رغم ما تعيشه البلاد على وقع الإجراءات السبعة التي أقرّها رئيس الجمهورية يوم الاثنين 13 ديسمبر 2021؛ وما انجرّ عنها من مواقف متعدّدة رافضة ومندّدة تدعو إلى الاحتجاج والنزول إلى الشارع، تتجه عبير موسي رئيسة الحزب الدستوري الحرّ مرّة أخرى إلى مقرّ اتحاد علماء المسلمين المرخَّص له بالنشاط في تونس لتطالب بغلقه، إذ تصرّ موسي على غلق مقر فرع اتحاد علماء المسلمين في تونس باعتباره وفقا لقولها “تنظيماً إرهابياً يتعارض وجوده مع القيم الحداثية البورقيبية “. وهو ما دفع العديد إلى التساؤل عن الهدف الحقيقي وراء تحرّكات موسي التي لا تمتّ إلى مطالب المرحلة الحالية بصلة خاصّة في ظلّ ما تعيشه البلاد من وضع سياسي متأزم ويتجه إلى التصعيد بعد دعوات أغلب الأحزاب للتظاهر ورفض القرارات الرئاسية واعتبارها انقلابا على الدستور والشرعية.
موسي تقول إن حزبها عاد إلى الاعتصام مجدّدا، وأضافت ان ذلك يأتي على خلفية ما اعتبرته “تجاهل مطالبهم بحل هذا التنظيم المشبوه وقطع دابر التمدّد الإخواني في تونس”. وحذّرت موسي “السلطة القائمة من اي اعتداء عليهم أو قمعهم في تحركهم النضالي”، وفق قولها.
من جهتها دعت جمعية الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين فرع تونس، في بلاغ لها رئاسة الجمهورية والسلط المعنية إلى حمايتها من الاعتداءات المتكررة عليها من طرف الحزب الدستوري الحر ورئيسته في نطاق حماية قانون الدولة وحفظ النظام العام وتحاشيا لأيّ انفلات قد يقع في مواجهة هذه الاعتداءات. وأفادت الجمعية بأن عبير موسي وحزبها ،كانوا قد اعتصموا أكثر من مرّة أمام مقرّنا بل قد اقتحموه في أحد الاعتصامات، وعاثوا في موجوداته فسادا وقد فُضّ الاعتصام بالقوة العامّة، وذلك بالرغم من أن كل القضايا التي رفعتها ضد الجمعية حكم فيها القضاء ضدّها وأنّ الجمعية قد رفعت عدّة قضايا ضدّها وهي جارية الآن قيد البحث القضائي. كما أكدت الجمعية، أنها ستقوم بعملها تحت القانون وفي تطبيق كامل لمقتضياته، وأنها لا تلجأ إلا إليه في مواجهة هذه الاعتداءات المتكررة عليها تحاشيا لكلّ ما يعكّر صفو النظام العامّ.
تحرّكات عبير موسي دفعت العديد إلى القول بأنها تنفذّ أجندات خارجية وتفتعل خلافات لا تهمّ التونسيين أبدا، فرغم الأوضاع الاقتصادية المترديّة والاجتماعية المزرية فهي لا تتطرّق في صولاتها وجولاتها إلى ما تعانيه البلاد من ارتفاع نسبة البطالة والعجز التجاري المخيف والإفلاس الوشيك وغيرها من الصعوبات التي تعانيها البلاد؛ فموسي رغم كلّ هذه العقبات والعثرات تخيّر إثارة قضايا “الإسلاميين” والإيديولوجيا التي لا تهمّ اليوم أيّ تونسي. فهي وفقا لمعارضيها تسعى فقط إلى تنفيذ مخطَّط عنف ومشروع احتراب أهلي بعد أن فشلت في معركتها القضائية لإغلاق مقر الاتحاد، وتجييش الشارع بهدف المرور نحو الصدام وتسجيل مواجهات أمنية وشعبية بعد ان احتدّت المواجهات في عملية الاقتحام الفارطة بينها وبين أنصار الثورة من نشطاء وقيادات حزبية، ، تمترسوا بدورهم أمام مقر الاتحاد، بعد أن لَبَّوا نداء الاستغاثة الذي أطلقه أعضاء الفرع بتونس، وسط إجراءات أمنية مشدَّدة وتبادُل للاتهامات والشعارات فيما بينهم.
أيضا هناك من يرى أنّ افتعال موسي لمشاكل واهية ووهمية من خلال فزّاعة الإسلاميين يأتي بهدف البقاء في المشهد السياسي بعد أن جعلها تجميد البرلمان تفقد وجودها وصراخها من خلال التصدي اليومي لـ”حركة النهضة” الذّي اعتادت ان تقتات عليه يوميا لتصدّر عناوين الأخبار بالبنط العريض بكونها “منقذة البلاد” من الإسلاميين، كما تقول دائما.
