بالتالي سواء اقدم الامريكي على عملية عسكرية محدودة او انخرط بشكل كامل في المواجهة لن يتمكن من القضاء بجرة قلم على قدرات ايران الهجومية، فباستثناء ما تمتلكه قوة صاروخية تمتلك كذلك قوة بحرية عسكرية تجعلها قادرة ليست فقط على اغلاق مضيق هرمز وبسط سيطرتها على كذلك الخليج العربي وخليج عمان، وفي فترة زمنية قصيرة، بل ان القواعد الامريكية في دول الخليج ستكون على مرمى حجر، فبعض عشرات من الصواريخ  والمسيرات كافية لاستهدافها مباشرة وتدميرها نهائيا .

قد يتمكن الامريكي والاسرائيلي في هكذا مواجهة من اعادة ايران 20 عاما الى الخلف ولكن بالمقابل ايران لديها كل القدرة العسكرية الكاملة على انهاء المصالح والوجود الامريكي في المنطقة ومن خلفه اسرائيل…هذا دون الاخذ بعين الاعتبار حلفاء ايران في المنطقة من محور المقاومة خاصة ومدى الضرر الذي سيلحقونه بالامريكي والاسرائيلي معا في حال اندلعت المواجهة مع الامريكي

خسارة الأمريكي لمصالحه التي أسس لها على مدار عقود طويلة في المنطقة بالكامل ونهاية وجوده فيها فرضية عالية التحقق وبكلفة استراتيجية اقتصاديا وعسكريا عالية جدا، فاذا ما انخرط في عملية عسكري ضد ايران سيكون وجوده وكافة مصالحه في المنطقة تحت رحمة الصواريخ الايرانية .

.

هنا طبعا ستكون الفرصة الذهبية للصين و روسيا لاخذ زمام المبادرة في كامل المنطقة وصولا الى شمال افريقيا.. .

الامريكي ياخذ بعين الاعتبار هذا السيناريو جيدا و يجري حساباته بمنطق الربح والخسارة لاي خطوة عسكرية ضد ايران.

وهو يعلم ان هناك عديد التوازنات الاقليمية والدولية التي ستكون على المحك في حال تورطه عسكريا مع ايران.

فنهاية او حتى مجرد تراجع الهيمنة الامريكية في الشرق الاوسط يعني ذلك مباشرة تراجعها في القارة العجوز أوروبا، مما سينتج عنه تقلص وتراجع السطوة الامريكية على مستوى العالم .

وهنا الحديث عن الهيمنة العسكرية وما يفوقها اهمية وهي الهيمنة الاقتصادية وما سينجر عنه من تراجع للدولار الذي يشكو اساسا من تقلبات الاسواق المالية وتراجع قيمته بسبب مؤشرات الركود في الاقتصاد الامريكي.

بكل ما تقدم يمكن ان نستشرف مشهدية مع بعد العملية العسكرية الامريكية المفترضة ضد ايران مختصرة في خسائر كبيرة وموجعة ستتكبدها ايران ولكن بالمقابل ستثبت وتعزز مكانتها كقوة اقليمية نافذة ومتحكمة وكرقم صعب في المعادلات الدولية، في المقابل نهاية الوجود الامريكي ومشروعه وكافة مصالحه في المنطقة وتراجع هيمنته جراء ذلك في بقية جغرافيا العالم خاصة أوروبا، وكذلك قطع ابرز واهم ذراع امريكية اسرائيل وتدميرها.

ولكن يبقى دائما طبع الكووبويي غالب..السلوك الأرعن من صفات الابرز في السياسات الامريكية وهو ما يجعل عديد المراقبين يتوقعون امكانية ذهاب الامريكي الى مغامرة غير محسوبة العواقب في اي لحظة واردة.

والخبر ما ترون لا ما تسمعون .

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى