بعد القبض عليه بتهمة معارضته للإمبراطور الروسي وقتها، حيث قضى ثمانية أشهر نال فيها “معاملة الصمت” في سجن انفرادي منعزل لم يخاطب فيها بشراً، حتى أن السجانين كانوا ينتعلون أحذية مخملية لا تُحدث وقعاً للخطى في أروقة السجن، كي لا يشعر السجين أن هناك بشراً سواه في العالم، ولا يردون عليه صياحه ولا يظهروا عليه عند اعطاءه حصته من الطعام.. أسلموه الى نفسه، ليتكفل الجنون به.. ثم إقتادوه وهو يرفل في السلاسل، مرتدياً كفنه، وأمروه أن يحفر قبره بنفسه، ثم وقف على رأس الحفرة، أمام فرقه إطلاق النار، التى أعدت بنادقها وصوبها الى مقتل من جسده، بانتظار أمر قائدهم… لكن تحدث معجزة.. يدخل المشهد جندي مسرع لاهث، معه أمر بالتراجع عن إعدامه، ولا يعلم دوستويفسكي وقتها أنها كانت تمثيلية مرتبة لكسر روحه، ينتقل بعدها الى الأشغال الشاقة بسجن جديد في سيبريا لأربعة أعوام، طالته فيها أمراض عديدة.. بعد السجن، كتب دوستويفسكي رويات لم يرٓ أحد مثلها قط قبله، وجدت سبيلها للكهوف المظلمة في النفس الانسانية، وتغير بعدها وجه الأدب… كتب (فرويد) مقالات تحليلية لرواياته، وقال عنه (نيتشه) -القاسي في أحكامه- أنه عالم النفس الوحيد الذي تعلم منه شيئاً، بل إنه كان يعده من أفضل ما حدث في حياته بوجه عام، حتى (ألبرت أينشتاين) نفسه اعتبره من العباقرة القلائل الذين تفوقوا على (جاوس) عالم الرياضيات شديد الشهرة، وقال عنه الأديب الأمريكي (إرنست هيمنجواي) أن قراءة أعماله تغير ما في نفسك بتنقلها بين الهشاشة والجنون والقداسة والشر….” لهذا يمكنك أن تثق، أن رجلاً كهذا كان يعي ما يقول إذ يقول: “أن تحيا بلا أمل، هو أن تكف عن الحياه”.
مقالات ذات صلة
شاهد أيضاً
إغلاق
-
بعد ساعة من طرحها: شركة روتانا تحذف رابع أغنيات شيرين !!24 أغسطس، 2024