تتواصل الضغوط الإيطالية على تونس، في ظلّ تدفّق المهاجرين السريّين إلى أراضيها، في محاولة لفرض اتفاقيّات جديدة وزيادة عدد المرحلين قسرياً إلى تونس. وأبدت إيطاليا استياءً كبيراً بسبب تدفّق المهاجرين التونسيين إلى أراضيها، مهدّدة بتعليق الأموال المخصصة للتعاون الإيطالي التونسي في هذا المجال.
يقول المكلّف بالإعلام في المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية رمضان بن عمر، لـ “العربي الجديد”: “على الرغم من الضغوط الإيطالية على تونس لزيادة عمليات الترحيل القسري، ما زالت لا تتجاوز الرحلتين أسبوعياً، ولا صحة للادعاءات بترحيل تونسيين من خلال بواخر. في الوقت الحالي، تطبق الاتفاقية التي أبرمت خلال حكومة الراحل الباجي قائد السبسي في عام 2011، وتتضمن رحلتين أسبوعياً عبر الطائرة بمعدّل 40 شخصاً في كل رحلة”.
يضيف بن عمر: “خلال عامي 2017 و2018، رُحّل 2000 مهاجر تونسي. وفي عام 2019، رُحّل نحو 1375 مهاجراً”، موضحاً أن عمليات الترحيل تواصلت خلال العام الجاري، بعد استئناف حركة الطيران التي توقفت نتيجة تفشي فيروس كورونا، علماً أن الأمر مخالف للقوانين الدولية، ولا يحترم الإجراءات القانونية الخاصة بالهجرة. ويقول إن عدد المهاجرين التونسيين الذين غادروا الأراضي التونسية نحو إيطاليا سجّل رقماً مرتفعاً وهو 4145 مهاجراً خلال شهر يوليو/ تموز الماضي، علماً أن هذا الرقم لم يسجّل منذ عام 2011. وبلغ إجمالي التونسيين الواصلين إلى إيطاليا منذ بداية العام الجاري نحو 5213 مهاجراً.
يُتابع بن عمر أن دوافع الهجرة متعددة، منها الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية والسياسية. وإن بدت الأرقام مرتفعة، إلا أن إجمالي المهاجرين الواصلين إلى إيطاليا عموماً لا يمكن مقارنته بالأرقام المسجلة خلال عامي 2015 و2018. ويقول إن إيطاليا تحاول التركيز على المهاجرين التونسيّين لتغيير بعض الاتفاقيات، وفرض أخرى جديدة وافتعال أزمة في محاولة للحصول على مكاسب سياسية خاصة، على اعتبار أن اليمين الإيطالي هُزِم في محطات انتخابية عدة في عام 2019، ويسعى إلى إثبات موقعه مجدداً. يضيف أن الضغوط الإيطالية متواصلة على الجانب التونسي، وقد تزايدت بشكل كبير، ولوحظ أن هناك تضخيماً إعلامياً للأزمة من قبل إيطاليا، ومحاولات لاستغلال الوضع السياسي والفراغ الحكومي لإظهار تونس في موقف العاجز عن حماية سواحلها، وبالتالي تمرير اتفاقيات جديدة حتى لو كانت على حساب حقوق الإنسان.
ويرى بن عمر أن التهديد بوقف المساعدات المالية المخصّصة للتعاون في مجال الهجرة لن يحل الأزمة، ولن يكون سبباً في قبول تونس شروطاً أوروبية مجحفة بحقّ المهاجرين. ويوضح أن هذا الأمر يكشف زيف المساعدات الأوروبية، وهي في غالبيتها مخصصة للجانب الأمني والردع، وغالباً ما لا تحلّ المشكلة من جذورها. ويقول إنّه على الرغم من الجهود المبذولة، إلا أن المقاربة الأمنيّة لا تكفي للحدّ من الهجرة، مشيراً إلى أن السلطات الإيطالية تقدّم معلومات مغلوطة، خصوصاً وأن المتضرّر من الأزمة الحالية والضغوط الإيطالية هو تونس والشباب، وبعض العائلات التونسية الذين تتم ملاحقتهم والتضييق عليهم بمجرد تواجدهم في مناطق ساحلية هي نقاط عبور مثل قرقنة.
ويكشف بن عمر أنّ هذا الأمر يزيد في التضييق على الحريات وأهمها حرية التنقل، مضيفاً أن الاتحاد الأوروبي يريد أن يحول تونس إلى مجرد حارس للحدود البحرية، وعليها ألا تقبل بهذا الدور. ويؤكد أن إيطاليا تحاول استغلال هذه الفترة أي قبيل تشكيل الحكومة، والتي تعتبرها فترة مناسبة لتمرير اتفاقيات لصالحها، وعلى تونس ألا ترضخ لهذا الأمر، ولا تقبل أي ضغوط إلى حين تشكل الحكومة. ويوضح أن أي تفاوض بخصوص الهجرة يجب أن يكون منصفاً وعادلاً وإنسانياً للطرفين، مشيراً إلى أن الضغوط ليست على تونس فقط، بل تحاول إيطاليا افتعال أزمة لابتزاز الاتحاد الأوروبي بهدف زيادة نسبة المساعدات المخصصة للهجرة.
يشار إلى أن وزير الخارجية الإيطالي لويجي دي مايو طالب بتعليق حصول تونس على المال المتفق عليه، مطالباً بتبرير السلطات التونسية استمرار تدفق المهاجرين. وقال: “أُطالب بتعليق المبلغ المخصص لتونس (نحو سبعة ملايين دولار) في انتظار خطة متكاملة حول الهجرة”، بحسب وكالة الأنباء الإيطالية “نوفا”.
عن العربي الجديد