أكّدت سهام بن سدرين الرئيسة السابقة لهيئة الحقيقة والكرامة، في ردها على وزير أملاك الدولة السابق سليم بن حميدان الذي حذر من نشر تقرير الهيئة حول قضيّة البنك الفرنسي التونسي بالرائد الرسمي وشدد على أنّ في ذلك ادانة لحكومة الترويكا بجميع وزرائها ومنهم الفخفاخ وانتحار سياسي لحركة النهضة، أنّ لا دخل للهيئة في الشأن السياسي وأنّها غير مسؤولة عن قلّة الكفاءة لمن تولّى المسؤوليّة الأولى في معالجة هذا النزاع بعد الثورة وهو وزير املاك الدولة.
وقالت بن سدرين في حوارها مع صحيفة “الشارع المغاربي” في عددها الصادر اليوم الثلاثاء 2 جوان 2020 “إنّ الهيئة مطالبة قانونا بالبحث والتقصي في كل الانتهاكات في حق الدولة التي قام بها موظفون سامون تصرفوا باسمها وأساءوا لها من جويلية 1955 الى ديسمبر 2013” .
وأشارت المتحدّثة إلى أنّ الهيئة أحالت على أنظار الدائرة المتخصصة للعدالة الانتقالية في المحكمة الابتدائية بتونس بتاريخ 31 ديسمبر 2018 لائحة اتهام تتضمن المرجع 69، قائلة إنّها “تتعلق بالانتهاكات التي ارتكبها كبار المسؤولين في قضية البنك الفرنسي التونس(BFT) مرفوقة بالاستدعاءات التي وجهتها لجنة البحث والتقصي لجميع الاطراف المعنية بهذه القضية ومحاضر استنطاق كل من استجاب للاستدعاءات”.
واضافت أنّ “الهيئة اعتبرت ان هذه القضية تمثل حالة نموذجية لفساد مستشر في المؤسسات العمومية وأنّها تجمع الجرائم وسوء استخدام النفوذ والتواطؤ وتوظيف القضاء وخيانة مؤتمن في إدارة الأموال العمومية واحداث مخاطر تهدد البنك المركزي التونسيي في قدرة الدولة على الخلاص وإستقرار النظام المالي، قائلة ” تتعلق قضية البنك الفرنسي التونسي( BFT ) بنزاع إستمر لمدة 36 عامًا بين السلط التونسية ومجموعة الاستثمار العربية للأعمال التجارية (ABCI ) تحت غطاء الدفاع عن المصالح العليا للدولة”.
وأكّدت بن سدرين أنّ ” أثارها السلبية على دافع الضرائب التونسي في ما يخص الضرر المباشر تُقدّر بأكثر من مليار دينار، في حين أنّ الضرر غير المباشر على الدولة التونسية يمكن أن يتجاوز أضعاف هذا المبلغ”.
وشدّدت على أنّ “البنك الفرنسي التونسي يواجه اليوم عجزًا ماليا كبيرًا ناتجا بالأساس عن تبذير ثروة البنك من خلال منح قروض بلا ضمانات لأقارب نظام بن علي وغياب آليات الحوكمة في التسيير” لافتة الى أنّ محافظ البنك المركزي التونسي الشاذلي العيّار كان قد أكّد خلال الجلسة البرلمانية التي إنعقدت في ماي 2017 أنّ مشكلة BFT “مشكلة كبيرة” مضيفا “إنه بنك يخسر 100 ألف دينار يومًيا… و يمول البنك المركزي عن مضض” مشرة الى أنّ هذا العجز للبنك الفرنسي التونسي من المال العام.
وأضافت”لمعالجة هذا الملف، إختارت الحكومة التونسية سياسة الهروب إلى الأمام ومتابعة إستراتيجية التقاضي الدائم بالرغم من استعداد مجموعة الاستثمار العربية للأعمال التجارية، للتسوية الودية للملف والتكاليف الباهظة لأتعاب مكتب المحاماة البريطاني التي تكبدتها تونس”.
واعتبرت بن سدرين أنّ سياسة الهروب إلى الامام كانت تهدف في حقيقة الامر إلى التستر على تورط كبار المسؤولين في الدولة والمقربين من السلطة” مشيرة الى أن البنك الفرنسي التونسي تمكن من التهرب من أعمال الرقابة والتدقيق حتى الآن على الرغم من أنه بنك عمومي.
وتابعت “من الواضح ان مصلحة الدولة كانت في الاعتراف بالفساد الذي وقعت ضحيته الدولة التونسية عهد الاستبداد وارجاع البنك الى اصحابه وتمكين الخصم من مطالبة الخواص المتسببين في الافلاس بتسديد ديونهم، الا ان المشرفين على الملف فضلوا في الحكومات المتعاقبة بعد الثورة تحمل الدولة التونسية مسؤولية الديون عوض الخواص الذين استفادوا بطرق غير شرعية من القروض كما تثبته الوثائق القضائية”.
الشارع المغاربي