أشرف كاتب الدولة لدى وزير الشؤون الخارجيّة والهجرة والتونسيّين بالخارج محمّد علي النفطي، اليوم الثلاثاء عبر تقنية الفيديو، على جلسة نقاش مفتوح بمجلس الأمن حول “الوضع في الشرق الأوسط، بما في ذلك القضية الفلسطينية ، وذلك في إطار رئاسة تونس لمجلس الأمن لشهر جانفي الجاري.
وأكد النفطي الذي مثل وزير الخارجية عثمان الجرندي في هذا اللقاء ، أنّ تونس ما فتئت تسعى إلى ‘تعزيز الحلول السلمية العادلة والدائمة لمختلف المسائل الدوليّة العالقة وفقا لمقتضيات الشرعيّة الدوليّة، وفي مقدمتها القضية الفلسطينية.
وذكر بجهود رئيس الجمهورية قيس سعيّد’ لذي يولي أهمية خاصة للقضية الفلسطينية التي يعتبرها قضيته الشخصية، وتحتلّ أولوية مركزية في سياسة بلادنا الخارجية، لاسيما خلال عضويتها الحالية بمجلس الأمن’.
ودعا كاتب الدولة في هذا الخصوص ‘ الى تحرّك دولي جامع وموحّد، بالتنسيق بين مجلس الأمن والأمين العام للأمم المتّحدة والرباعية الدولية للشرق الأوسط ووفقا للأطر التّي سيتّم التوافق عليها، لتهيئة الظروف فيها الجولان السوري المحتل، والوقفَ الفوري والكامل لأنشطتها الاستيطانية، وفقًا لمقتضيات قرار مجلس الأمن عدد 2334 (2016)، والتخلّي نهائيا عن مخطّطاتها لضمّ الأراضي، ووضع حدّ للحصار الجائر المفروض على قطاع غزة وكلّ أشكال العقاب الجماعي الأخرى والخنق الاقتصادي المسلّط على الأراضي الفلسطينية’.
من جهة أخرى، شدد النفطي على أنه بالنسبة لتونس، ‘ لا مجال لإعادة إطلاق مسار التسوية السلمية في ظلّ استمرار مثل هذه الممارسات والانتهاكات المتناقضة كلّيا مع الشرعية الدولية ومقتضيات القانون الدولي’.
وأبرز تمسّك بلادنا ‘بالسّلام خيارا استراتيجيا يعكس إيماننا بقيم الحق والعدل وانتصارنا للشرعية الدولية، وهو خيار لا يضاهيه إلا ثباتُنا المبدئي على دعم نضال الشّعب الفلسطيني الشّقيق من أجل استرجاع حقوقه المشروعة التي لا تسقط بالتقادم، وإقامة دولته المستقلّة ذات السيادة على حدود 04 جوان 1967 وعاصمتها القدس الشرقية، وتسوية كلّ قضايا الحلّ النهائي وفي مقدّمتها قضية اللاّجئين الفلسطينيين’.
وفي هذا الصدد، دعا كاتب الدولة إلى إنهاء معاناة الشعب الفلسطيني ومُواصلة العمل على وضع حدّ للسياسات العدوانية للسلطة القائمة بالاحتلال ووقف ممارستها الممنهجة تجاه الفلسطينيين بالقتل والتشريد والاعتقالات في انتهاك صارخ لكافة حقوق الإنسان وما تُقدم عليه من هدم للبيوت وتوسّع استيطاني وانتهاك للمقدّسات وخرق للشرعية الدولية لحقوق الإنسان والقانون الدولي الإنساني، وما خلّفته من مآسٍ ومعاناة.
وشدد على أهمية أن يتوافق مجلس الأمن والمجموعة الدولية على إنجاز نقلة نوعية في التعاطي مع القضيّة الفلسطينية العادلة، لإخراجها من الجمود الذي اعتراها منذ سنوات، وتكريس الإرادة الدولية للسلام ووضع حدٍّ للاستهتار بالقرارات الأممية.
وفي ما يتعلق بتواصل تدهور الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية في الأراضي الفلسطينية المحتلّة وإزاء ما تطرحه جائحة ‘كوفيد-19’ من تحدّيات جسام فاقمت من معاناة الشعب الفلسطيني الشقيق، أكد كاتب الدولة على أهمية ‘ تظافر الجهود الدولية لمساعدة الفلسطينيين على التصدّي لتداعيات انتشار الجائحة، انسجاما مع القرار 2532 الذي اعتمده مجلس الأمن بالإجماع غرة جويلية 2020 بمبادرة من تونس وفرنسا’.
ونوه في هذا الخصوص بأن تونس ‘تجدّد دعمها للدور الحيوي “للأونروا” في تخفيف معاناة اللاجئين و يتعلق بالفاعلين الإقليميين والدوليّين لمواصلة تقديم المساعدات والرفع من مستوى الاستجابة الإنسانية لضمان استمراريّة الخدمات الحيويّة التي توفّرها الوكالة ‘ .
وأبرز أن بلادنا ‘ ستلتزم بمواصلة دعم كلّ الجهود والمبادرات الرامية إلى إحياء مسار التسوية السلمية في الشرق الأوسط على أساس القرارات الأممية ومرجعيات الحلّ المتّفق عليها دوليا.
من جهة أخرى ذكر كاتب الدولة بأن ‘جلسة اليوم تنعقد، والمجموعة الدولية تحتفي بالذكرى الخامسة والسبعين لإنشاء منظمة الأمم المتحدة، وتُحيي ذكرى أوّل اجتماع يعقده مجلس الأمن في شهر جانفي 1946 ‘، موضحا في هذا الخصوص بأن هذه الاحتفالات ‘لا يشاطرنا فيها الشعب الفلسطيني الذي ظلّ طيلة العقود السبعة الماضية يرزح تحت الاحتلال الغاشم دون أن يفقد الأمل في الشرعية الدولية وفي دور منظّمتنا الأممية العتيدة ومختلف أجهزتها، وفي مقدمتها مجلس الأمن، لتمكين الفلسطينيين من حقوقهم المشروعة، بما يدعم أركان الأمن والسلم في منطقة الشرق الأوسط وفي العالم بصفة عامّة’.
يشار الى أن تونس كانت قد تسلمت أوائل شهر جانفي الجاري ، الرئاسة الدورية لمجلس الأمن ممثلة في السفير طارق الأدب، المندوب الدائم لتونس لدى منظمة الأمم المتحدة بنيويورك جلسة مشاورات مغلقة، تمّ خلالها اعتماد بالإجماع برنامج عمل مجلس الأمن الذي تقدمت به تونس لشهر جانفي 2021 .
وتتولى تونس عضويتها غير الدائمة بمجلس الأمن، للمرّة الرابعة في تاريخها من خلال ترؤسها خلال عضويتها الحالية 2020-2021 ثلاث هياكل فرعية لمجلس الأمن وهي لجنة مكافحة الإرهاب وفريق العمل المكلف بعمليات حفظ السلام الأممية، إلى جانب لجنة العقوبات المفروضة على غينيا بيساو.
وتميزت هذه الجلسة رفيعة المستوى بمشاركة وزراء خارجية كل من فلسطين وايرلندا وروسيا والمكسيك والنرويج، وسان فانسون وجزر الغرينادين، فضلا عن المنسّق الأممي الخاص لعملية السلام في الشرق الأوسط تور وينسلند والأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط الذّين قدما إحاطتين للمجلس حول هذه المسألة.