استيقظت منطقة الخليج فجر اليوم الخميس على تطور جديد ومثير يتعلق هذه المرة باستهداف ناقلتين في خليج عُمان؛ إحداهما نرويجية والأخرى سنغافورية. ويبدو أن النيران التي التهمت أجزاء من السفينتين ستعيد خلط الكثير من الأوراق، وقد تعيد المنطقة مرة أخرى إلى حافة المواجهة.
و كانت الأضرار التي أصابت السفينتين بالغة، وأدت إلى اشتعالهما، وربما غرق إحداهما بالكامل؛ وفقا لمصادر إيرانية. بيد أن الأضرار كانت أكثر عمقا على السلم والأمن في المنطقة التي تحولت منذ فترة إلى واحدة من أكثر مناطق العالم قابلية للهب والاشتعال.
و تذكر هجمات اليوم بسابقاتها من الهجمات التي استهدفت ناقلات نفط أخرى في المياه الإقليمية لدولة الإمارات، وتحديدا قرب ميناء إمارة الفجيرة؛ في ظل غموض يكبر يوما بعد يوم بشأن الفاعل والأهداف.
ورغم أن الفاعل ما زال مجهولا؛ ولا يعرف حتى الآن إذا كانت الأيدي التي خربت سفن الفجيرة هي ذاتها التي أشعلت سفن خليج عمان؛ فإنه يمكن تلمس بعض أوجه الشبه بين الحادثتين، ومن أهمها:
و وقع الهجومان في خليج عمان، وفي المنطقة الفاصلة بين إيران والإمارات؛ ومع أن الهجوم الأول كان في المنطقة الاقتصادية المحاذية لميناء الفجيرة والتابعة للإمارات، فإن هجوم اليوم كان في منطقة أقرب إلى إيرن ويبعد 25 ميلا بحريا عن ميناء بندر جاسك الإيراني.
و بدا لافتا أيضا أن وسائل إعلام مقربة من إيران كانت السباقة في بث أخبار الهجومين، ومع ذلك حرصت إيران في الحالتين على نفي صلتها بالهجومين، وحملت مسؤوليتهما ضمنيا لجهات لا تريد استقرارا للمنطقة، وتدفع نحو مزيد من التصعيد.
و هجوما الفجيرة وخليج عمان طرحا في كلتا الحالتين السؤال ذاته عن الفاعل والمفعول لأجله، بعد أن تعدد الفعل والمفعول فيه.
و الواقع أن هناك اتهامات متعددة، منها ما أشارت إليها جهات سعودية وإماراتية وحتى أميركية في السابق؛ من احتمال ضلوع إيران أو أطراف ذات صلة بها في الهجوم، لتؤكد بذلك طهران للعالم أن اللهب سيشمل جميع المنطقة وستتوقف حركة الملاحة، وسيصاب العالم في خاصرة اقتصاده النفطي.
ولكن إيران سارعت اليوم -كما فعلت في السابق- لنفي أي صلة لها بالهجومين، ووجهت أصابع الاتهام لجهات أخرى.
وبالإضافة إلى ذلك، هناك احتمال آخر يرى المقربون من إيران أنه لا يقل وجاهة، وهو أن تكون الهجمات من صنع وتخطيط جهات أخرى لا يروق لها نزع فتيل الأزمة بين إيران والولايات المتحدة، وتريد أن يأخذ التوتر بعدا جديدا يؤكد للعالم -خاصة واشنطن- أن إيران مستمرة في تهديد الأمن الخليجي.
ويأتي هذا الاحتمال في ظل تراجع نذر الحرب، وانطلاق حمائم السلام تجوب المنطقة بحثا عن حل للأزمة الأمنية بين طهران وواشنطن.
الهامسون في أذن واشنطن الآن يترقبون ردة فعلها بعد الحادثة الجديدة، مما يعني أن الخليج مقبل على صيف سياسي وأمني قد يكون أكثر سخونة مما هو معتاد.