فلئن تتحجج رئيسة الدستوري الحر عبير موسي عبر دعوتها إلى إغلاق مقرّ اتحاد علماء المسلمين في تونس، بكونه يتعارض مع مدنية الدولة، وبممارسته التكفير والإرهاب، فإنّ خصومها يرون أنها تهم دون أي دليل حسم فيها القضاء وقال كلمته، وبأن موسي مكلَّفة فقط بافتعال معارك طواحين الهواء لا تعود بالفائدة على البلاد والعباد وإنّما الهدف منها فقط هو تدميرَ التجربة الديمقراطية في تونس بدعم من جهات خارجية تُكِنّ العداء للثورة التونسية_-الإمارات تحديدا-، مرة عبر ترذيل البرلمان وممارسة العنف والصراخ الهيستيري داخله، ومرة من خلال الاستثمار في تقسيم التونسيين عبر تحريك المعارك الآيديولوجية، غير انّ الشعب التونسي منها براء.
تحدّي القانون..
رغم قانونية فرع اتحاد علماء المسلمين ونشاطه المرخّص له، إلاّ أنّ عبير موسي تصرّ بين الفينة والأخرى ووفقا لأجنداتها أن تحتجّ أمام المقرّ لخلق فوضى عارمة من خلال التصدّي للامن والسعي لتأجيج المواجهات باعتبار أنّ حماية المقرّ تعتبر عمّلية قانونية ومنع وصل عبير وأنصارها واجب أمني يجب العمل عليه لتنفيذ القرارات القضائية الصادرة؛ فقد رفضت المحكمة الابتدائية بتونس السنة الفارطة دعوى قضائية استعجالية تقدمت بها رئيسة “الحزب الدستوري الحر”، عبير موسي، لوقف أنشطة الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين في تونس.
وأفاد مساعد وكيل الجمهورية (النيابة العمومية) بالمحكمة الابتدائية في العاصمة تونس، والمتحدث الرسمي باسم المحكمة، محسن الدالي حينها، أن “المحكمة قررت رفض الطلب الذي تقدم به الحزب الدستوري الحر والمتعلق بتوقيف نشاط (ندوات أو مؤتمرات) الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين في البلاد”.
لكن رئيسة الحزب وأنصارها ضربوا بالقرار عرض الحائط واعتصموا أمام مقر الاتحاد ونصبوا الخيام، لتتواصل المشاحنات والاستفزازات وتبلغ أشُدَّها حينها بعد اقتحام موسي وأنصارها مقر الحزب .
وقد سجّلت عمليّة اقتحام عبير موسي لمقرّ جمعية علماء المسلمين المرة الماضية ردود افعال عديدة رافضة لممارساتها والتنديد بها.
فالعديد من القيادات السياسية حذّرَت من بذور حرب أهلية ومشروع لبثّ الفوضى تخطّط له رئيسة “الدستوري الحر”، إذ حذّر أمين عامّ الحزب الجمهوري عصام الشابي في تدوينة عبر صفحته الرسمية على فيسبوك مما وصفه بـ”عربدة رئيسة الدستوري الحر، واقتحامها مقر فرع اتحاد علماء المسلمين بالقوة”، مشدداً على أن الدولة وحدها مسؤولة عن تطبيق القانون وحماية الأشخاص والممتلكات.
رئيس الجمهورية السابق المنصف المرزوقي بدوره دعا إلى حظر نشاط حزب “الدستوري الحر”، معتبراً في تدوينة أنه حزب مُعادٍ للديمقراطية، عبر سعيه المتواصل لشلّ عمل البرلمان، وعبر خطاب الحقد والكراهية والاستئصال الذي يبثّه لزرع الفتنة بين الشعب الواحد، وعبر تمرُّده على القانون.
ويشار إلى أن حادثة الاقتحام الفارطة، والتي يبدو أنّ عبير مصمّمة على إعادتها هذه المرّة لمواصلة محاربة حركة النهضة بعد أن أفل صراخها الهيستيري بعد غلق البرلمان في خضمّ الإجراءات الاستثنائية ولم يعد لها باع وشأن في السّاحة، قد خلّفت موجة من الاستياء والتنديد والاستنكار المحلي والعربي في صفوف نشطاء وقيادات ونخب فكرية وسياسية عربية حذرت من عودة الثورة المضادة ومن مخططات تدميرية لوأد الثورة التونسية وتجربة الديمقراطية الناشئة.
المصدر.:جريدة 24/24
ماجدة حميد