اليوم الثاني لأيام قرطاج السينمائية: تكريم للإبداع والهوية الإفريقية
تواصلت فعاليات الدورة الخامسة والثلاثين لأيام قرطاج السينمائية (من 14 إلى 21 ديسمبر 2024) في يومها الثاني، الاثنين 16 ديسمبر، وسط أجواء مفعمة بالإبداع والاحتفاء بالسينما. امتدت الفعاليات بين عروض الأفلام، النقاشات المهنية، وتكريم الشخصيات التي أثرت في الفن السابع، مما أضفى طابعًا خاصًا على هذا الحدث الثقافي البارز.
قرطاج للمحترفين: دعم الأصوات الجديدة
شهد اليوم الثاني انطلاق أنشطة ” شبكة ” و” تكميل ” ضمن قسم ” قرطاج للمحترفين “، المنصة المخصصة لدعم مشاريع صناع الأفلام العرب والأفارقة. تأسست هذه المنصة عام 1992 لتكون فضاءً لتطوير المشاريع وتبادل الخبرات. النسخة الحالية، تحت إشراف يمينة المشري بندانة، جاءت بفعالية مستحدثة بعنوان ” Meet The Talents ” لتسليط الضوء على المواهب السينمائية الناشئة.
ضمن هذا الإطار، أتيحت الفرصة لطلبة السينما وعشاق الفن السابع للقاء ثلاثة مخرجين بارزين: هاني أبو أسعد، جيلاني السعدي، ومرزاق علواش. وكان ماستر كلاس مرزاق علواش، أحد أبرز مخرجي السينما الواقعية الجديدة، من أبرز محطات اليوم. تحدث علواش عن تجربته الإبداعية مع أفلامه الشهيرة مثل ” عمر قاتلاتو ” و” باب الوادي سيتي “، وعن تأثره بأعمال السينما التونسية مثل ” ريح السد ” للنوري بوزيد و” صمت القصور ” للراحلة مفيدة التلاتلي.
الأفلام المرممة: إرث سينمائي يتجدد
ضمن قسم ” JCC Classique “، عُرض فيلم ” معسكر تياروي ” (1988) للمخرج عصمان صمبان في نسخة مرممة، ليعيد الجمهور إلى مرحلة محورية في تاريخ السينما الإفريقية. يُعتبر هذا العمل من أوائل الأفلام المنتجة بشراكة بين دول الجنوب، إذ جمع إنتاجه بين السنغال، تونس، والجزائر. وكرمت الدورة في هذا الإطار عددًا من التقنيين التونسيين الذين أسهموا في هذا الإنتاج المشترك، مثل نعمة الجازي وحسن دلول.
تكريم السينما السنغالية: تاريخ ومستقبل مشرق
في مساء اليوم ذاته، احتضنت قاعة ” الأفريكا ” حفل افتتاح فعالية ” السينما السنغالية تحت المجهر “، بحضور سفير السنغال بتونس مصطفى صو. وأشاد السفير بالديناميكية التي تشهدها السينما السنغالية، بفضل استثمارات حكومية تدعم إنتاج الأفلام وتكوين المواهب الجديدة.
وفي كلمة ألقاها، أكد فريد بوغدير، الرئيس الشرفي للدورة، على الإرث المشترك بين السينما التونسية والسنغالية، مستذكرًا الرواد مثل الطاهر شريعة وعصمان صمبان. كما نوه بحضور السينما السنغالية في مختلف أقسام المهرجان، ومن أبرز الأفلام المشاركة: ” دمبا ” لمامادو ديا و” داهومي ” لماتي ديوب.
حفل الافتتاح اختُتم بعرض فيلم ” بانيل وأداما ” للمخرجة راماتا تولاي سي، في تجسيد واضح للالتزام السينمائي بقضايا الهوية والجماليات الفنية.
اليوم الثاني لأيام قرطاج السينمائية لم يكن مجرد عروض وأحداث، بل جسّد مساحة تفاعلية تدمج بين الماضي والحاضر، بين الأجيال والمناطق، لترسيخ مكانة السينما كوسيلة للحوار الثقافي والإبداع الفني.
ملاك الشوشي