أخبارتقاريرتونسخاصمجلس نواب

حوار معمق حول مستقبل الفلاحة والمياه والصيد البحري في تونس

انطلقت صباح اليوم، الثلاثاء 15 جويلية 2025، أشغال الجلسة العامة لمجلس نواب الشعب تحت إشراف رئيسه إبراهيم بودربالة، في جلسة مخصصة للحوار مع  عز الدين بن الشيخ، وزير الفلاحة والموارد المائية والصيد البحري، وذلك بحضور وفد وزاري، وفي ظل ظرف دقيق تمر به المنظومة الفلاحية والموارد الطبيعية في البلاد.

وتضمّن جدول الأعمال قضيتين رئيسيتين: إدارة الموارد المائية في ظل فترة من الإجهاد المائي الحاد، ومسألة تخزين محاصيل الحبوب، وهي نقطة محورية تتعلّق بالأمن الغذائي الوطني.

 

  • فلاحة في مفترق طرق في كلمته الافتتاحية

شدّد بودربالة على أن القطاع الفلاحي بمختلف مكوناته يُمثّل أحد أهم ركائز الاقتصاد الوطني، ليس فقط من حيث مساهمته في الناتج الداخلي الخام، بل أيضاً لدوره السيادي في تحقيق الأمن الغذائي والمائي.

واعتبر أن الفلاحة تمثّل اليوم مجالاً استراتيجياً لا يمكن إغفال تحدياته، خاصة في ظل الأزمات المتعددة التي تهز العالم، من ندرة في الموارد، إلى تقلبات مناخية وأزمات تموين عالمية.

ورأى رئيس المجلس أن الوقت قد حان لإرساء رؤية إصلاحية شاملة تنبع من حوار وطني حقيقي مع مختلف الأطراف الفاعلة، وتقوم على وضع سياسات فلاحية متكاملة ومستدامة قادرة على مواجهة الرهانات المستجدة.

  • وزير الفلاحة: واقع صعب وإرادة للإصلاح

من جهته، قدّم وزير الفلاحة والموارد المائية والصيد البحري عرضاً مفصّلاً حول وضع القطاع، مبرزاً التحديات الكبرى التي تعترضه، وعلى رأسها النقص في الموارد المائية، حيث أشار إلى تراجع حصة الفرد من المياه سنوياً إلى ما دون عتبة الشح المائي، مؤكداً أن تونس أصبحت تواجه أزمة مائية حقيقية تفرض تحولات جذرية في أنماط الاستهلاك والإنتاج.

كما تطرّق الوزير إلى التأثيرات العميقة للتغيرات المناخية، التي أفضت إلى تقلّبات في الإنتاج الزراعي وارتفاع تكاليفه، نتيجة تقلّص الأمطار وتدهور الأراضي الفلاحية.

وأشار إلى الارتفاع الغير المسبوق لأسعار المدخلات الفلاحية من بذور وأسمدة ومبيدات، ما جعل عديد الفلاحين عاجزين عن مواصلة نشاطهم بالنسق المعتاد.

وأكد الوزير أن الحكومة بصدد مراجعة العديد من السياسات الفلاحية، مع العمل على تشجيع الفلاحة البيولوجية والذكية، وتحسين آليات تمويل الفلاحين، وتحفيز المبادرات الخاصة، فضلاً عن تطوير البنية التحتية المائية والسدود، وتحسين منظومات الري، وذلك في إطار خطة وطنية للحفاظ على الموارد المائية وضمان ديمومتها.

  • نواب ينتقدون السياسات السابقة ويدعون لإجراءات ملموسة

تنوّعت مداخلات النواب بين من دعا إلى إعادة الاعتبار للفلاح الصغير، باعتباره الحلقة الأضعف في السلسلة الإنتاجية، ومن طالب بمزيد من التدخل العاجل للدولة لدعم الإنتاج المحلي، ومجابهة ظاهرة تراجع المساحات المزروعة وارتفاع الأسعار في الأسواق.

كما انتقد البعض سوء حوكمة الموارد المائية، والتأخر في تنفيذ مشاريع السدود والصيانة، وعدم جدوى عدد من الاتفاقيات المبرمة مع شركاء دوليين لم تأتِ بالنتائج المرجوّة.

وأشار عدد من النواب إلى غياب استراتيجية اتصالية فعالة من الوزارة تجاه الفلاحين، وتدهور منظومات التكوين والإرشاد الفلاحي، في وقت تحتاج فيه تونس إلى تجديد الفكر الزراعي وربط البحث العلمي بمقتضيات الواقع الفلاحي.

  • بين الواقع والتطلعات: أي مستقبل للقطاع الفلاحي؟

مثّل اللقاء بين السلطتين التشريعية والتنفيذية فرصة لمصارحة جدية حول مستقبل الأمن الغذائي والمائي في تونس، وسط إدراك متزايد بأن التعامل مع القطاع الفلاحي لم يعد يحتمل الحلول الظرفية.

انه من الضروري وضع خارطة طريق تشاركية، تنبني على تنسيق أوثق بين الهياكل الحكومية، والمجتمع المدني، والمنظمات المهنية، والقطاع الخاص، بهدف تجاوز الأزمة البنيوية التي تعصف بالقطاع، وتوفير شروط صموده في وجه التغيرات المناخية والاقتصادية.

في انتظار بلورة إجراءات ملموسة على المدى القريب والمتوسط، تبقى الجلسة العامة ليوم 15 جويلية 2025 محطة مهمة في مسار التفكير في عقد فلاحي جديد يعيد للقطاع اعتباره، ويوفّر للفلاح التونسي ما يحتاجه من دعم، ويضمن للبلاد أمنها الغذائي واستقلال قرارها التنموي.

ملاك الشوشي

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى