أخبارتونس

“تقاطع”: سنتان سجناً مع النفاذ العاجل ضدّ مواطن من أجل تعليق بفيسبوك

أعلنت جمعية تقاطع من أجل الحقوق والحريات أنه تم الحكم على مواطن تونسي يدعى فيصل العبيدي أصيل ولاية سليانة ويعمل موظفًا بوزارة الفلاحة، بسنتين سجناً مع النفاذ العاجل بمقتضى الفصل 24 من المرسوم  54.

وأوضحت الجمعية في بيان أصدرته الخميس 11 جويلية 2024، أن الحكم بالسجن في حق المواطن التونسي فيصل العبيدي، يأتي على خلفية كتابته لتعليق بموقع فيسبوك تفاعل من خلاله مع كلام الرئيس التونسي قيس سعيّد حول مساهمة المجموعة الوطنية لتطوير القوات المسلحة.

وبيّنت أنه تم توجيه عدة تهم منها استعمال أنظمة معلومات لنشر وإشاعة أخبار وبيانات تتضمن معطيات شخصية ونسبة أمور غير حقيقية بهدف التشهير بالغير والإضرار به والتحريض على الاعتداء عليه، والحث على خطاب الكراهية، طبق الفصل 24 من المرسوم عدد 54.

وفي سردها لأحداث “الانتهاك” قالت جمعية تقاطع إن أعوان فرقة الأبحاث والتفتيش للحرس الوطني توجهت يوم الثلاثاء 25 جوان 2024، إلى مقر سكن فيصل العبيدي القاطن في منطقة ڨعفور التابعة لولاية سليانة، لتسليمه استدعاء رسميًا للمثول أمامهم من أجل التحقيق معه، وعند عدم العثور عليه في المنزل آنذاك قاموا بتسليم الاستدعاء إلى شقيقه والذي بدوره أعلم المعني بالأمر. وقام فيصل العبيدي بالتواصل مع الفرقة المعنية ليعلمهم أنه لن يتمكن من الحضور في التاريخ المحدد الموافق ليوم الأربعاء 26 جوان 2024 وطلب منهم تأجيل الحضور إلى يوم الخميس 27 من الشهر نفسه.  واستجابوا لطلبه، وفقًا لما روته شقيقته”.

وتابعت الجمعية أنه تم رغم ذلك “القبض على المواطن فيصل العبيدي بعد ترصده وانتظار تواجده داخل مقر سكناه من قبل الفرقة المذكورة، بتاريخ 26 جوان 2024، حيث تم اقتحام المنزل وتفتيشه دون الاستظهار بأي إذن قضائي يخول لهم القيام بذلك، وبعد إلقاء القبض عليه. تم اقتياده إلى مقر فرقة الأبحاث والتفتيش للحرس الوطني بڨعفور من أجل استنطاقه”.

ووفقًا لما ورد في بيان جمعية تقاطع، فقد تبيّن أن “عملية إيقافه أتت إثر شكاية أثارتها النيابة العمومية من تلقاء نفسها، موضوعها تعليق كان قد كتبه بموقع فيسبوك مفاده “حضروا رواحكم اللي تساندوا في قيس سعيد باش تتبرعوا بالفلوس لتمويل الميزانية”، ويأتي هذا التعليق في إطار التفاعل مع ما نطق به الرئيس التونسي في الذكرى الثامنة والستين لانبعاث الجيش الوطني والذي قال فيه إنه ”على المجموعة الوطنيّة أن تساهم في توفير الاعتمادات اللاّزمة لتطوير قدرات القوات المسلّحة”.

وأفاد المصدر نفسه بأن المحكمة الابتدائية بسليانة أصدرت بتاريخ 4 جويلية 2024 حكمًا ابتدائيًا يقضي بسجن فيصل العبيدي سنتين مع النفاذ العاجل بمقتضى الفصل 24 للمرسوم 54 لسنة 2022 والمتعلق بمكافحة الجرائم المتصلة بأنظمة المعلومات والاتصال.

