خاصقضايا وآراء
خالد شوكات : الوجه الآخر في الهجوم الغربي على قطر؟!
مرّ حفل الافتتاح بنجاح، ووحده “جياني انفانتيني” رئيس الفيفا بدا سابحا ضد تيّار عالمه الغربي.. الفزعة لقطر كانت عربية واسلامية..والشكر موصول لكل الرؤساء والقادة العرب والمسلمين – رغم جميع مآخذنا عليهم- الذين تحدّوا الحصار الغربي والعالمي غير المعلن، وخففوا بعض الشيء عن الأمير ووالده.. ولو استقدمت الدول الغربية ما استدبرت كما يقال لتراجعت عن منح هذا الشرف لقطر..قطر التي ظهرت “عربية” حتّى النخاع، في تفاصيل تنظيم هذا الحدث الدولي الابرز، ولم تتخلّى عن هويتها ومسؤوليتها في تمثيل أمّتها، من أبسط التفاصيل كشعار البطولة الذي بدا “غترة وعقال” إلى أهمها مثل العمارة العربية الواضحة في رمزيتها، البيت ومركب اللؤلؤ و974..الخ، فضلا عن تلاوة آيات بينات من الذكر الحكيم في قلب الافتتاح المثير..
لقد ظهر العمق الاستعماري والاحتقاري للغرب الذي تحدّث عنه إدوارد سعيد في كتابه ذائع الصيت “الاستشراق”..وعلى الرغم من أن قطر اتبعت سبيلا أخر مختلف تماما، عن ذلك الذي عرفت به بلدان الممانعة العربية خاصة، والذي يقوم على أولوية العسكري على حساب بقية مجالات التنمية، فإن ذلك لم يغفر لقطر فيما يبدو منهجها السلمي، اذ فجأة اكتشف الغرب أن دويلة عربية صغيرة، تمكّنت من خلال إدارة رشيدة لمواردها، من سلك سبيل الكبار وفرض نفسها كرقم في معادلة القوى الدولية، من خلال شبكة الجزيرة، ومن خلال الديبلوماسية العاقلة، ومن خلال ربط طيرانها بين أرجاء الارض قاطبة، وكذلك من خللل صناديقها الاستثمارية الدولية، واخيرا من خلال الرياضة الأكثر شعبية، وهو ما يمكن ان يراه بعض الغربيين تجاوزا للخطوط الحمراء الحضارية، والا كيف يجوز لقطر فرض معاييرها الثقافية على الغرب المغرور.. الذي حوّل نصرة “المثليين” إلى قضية ايديولوجية من الدرجة الأولى على اساسها تصنّف الدول في احترام حقوق الانسان من خلافه..
هكذا يقرّر الألمان الذين ما يزالون يشعرون بتأنيب الضمير الجماعي إزاء الهولوكوست الذي دفع العرب ثمنا له، القدوم إلى الدوحة بطائرة تزينها ألوان مجتمع “الميم”، لكن القطريين خيّبوا أمل الألمان، وأمل حلفائهم، وكذلك فعلوا مع شركة الخمور المتعاقدة مع الفيفا.. لقد أصبح ثالوث الغرب: نصرة اسرائيل، ونصرة المثليين، ونصرة الخمر، فيالها من رموز حضارية، ويا لتصميم قطر على التمسك بذاتها الثقافية وخصوصيتها الحضارية..
سينجح هذا البلد الصغير الكبير في ما عجزت عن تحقيقه دولنا العربية الكبرى التي ركّزت على السعي إلى امتلاك الاسلحة التقليدية، فيما أسلحة العصر أمضى وأشد.. هناك مكان للعرب والمسلمين عليهم أن يكتشفوا قيمته من خلال هذا الدرس القطري..