إعتبر أستاذ القانون الدستوري العميد صادق بلعيد في ما يتعلّق بتسارع المتغيّرات في الساحة السياسية والسيناريوهات الممكنة حسب مقتضيات الدستور، أنّ الإضطراب الحالي في مصير الحكومة المرتقبة يرجع الى المناورات التي قال ان بعض الأطراف السياسية تقوم بها لإفشال عمليّة تشكيل الحكومة الجديدة .
وشدد بلعيد على الفقرة الرابعة من الفصل 89 لم تتعرض صراحة وبدقة لفرضية فشل تشكيل الحكومة مضيفا بالقول” في الوضع الحالي قد لا تنتهي العملية في الاجال المحددة بالدستور لكن في رأينا لا نرى مانعا قانونيا في حالة فشل رئيس الحكومة المكلف الحالي ولا زالت بعض الفترة الزمنية المخصصة لهذه العملية ، أن يكلف رئيس الجمهورية شخصية اخرى للقيام بتلك المهمة الصعبة في فترة ضيفة من الزمن”.
وقال بلعيد في حوار مع صحيفة “الشارع المغاربي” في عددها الصادر اليوم الثلاثاء 18 فيفري 2020، إنّ “الفصل المعني بهذه الوضعية وبما قد تواجه من صعوبات، هو أساسا الفصل 89 من الدستور لا غير” مضيفا ” هذا الفصل يوفر عددا من السيناريوهات ومن الأحكام الملائمة إذا أراد السياسيون التفاعل مع مختلف الحالات والصعوبات برصانة وبموضوعية”.
وأوضح أنّ “هذا الفصل يتكوّن من 6 فقرات،.واذا نظرنا في أحكام الدستور حول تعيين الحكومات وإنهاء مهماتها، فلنحصر كلامنا في الحالة الراهنة وهي التي فيها تطبيق الفقرة الرابعة من الفصل 89 والذي ينصّ على أنّ لرئيس الجمهورية الحق في حلّ مجلس نواب الشعب والدعوة الى انتخابات تشريعية جديدة”.
وشدّد على أنّه ” لا غموض في دور رئيس الجمهورية هنا فإنّ له الحق… في حل مجلس النواب والدعوة الى انتخابات..” مضيفا “من الواضح أنّ هذين الصلاحيتين يرحعان الى رئيس الجمهورية ولا لأحد غيره…ثمّ إنّ هذه الفقرة 4 من الفصل 89 تُبيّن بكلّ وضوح الهدف من هذا التوكيل، تنظيم إنتخابات تشريعية جديدة وإتمام العمليّة في أجل محدد بدقّة في أجل أدناه خمسة وأربعون يوما وأقصاه تسعون يوما” متابعا “وليس لرئيس الجمهورية أن يتقدّم ولا أن يتأخّر في تلك المهمّة”.
وأضاف ” الى جانب ما جاء به صريح النصّ في الحالة الأولى، فإنّ الفقرة 4 من الفصل 89 لم تتعرّض صراحة وبدقّة للفرضية الحالية” مشيرا الى إمكانية فشل تكوين الحكومة، وقال “في الوضع الحالي قد لا تنتهي العمليّة في الآجال المحدّدة بالدستور ولكن في رأينا لا نرى مانعا قانونيا في حالة فشل الوزير المُكلّف الحالي ولازالت بعض الوقت في الفنرة الزمنية المخصّصة لهذه العملية…لأن يكلّف قيس سعيّد شخصية أخرى للقيام بتلك المهمّة الصعبة في فترة ضيذقة من الزمن”.
وأشار الى أنذ “مثل هذه الحال قد حصل في تجربتنا الدستورية الحديثة مع تمديد في الزمن يعدّ ببعض السنين”.
وبخصوص فرضية أستقالة مباغتة من يوسف الشاهد لإحباط عمليّة سحب الثقة منه، أوضح بلعيد أنّ “حكومة الشاهد ليست إلاّ حكومة تصريف أعمال ولا غير… وليس لها ولأيّة سلطة أخرى تغيير هذا الوضع الدستوري المُحدّد والقسري” مواصلا ” يرجع تكليف الشاهد بتصريف الاعمال الى قرار من رئيس الجمهورية بتاريخ 15 نوفمبر 2019، ولرئيس الجمهورية السلطة لإنهاء هذه المهمّة الوقتية كما يحقّ له أن يرفض استقالة الشاهد من تلك المهام”.
ولفت من جهة أخرى الى “ضرورة تقديم التوضيح التالي في ما يخصّ الوضع الدستوري لحكومة الشاهد بصفتها حكومة تصريف أعمال” معتبرا أنّ هذه الحكومة “ليست كسائر الحكومات بحكم أنّها ليست مكتملة الصلاحيات والإختصاصات الواردة في صلب الدستور” مشيرا الى أنّها “حكومة منقوصة ومحصورة في تصريف الأعمال فقط… ولهذا السبب الاساسي لا تنطبق عليها كامل أحكام الدستور المتعلّقة بهذه الوظيفة الدستورية”.
وأكّد أنّه ” وبالخصوص فإنّ أحكام الفصل97 من الدستور لا مجال لنطبيقها على حكومة الشاهد…الفصل المذكور يقول إنه يمكن التصويت على لائحة لوم ضدّ الحكومة، وهذه العبارة لا تنطبق على الحكومات التي وقع تنصيبها طبقا لأحكام الدستور والأحكام الواردة بالخصوص في الفصل 89 من هذا النّص”.
وأوضح أنّ “هذا الكلام نقدّمه فضلا على الشروط الواردة في الفصل 97 المذكور والمتعلّقة بالإجراءات المذكورة فيه وشرط الأغلبيّة للتصويت ومدّة الهدنة الزمنيّة وهي 15 يوما قبل التصويت والتي يستحيل أن تكتمل في حالة حكومة مستقيلة والتي تستمدّ مشروعيتها من قرار صادر عن السلطة التنفيذية”.
وقال “بهذه الصورة يتّضح أنّه لا يمكن تطبيق الفصل 97 الخاص بحالة استثنائية على الحالة العاديّة الواردة في الفصل 89 من الدستور، فسواء إستقال الشاهد أو لم يستقل فأنّه لا مجال للإستنجاد بالفصل 97”.
واعتبر المتحدث ات النص الدستوري الحالي يتضمن ثغرات ومطبات عددية وخطيرة تتطلب الاسراع بتداركها في اقرب الاجال .