أصدر المركز العربي للمناخ، اليوم الجمعة 16 فيفري 2024، مقالا أظهر فيه مؤشرات تبيّن بان فصل الشتاء الحالي قد يكون أطول من المعتاد.
حيث بيّن المركز بانه وخلال السنوات الاخيرة , لوحظ بشكل كبير زيادة في تكرار حدوث ظاهرة الاحترار الستراتوسفيري المفاجئ في القبة القطبية الستراتوسفيرية والتي تقع على ارتفاع يمتد من 10 كم الى 50 كم , خصوصا خلال الموسم الشتوي الماضي والموسم الحالي , فلقد استمرت هذه الظاهرة اغلب ايام الشتاء الماضي , وفي هذا الموسم استمرت هذه الظاهرة بالتأثير على فترات وحتى وقت كتابة هذا التقرير .
عرف ظاهرة الاحترار الستراتوسفيري بانها حدث جوي نادر ومعقد يحدث في الستراتوسفير، الطبقة الجوية الموجودة فوق طبقة الغلاف الجوي السفلية (التروبوسفير). يتميز هذا الحدث بارتفاع مفاجئ في درجة حرارة الهواء في الستراتوسفير فوق القطب الشمالي، مما يؤدي إلى تغيرات جوية معينة على مستوى القطب وأحيانًا ينتقل هذا التأثير إلى الطبقات الجوية الأدنى في التروبوسفير.
عادةً ما يحدث الاحترار الستراتوسفيري المفاجئ في أشهر الشتاء، وقد يؤدي إلى تغيرات جذرية في نمط الطقس على مدى عدة أسابيع بعد حدوثه. يمكن أن يؤدي هذا الاحترار إلى تدفق الهواء البارد إلى العروض الدنيا ، مما يسبب فترات باردة وعواصف ثلجية غير متوقعة.
تعتبر هذه الظاهرة مهمة للمناخ، حيث يؤثر الاحترار الستراتوسفيري المفاجئ على تيار الهواء القطبي ويمكن أن يؤثر على توزيع الضغط الجوي وأنماط الرياح في الهواء العلوي والسطحي، مما يؤدي إلى تأثيرات جوية شاملة على مدى واسع.
خلال الاحترار الستراتوسفيري الذي حدث خلال الشهر الماضي , لاحظنا ارتفاع الضغط الجوي فوق القبة القطبية الشمالية في مستوى طبقة التروبوسفير التي تحدث فيها المنخفضات والمرتفعات الجوية والتي تحتوي على الغيوم , وادى ذلك الى انتشار موجات البرد العظيمة في الكثير من المناطق في النصف الشمالي من الأرض , وضربت الولايات المتحدة الامريكية عدة عواصف ثلجية كان احداها تاريخي وادت الى تدني درجات الحرارة بشكل كبير وقياسي نتيجة انتقال كتلة قطبية ضخمة من القطب الشمالي غطت معظم المناطق في القارة الامريكية الشمالية.
ولاحقاً انتقل النشاط الجوي الى اوروبا ثم الى الشرق الاوسط وتأثرت معظم البلاد العربية بحالات جوية عديدة بعد انقطاع مطري دام لمدة اسابيع .
علمياً , يصعب في الوقت الحالي التنبؤ بشكل دقيق في نتائج الاحترار الستراتوسفيري على حالة الطقس , ولكن اشارت عدة دراسات انه يمكن أن يؤثر بشكل كبير على الطقس في مناطق مختلفة حول العالم وقد يؤدي الى :
تغيرات في نمط الضغط الجوي: يمكن أن يؤدي الاحترار الستراتوسفيري المفاجئ إلى تغيرات في نمط الضغط الجوي فوق القطب الشمالي والمناطق المجاورة. قد ينجم عن ذلك تدفق الهواء البارد نحو العروض الدنيا، مما يؤدي إلى فترات باردة وعواصف ثلجية في بعض المناطق.
تغيرات في أنماط الرياح العلوية والسطحية: قد يؤثر الاحترار الستراتوسفيري على أنماط الرياح في الطبقات الجوية العليا والسطحية، مما يؤدي إلى تغيرات في مسارات العواصف والنظم الجوية الكبيرة.
تأثيرات على النماذج الجوية: يمكن أن يجعل الاحترار الستراتوسفيري المفاجئ التوقعات الجوية القائمة على النماذج أكثر تعقيدًا، حيث يمكن أن يؤدي إلى تغيرات غير متوقعة في سلوك الغلاف الجوي.
تأثيرات على القطب الشمالي والقطب الجنوبي: قد ينتقل التأثير الناتج عن الاحترار الستراتوسفيري إلى القطب الجنوبي أيضًا، مما يؤثر على نمط الطقس في مناطق النصف الجنوبي من العالم.
تأثيرات طويلة الأمد على الطقس العالمي: بالإضافة إلى الآثار الفورية، يمكن أن يؤثر الاحترار الستراتوسفيري المفاجئ على الطقس بشكل طويل الأمد، وقد يكون له تأثيرات على النظام الجوي العالمي والمناخ بشكل عام.
وشدد المركز على ان ان تكرار هذه الظاهرة خلال الموسم الواحد قد يؤدي الى زيادة طول فصل الشتاء عن المعتاد وذلك بفعل انتقال جزء من الهواء الدافئ من طبقة التروبوسفير السطحية الى الستراتوسفير , وانتقال الهواء البارد من الستراتوسفير الى التروبوسفير مما يزيد من البرودة بشكل كبير في الطبقة السطحية من الغلاف الجوي وهذا يعني استمرار الحالات الجوية الباردة خلال فصل الربيع .
واستناداً الى ما سبق ونظراً لاستمرار الاحترار الستراتوسفيري بشكل اعلى من المعتاد تزامناً مع ظهور عوامل مناخية اخرى سنتطرق اليها قريباً , فاننا نتوقع ان يكون فصل الشتاء الحالي اطول من المعتاد , وان تستمر الحالات الجوية والتي ترافقها برودة غير معتادة لفترة اطول خلال فصل الربيع المقبل كما حدث خلال الموسم الماضي .
المركز العربي للمناخ
زر الذهاب إلى الأعلى