صفاقس: انطلاق منتدى تونس للأعمال والتصدير
وسط مشاركة واسعة للخبراء الاقتصاديين ووفود الأعمال من البلدان الإفريقية والمغاربية (ليبيا والمغرب وتونس)، انطلقت، اليوم الأربعاء، بأحد نزل مدينة صفاقس، فعاليات الدورة الرابعة لمنتدى تونس للأعمال والتصدير، الذي تنظمه غرفة التجارة والصناعة لصفاقس على مدى يومين.
وتميزت هذه التظاهرة الاقتصادية السنوية، التي تجمع بين عرض المنتوجات المعدة للتصدير واللقاءات الفكرية ولقاءات الشراكة، بمشاركة 72 موردا ومركزية شراء و41 رجل أعمال وممثل عن هياكل اقتصادية من 10 دول، وهي الكوت ديفوار والكامرون والكونغو برازافيل وبوركينا فاسو والسينيغال والتشاد والمغرب وليبيا والكندا والاتحاد الأوروبي، بالإضافة إلى 95 مؤسسة تونسية.
وقال رئيس غرفة التجارة والصناعة لصفاقس، رضا الفراتي، في ندوة افتتاحية تحت عنوان “حدود العولمة في مواجهة الأزمات الاقتصادية”، أن المشاركة الواسعة للوفود الأجنبية في هذا المنتدى، يعكس عمق العلاقات مع تونس والثقة في هياكلها الاقتصادية ومؤسساتها، مبينا أن عولمة الاقتصاد أتاح فرصا هامة ولكنه طرح في المقابل تحديات وإشكاليات ساهمت جائحة “كورونا” في مفاقمتها على الصعيدين المجلي والدولي. وحذر من محدودية إمكانيات التبادل وخلق الثروة وهو ما يفسر التخوف اليوم المتعاظم من المجاعات التي قد تضرب عديد الشعوب والبلدان في الفترة القادمة.
لاحظ الفراتي، أنه وعلى الرغم من هذه الصعوبات والتحديات، تشارك اليوم في المنتدى 95 شركة تونسية و130 مؤسسة أجنبية ومركزية شراء وموردين مع عديد الدول، داعيا الحكومة إلى تلقي الرسالة الإيجابية من الفاعلين الاقتصاديين ومساعدتهم على إبرام الشراكات المثمرة.
من جهتها، بيّنت مستشارة رئيسة قسم التجارة لدى بعثة الاتحاد الأوروبي في تونس، “ستيفاني فادي”، في مداخلة حول “فرص التجارة بين إفريقيا والاتحاد الأوروبي وتونس في مواجهة التغيرات العالمية”، أهمية الفرص والرهانات الماثلة في السياق الاقتصادي الحالي، مبرزة أهمية الانتقال الأخضر والانتقال الرقمي وحظوظ نجاحهما بالنسبة لدول الاتحاد الأوروبي. وشددت في هذا السياق، على أهمية التشجيع على الصناعات النظيفة والاقتصاد في الموارد الطاقية.
وبخصوص الانتقال الرقمي، قالت “ستيفاني فادي”، إنّه يقوم على عدد من العناصر الأساسية في مقدمتها الكفاءات والمؤسسات وما تحتاجه من صناعة ذكاء والبنية الأساسية الملائمة والمساعدة على هذا الانتقال الرقمي.
من جهة أخرى، قدم “ستيفن تيبمان”، المدير العام للمؤسسة الكندية “تي آف أو كندا”، وهي مؤسسة غير الربحية مختصة في تطوير التجارة في كندا وتيسير العلاقات بين التجار الكنديين والأجانب، بيانات ومؤشرات عن السوق الكندية وعادات الاستهلاك فيها وما توفره من فرص لتواجد المنتوجات الأجنبية، بالإضافة إلى فرص الهجرة واستقطاب الكفاءات فيها.
واستعرض أيضا، الخدمات المعلوماتية والاستشارات التي تتيحها مؤسسة للمتعاملين معها خاصة في مجال دراسات السوق في عديد الاختصاصات الواعدة، فضلا عن تنظيم الصالونات والتظاهرات المساعدة على تطوير الصادرات والمبادلات.