واعتبرت جمعية تقاطع أن “قضية المواطن فيصل العبيدي ليست إلا حلقة من سلسلة انتهاكات حقوق الإنسان بتونس، وتواصلاً لجملة الأحكام الجائرة على معنى المرسوم 54، حيث إن الحكم بسنتين سجنًا على خلفية رأي يعد انتهاكًا آخر ترتكبه الدولة التونسية ومساسًا من حقوق الإنسان، خاصة الحق في حرية الرأي والتعبير، وهو حق مكّرس في المواثيق الدولية التي تحمي حقوق الإنسان.

واستطردت الجمعية: “هذا الحق تم التنصيص عليه في الإعلان العالمي لحقوق الإنسان. وكذلك في العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية والتي ينص في مادته 19 “بأن لكل إنسان حق في اعتناق آراء دون مضايقة.. لكل إنسان حق في حرية التعبير ويشمل هذا الحق حريته في التماس مختلف ضروب المعلومات والأفكار وتلقيها ونقلها إلى آخرين دونما اعتبار للحدود، سواء على شكل مكتوب أو مطبوع أو في قالب فني أو بأية وسيلة أخرى يختارها”.

كما أشارت إلى الميثاق الأفريقي لحقوق الإنسان والشعوب في مادته التاسعة، والذي ينص على أنه “يحق لكل إنسان أن يعبر عن أفكاره وينشرها في إطار القوانين واللوائح”.

أما على المستوى الوطني فقد شددت الجمعية على أن “الحق في حرية الرأي والتعبير مكرس دستوريًا في دستور 2022 في فصله السابع والثلاثين الذي ينص على أن حرية الرأي والفكر والتعبير والإعلام والنشر مضمونة. لا يجوز ممارسة رقابة مسبقة على هذه الحريات”.

واعتبرت جمعية تقاطع أن حكم المحكمة الابتدائية بسليانة القاضي بسجن المواطن التونسي فيصل العبيدي سنتين مع النفاذ العاجل يتنافى مع مبدأ تناسب العقوبة مع الفعل المرتكب المكرس بمقتضى الفصل 55 من الدستور التونسي لسنة 2022″.

وأوضحت أن هذا الفصل المذكور من دستور 2022 يقر بأن “لا توضع قيود على الحقوق والحريات المضمونة بهذا الدستور إلا بمقتضى قانون ولضرورة يقتضيها الدفاع الوطني، أو الأمن العام، أو الصحة العمومية، أو حماية حقوق الغير، أو الآداب العامة. ويجب ألاّ تمس هذه القيود بجوهر الحقوق والحريات المضمونة بهذا الدستور وأن تكون مبررة بأهدافها ومتلائمة مع دواعيها. لا يجوز لأي تنقيح أن ينال من مكتسبات حقوق الإنسان وحرياته المضمونة في هذا الدستور. وعلى كل الهيئات القضائية أن تحمي هذه الحقوق والحريات من أي انتهاك”.

ولفتت الجمعية إلى أن “تعليق المواطن التونسي على موقع فيسبوك لم يتضمن سوى رأيًا عاديًا وتفاعلاً مع موقف الرئيس التونسي، وشددت على أن “الفعل الذي قام به المواطن التونسي ومحتوى تعليقه يأتي ضمن ممارسته لحقه في حرية التعبير المنصوص عليه ضمن المواثيق، وأن سجنه يمثل تواصلاً لضرب الحقوق والحريات في تونس وإثناء المواطنين عن التعاطي والتفاعل في القضايا التي تهم الشأن العام”.

وتأتي هذه الحادثة في سياق عام تم فيه إيقاف عدد من الصحفيين والمدونين التونسيين وتتبعهم في قضايا مختلفة استندت أغلبها إلى المرسوم عدد 54، وارتبطت في معظمها بممارسة حقهم في حرية التعبير.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى