مع اقتراب موعد الانتخابات الرئاسية المقررة في تونس يوم 6 أكتوبر 2024، عبّرت بعض الجمعيات المعنيّة بمراقبة الشأن الانتخابي، عن قلقها من عدم تلقّي ردود على مطالب الاعتماد التي أودعتها لدى هيئة الانتخابات، ما دفع هذه الأخيرة إلى التفاعل بقولها إنّها وردتها إشعارات رسمية بخصوص جمعيات تلقت تمويلات أجنبية مشبوهة.
هذا الأخذ والردّ لم يقف عند هذا الحدّ، إذ أعلنت هيئة الانتخابات، وفق بلاغ أصدرته صباح الاثنين 9 سبتمبر 2024، بمناسبة النظر في مطالب اعتماد مقدمة من بعض الجمعيات التي تهتم بملاحظة الانتخابات، أنه تم “رفض منح الاعتماد لها وإحالة ما توصلت به الهيئة من معطيات للجهات المعنية للتعهد وإجراء اللازم”.
ويرجع رفض اعتماد هذه الجمعيات بعد أن “تم إشعار الهيئة من جهات رسمية بتلقي بعض تلك الجمعيات لتمويلات أجنبية مشبوهة بمبالغ مالية ضخمة ومصدرها متأت من بلدان البعض منها لا تربطه بتونس علاقات دبلوماسية”، وذلك “في إطار التثبت من مدى توفر الشروط القانونية والترتيبية لمنح الاعتماد وخاصة شرط الحياد والاستقلالية والنزاهة”، وفقها.
وكانت منظمة “أنا يقظ” (وهي منظمة غير حكومية مختصة في الرقابة ومكافحة الفساد المالي والإداري وتدعيم الشفافية في تونس) قد اعتبرت أن هيئة الانتخابات “تحاول بشتّى الوسائل أن تقصي منظمات المجتمع المدني من ملاحظة الانتخابات بتعلّات واهية، ما يعزز غياب مقومات النزاهة في المسار الانتخابي”، وفقها.
وقالت المنظمة في بيان لها، نشرته الأحد 8 سبتمبر 2024، إن “الهيئة المكلّفة بالانتخابات تنخرط في محاولة يائسة لإلهاء الرأي العام عن الخروقات التي اقترفتها من عدم تطبيقها للقانون وتقييدها لإرادة الناخب في اختيار من يمثّله”.
وأكدت منظمة “أنا يقظ” أنها “امتثلت وستمتثل إلى جميع الإجراءات والقوانين والأحكام القضائية”، مجددة إيمانها “بعلوية القانون والدفاع عنه، وأنه خلافًا لهيئة الانتخابات الخارجة عن القانون بعدم تطبيقها لقرارات المحكمة الإدارية والصادرة باسم الشعب والتي تعتبر نفسها أعلى منه”، وفقها.
وشددت منظمة “أنا يقظ” على أن “أجهزة الدولة تعمل بشكل مستمرّ وتراقب جميع التمويلات الأجنبية لجميع فئات المجتمع المدني ولا تنتظر وشاية من هيئة لا تطبق القانون”، حسب نص البيان.
وبيّنت المنظمة، أن ما أسمتها بـ “الترهات” الصادرة عن هيئة الانتخابات، جاءت “بُعيد إعلان منظّمة “أنا يقظ” طعنها في القرار المتعلّق بضبط قائمة المترشحين النهائية” للانتخابات الرئاسية المقررة يوم 6 أكتوبر 2024 في تونس، معتبرة أن هذه “ليست إلا محاولة يائسة من هيئة الانتخابات لتبييض صورتها وتشتيت انتباه الناخبين عن فشلها في إدارة المسار الانتخابي”، وفقًا للمنظمة.
واعتبرت “أنا يقظ”، أنّ “مثل هذه الشكايات أو التتبعات الكيدية ليست إلاّ دليلاً على عدم حياد واستقلالية الهيئة المشرفة على الانتخابات التي انخرطت بشكل واضح في برنامج رئاسة الجمهورية وأصبحت أداة من أدوات الديكتاتورية”، وفقها.
-
هيئة الانتخابات: جاري التحري في شأن عدة جمعيات.. والمال الأجنبي يؤثر في العملية الانتخابية
يشار إلى أنّ عضو هيئة الانتخابات نجلاء العبروقي، قد أفادت السبت 7 سبتمبر 2024، بأنّ عددًا من الجمعيات التي أودعت لدى الهيئة مطالب اعتماد لملاحظة الانتخابات الرئاسية وردت في شأنها إشعارات من جهات رسمية حول تلقيها تمويلات أجنبية مشبوهة وتمت إحالة هذه الإشعارات على النيابة العمومية.
وقالت العبروقي، في تصريح لوكالة الأنباء التونسية الرسمية، إنّ من بين هذه الجمعيات التي وردت في شأنها إشعارات رسمية منظمة “أنا يقظ” وجمعية “مراقبون”.
كما أشارت، في ذات الصدد، إلى أنّ هناك عدة جمعيات أخرى جاري التحري في شأنها ولم يتم البت بعد في مطالب الاعتماد التي أودعتها، مشيرة في المقابل إلى أنّه تم إسناد هذا الاعتماد إلى عدد من الملاحظين بجمعيات توفرت فيها الشروط المستوجبة، على حد قولها.
وشددت نجلاء العبروقي على أنّ “هيئة الانتخابات لن تتوانى في التحري وتطبيق القانون على الجميع ضمانًا لشفافية ونزاهة العملية الانتخابية بعيدًا عن التأثيرات الداخلية والخارجية”، معتبرة أنّ “المال الأجنبي يؤثر في العملية الانتخابية ويصل إلى حد التدخل في القرار الوطني والسيادة الوطنية خدمة لأجندات ومصالح مشبوهة”، على حد قولها.
وأضافت عضو الهيئة أنّ “التشريع الانتخابي والقرارات الصادرة عن الهيئة تشدد على التزام الحياد والاستقلالية لجميع الأطراف المتدخلة في العملية الانتخابية إلى جانب احترام سيادة الدولة ومؤسساتها وتوخي الموضوعية وتجنب كل ما من شأنه أن يؤثر في إرادة الناخب والامتناع عن تلقي أي أموال أو امتيازات من الأحزاب أو المترشحين أو أيّ جهة كانت لها علاقة بالانتخابات”، على حد قولها.
-
أنا يقظ ومراقبون خارج عملية ملاحظة الانتخابات الرئاسية 2024؟
وكانت شبكة مراقبون (مختصة في مراقبة الشأن الانتخابي في تونس) قد أعلنت، الجمعة 6 سبتمبر 2024، أنها لم تتلق أي إجابة من قبل هيئة الانتخابات على مطالب الاعتماد التي أودعتها لديها للتمكن من ملاحظة الانتخابات الرئاسية.
وقالت الشبكة في بلاغ لها، إنها تأسف لعدم تلقيها لحدود يوم 6 سبتمبر أي إجابة على مطالب الاعتماد المستوفية الشروط القانونية والبالغ عددها 1220 مطلب اعتماد”، وفقها، مشيرة إلى أنّ “أول دفعة كانت قد تقدمت بها منذ مدة تجاوزت الشهر وذلك بتاريخ 29 جويلية 2024 ثم تقدمت بعد ذلك بستة دفوعات أخرى تباعًا آخرها يوم 4 سبتمبر الحالي”.
وأفادت شبكة مراقبون بأنها راسلت “هيئة الانتخابات في أربع مناسبات للاستفسار حول مآل مطالب الاعتماد الخاصة بالجمعية وذلك يوم 21 و23 و29 أوت المنقضي، ويوم 5 سبتمبر 2024 وبكل أسف لم ترد هيئة الانتخابات على أي مطلب أو مراسلة”، مذكرة بأن هيئة الانتخابات “ملزمة قانونًا بالإجابة على مطالب الاعتماد وذلك في أجل لا يتجاوز 5 أيام من تاريخ إيداع المطالب بأي وسيلة تترك أثرًا كتابيًا”.
كما سبق أن أعلنت منظمة “أنا يقظ” (وهي منظمة غير حكومية مختصة في الرقابة ومكافحة الفساد المالي والإداري وتدعيم الشفافية في تونس)، في بيان لها بتاريخ 20 أوت 2024، أنها تلقت إعلامًا من قبل هيئة الانتخابات برفض مطلب اعتمادها لملاحظة الانتخابات الرئاسية لسنة 2024.
وسبق أن أفاد رئيس هيئة الانتخابات فاروق بوعسكر، أن منظمات المجتمع المدني التي تعنى بملاحظة الشأن الانتخابي، مطالبة باحترام القرار الترتيبي ومدونة السلوك، مضيفًا أن أهم شرط لتتحصل المنظمة على الاعتماد هو التزامها بمبدأ الحياد إزاء جميع المترشحين والراغبين في الترشح للانتخابات.
وأكد فاروق بوعسكر، بتاريخ الجمعة 26 جويلية 2024، أنه “في صورة لاحظت الهيئة أن أي منظمة من منظمات المجتمع المدني أو وسيلة إعلامية خرجت عن هذا المبدأ، فيمكن أن تمتنع الهيئة عن تسليمها بطاقة اعتماد”، داعيًا كافة المنظمات المعنية بملاحظة الشأن الانتخابي وكل وسائل الإعلام إلى التزام الحياد والموضوعية والتوازن.
زر الذهاب إلى الأعلى