وتعد كندا المورّد الـ14 للبضائع في العالم بقيمة 614 مليار دولار كندي، وخامس الموردين في العالم للمواد الغذائية بقيمة 44 مليار دولار في السنة، وهي واردات قادمة من 191 دولة، بحسب الأرقام التي قدمها ستيفن تيبمان. ومن أبرز المنتوجات التونسية المصدرة إلى كندا زيتون الزيتون (20 بالمائة) والتمور والنسيج وقطع الغيار.
وقدم الوفد الليبي المشارك في المنتدى ممثلا في شخص عضو هيئة التدريس بكلية الاقتصاد بجامعة مصراتة، عبد الحميد علي الفضيل، مداخلة عن “انخفاض قيمة الدينار الليبي: الأسباب والتداعيات وسبل المعالجة”. واستعرض فيها خصائص الاقتصاد الليبي ومنها ارتفاع نسبة مساهمة الناتج النفطي في الناتج المحلي والاعتماد على صادرات النفط وتدني مساهمة القطاع المصرفي في الحياة الاقتصادية، فضلا عن عدم وجود قاعدة بيانات دقيقة متعلقة بالمتغيرات الاقتصادية والمالية يمكن من خلالها وضع الخطط المتعلقة بالتنمية.
وأبرزت المداخلة “غياب أية إصلاحات اقتصادية في ظل مع تعرفه البلاد من تجاذبات سياسية والفساد المالي والإداري باعتبار أن ليبيا هي واحدة من الدول العشرة الأولى للدول الأكثر فسادا حسب مؤشر مدركات الفساد لمنظمة الشفافية الدولية.
وقدم الخبير الاقتصادي معز الجودي، محاضرة عن وضع وآفاق الاقتصاد الوطني والاقتصاد العالمي في ظل التغيرات الدولية والأزمة الصحية التي تحولت إلى أزمة مالية واقتصادية جعلت من المرحلة الراهنة من أدق المراحل، وينتظر منها أن تؤدي إلى انخفاض في النمو الاقتصادي في ظل مشاكل التضخم المالي وارتفاع أسعار المواد الأولية وارتفاع كلفة الإنتاج والتوزيع واللوجيستيك.
وقال إنه مقابل القطاعات المتأزمة بسبب الظرفية غير الملائمة هناك قطاعات تشهد تطورا وتتيح فرصا واعدة على غرار صناعة الأدوية واللوجيستيك والأنشطة الصديقة للبيئة والمقتصدة للطاقة.
وشدد الجودي، على ضرورة القيام بجملة من الإصلاحات العميقة في تونس في عديد المجالات في مقدمتها الصناديق الاجتماعية وصندوق الدعم والمنظومة الجبائية التي ينبغي أن تكون مرتبطة بالنمو الاقتصادي وحافزا له، بعيدا عن “شيطة المستثمر ورجل الأعمال” حتى تنجح الإصلاحات مع استغلال نقاط القوة في الموارد البشرية والموقع الاستراتيجي لتونس وغيرها.
وتراهن غرفة التجارة والصناعة من خلال تنظيمها لهذا المنتدى، على “المساهمة الفعلية في تحسين مؤشرات تموقع المنتوجات التونسية في الأسواق العالمية وأن تتوج التظاهرة بعقود تعاون مثمر تتيح الفرصة أمام المؤسسات التونسية لترويج منتوجاتها في أسواق البلدان المشاركة في المنتدى”، وفق ما بينته المديرة العام للغرفة في ندوة صحفية في وقت سابق.
وتتوزع مشاركات المؤسسات التونسية ومركزيات الشراء المشاركين في المعرض ولقاءات الشراكة والندوة الفكرية، على اختصاصات وقطاعات مختلفة، من أبرزها قطاع تكنولوجيات الاتصال والإعلامية، وصناعة الدواء والصناعات الغذائية والميكانيك والبناء وغيرها.