أكّد رئيس الحكومة كمال المدوّري أنّ اختيار موضوع « المؤسّسة والتحوّلات الكبرى/التأقلم والفرص المتاحة »، في الدورة 38 من أيّام المؤسّسة، يعكس عمق الوعي بالتغيّرات المتسارعة، التي يعيشها العالم على المستوى الجيوسياسي أو المناخي أو التكنولوجي، والتي تتطلب تظافر الجهود لتحقيق التنمية الشاملة.
ودعا إلى حسن إستقراء التحوّلات والمتغيّرات العالمية الراهنة وتأثيراتها على علاقات تونس التجارية ومرونتها الاقتصادية وموقعها الاستراتيجي والقدرة على بلورة سياسات فعّالة وناجعة وتنويع الشراكات والاستفادة من الفرص الناشئة.
وذكّر المدوري بدعوة رئيس الجمهورية إلى بناء « نظام إنساني جديد قوامه نظام مالي متضامن ومدمج » وتوجه تونس إلى إرساء مقاربة تنموية وطنية جديدة حددها دستور البلاد « لتكون متجانسة ومندمجة وشاملة تتجاوز هنّات وآثار الخيارات الفاشلة اجتماعيا واقتصاديا وتؤسس لعقد مواطني جديد يقوم على الثقة والمسؤوليّة ».
كما ذكر « بثوابت وأسس المقاربة، التّي حددها رئيس الجمهورية القائمة على توفير كل شروط ومقوّمات الإقلاع الاقتصادي وتلبية المطالب والانتظارات الاقتصادية والاجتماعية لعموم المواطنين وذلك من خلال بناء وتعزيز أسس دولة فعّالة وناجزة وعادلة في مختلف وظائفها وتعمل على تغيير واقع المواطن وتحفظ كرامته وتحميه من جميع أشكال الهشاشة والخصاصة ».
وقال بأنّ محاربة الفساد والتوقي منه، باعتباره عائقا للتنمية ومصدرا للتعسف ومقيّدا للمبادرة ولخلق الثروة، تنسجم مع الدعوة في تونس إلى القيام بثورة تشريعية تشمل كافّة المجالات الإقتصادية والإجتماعية وإلى العمل على ملاءمة وانسجام الإطار التشريعي والمؤسساتي مع متطلبات بناء اقتصاد تنافسي ومستديم بالإضافة إلى التقييم المستمر للبرامج والسياسات العمومية وبتحقيق قدر عالي من شفافية المعاملات الاقتصادية.
وأضاف بأنّ الدولة تعمل على إرساء نموذج اقتصادي متجدد قائم على القيمة المضافة في مجالات الاقتصاد الأخضر والاقتصاد الأزرق والاقتصاد الدائري وعلى دعم مشاريع إزالة الكربون والحد من الانبعاثات. وأكّد، في هذا السياق، التزام الحكومة بدعم المشاريع الخضراء وإقرار الحوافز لفغائدة المؤسسات بما يساهم في خفض الانبعاثات من الكربون.
ونوّه، في السياق ذاته، بوجود تونس اليوم في طليعة الدول، الساعية إلى تحقيق تحوّل بيئي وطاقي مستديم يوازن بين تطلعات التنمية الاقتصادية وحماية البيئة مذكرا بان توقيع اتفاقية الربط الكهربائي بين تونس والاتحاد الأوروبي شكلت خطوة هامّة نحو الانتقال من النظم التقليدية للإنتاج والاستهلاك الى نموذج طاقي جديد.
وأضاف أنّ من ضمن أولويّات الدولة إلى جعل الإدارة نموذجا رقميا متكاملا وإرساء حوكمة موحدة وناجزة لجميع المشاريع القطاعية الرقمية الكبرى بما يمكن من دفع الاستثمار والتوقي من الفساد ومكافحته.
وأشار رئيس الحكومة إلى إطلاق عمليّة مراجعة المنظومة التشريعية للاستثمار عبر صياغة نص قانوني جامع وموحد وأفقي يقطع مع تشتت وتضخم النصوص ويضمن مراجعة شاملة لمنظومة حفز الاستثمار وتذليل الصعوبات، التّي يمكن ان تعترض المستثمر في شتى المجالات.
وأضاف انه سيتم اعتماد مقاربة تشاركية لاعداد النص الجديد بما يمكن من الاستجابة لتطلعات المؤسّسة من تبسيط الإجراءات الإدارية المتعلّقة بالتراخيص وتشجيع تواجد المستثمر في الأسواق الخارجية والتوجه نحو قطاعات واعدة وذات قيمة مضافة عالية.
كما ذكر بمراجعة مجلة الصرف ومواصلة العمل على احداث صندوق للتأمين على فقدان مواطن الشغل للمسرّحين لأسباب اقتصادية قصد مرافقتهم وإعادة ادماجهم في سوق الشغل.