ثقافة

الدورة 25 للمهرجان العربي للإذاعة والتلفزيون: صابر الرباعي يضيء حفل الافتتاح في عودة مُبهرة إلى الحمامات

في أجواء احتفالية جمعت بين عبق التجربة الإعلامية ووهج الإبداع الفني، احتضنت مدينة ياسمين الحمامات الندوة الصحفية الخاصة بالدورة الخامسة والعشرين للمهرجان العربي للإذاعة والتلفزيون، بحضور وجوه بارزة من المشهد الإعلامي والفني العربي. وأبرز ما ميّز اللقاء، كان الإعلان عن إحياء الفنان التونسي الكبير صابر الرباعي لحفل الافتتاح المنتظر، في لحظة رمزية تعكس التقاء الطرب الأصيل بروح التجدّد الإعلامي.
عودة بعد غياب: مهرجان بحلّة مزدوجة بين الحمامات وتونس العاصمة
تُقام هذه الدورة من 23 إلى 26 جوان 2025، تحت شعار لافت: “فضاء التلاقي والإبداع”، في ثلاثة فضاءات فنية وثقافية متميزة: مسرح قرطاج الأثري، المدينة المتوسطية ياسمين الحمامات، ومسرح الأوبرا بمدينة الثقافة بالعاصمة. ولأول مرة، يتم تنظيم فعاليات المهرجان بالتوازي بين العاصمة والحمامات، في خطوة تعبّر عن إرادة التجديد والانفتاح على جمهور أوسع وتفعيل الدور الثقافي لمناطق مختلفة من تونس.
 لم يُخفِ المدير العام لاتحاد إذاعات الدول العربية، المهندس عبد الرحيم سليمان، فخره بعودة المهرجان إلى الحمامات بعد غياب دام 8 سنوات، مؤكدا أن هذه الدورة تمثّل نقطة تحول في تاريخ التظاهرة التي تعود بجذورها إلى أكثر من أربعة عقود. هذا المهرجان، كما قال، ليس مجرّد احتفال، بل فضاء حيوي لتلاقح الأفكار والابتكارات في مجال الإعلام السمعي البصري العربي.
صابر الرباعي: صوت يختزل وجدان الجمهور العربي
من أبرز لحظات الندوة، كان حضور “أمير الطرب” الفنان صابر الرباعي، الذي أعلن عن مشاركته في إحياء حفل الافتتاح. اختياره لم يأت اعتباطا؛ فالرباعي يُجسد، بصوته وأعماله، التقاء الفن الراقي بالهوية الثقافية العربية، ويمثّل وجها مشرفا لتونس في المحافل الإقليمية والدولية.
برفقة الفنان كريم الثليبي، الذي سيتولى التوزيع الموسيقي للحفل، أشار الرباعي إلى أن العرض سيكون “سفرا فنيا خاصا” يجمع بين الأصالة والتجديد، مؤكدا حرصه على تقديم عمل يليق بجمهور المهرجان وبهويته العربية الجامعة.
299 مسابقة و16 دولة: المشهد الإعلامي العربي في قلب المهرجان
ما يميّز هذه الدورة أيضا هو كثافة البرنامج وتنوعه، إذ تشمل التظاهرة 299 مسابقة تلفزيونية وإذاعية، بمشاركة 16 دولة عربية، تغطي محاور متعددة تتراوح بين الدراما، البرامج الوثائقية، المجلات الإخبارية، والبرامج الثقافية والترفيهية. وهي مسابقات تهدف، بحسب عبد الرحيم سليمان، إلى تحفيز الجودة والابتكار في الإنتاج الإعلامي العربي، في وقت يواجه فيه الإعلام تحديات كبرى تتعلق بالمصداقية، والتقنيات الرقمية، والتفاعل مع الجمهور الجديد.
المعرض وسوق الإنتاج: واجهة للربط بين الإبداع والصناعة
إضافة إلى العروض والمسابقات، يتضمن المهرجان معرضا للإنتاج الإعلامي وسوقا لتبادل الحقوق، حيث تلتقي المؤسسات الإعلامية ومنتجو المحتوى والموزعون في فضاء مفتوح للنقاش والتعاقد والشراكة. كما سيتم تنظيم ندوات فكرية ومهنية متخصصة في قضايا الإعلام الراهن، كدور الذكاء الاصطناعي في صناعة الخبر، والتحوّلات في سلوك المشاهدة، وأزمة الثقة في الإعلام التقليدي.
بين الإشعاع الثقافي والرهانات المهنية
لا يخفى أن هذه الدورة الخامسة والعشرين تأتي في ظرف إقليمي خاص، حيث تبحث الشعوب العربية عن نوافذ للتعبير تتجاوز الصخب السياسي والنزاعات، وتؤسس لحوار إنساني وجمالي حقيقي. وفي هذا السياق، يبرز المهرجان كمنصة لتكريس الدبلوماسية الثقافية وتثمين الطاقات العربية في الإعلام والفن، في تلاقٍ نادر بين الأصوات والصور والرؤى.
وفي ظل التغيرات السريعة في مشهد الإعلام العالمي، يظل المهرجان العربي للإذاعة والتلفزيون رهانا ضروريا على المستقبل، لا فقط كحدث احتفالي، بل كفعل ثقافي استراتيجي يُسهم في بناء فضاء إعلامي عربي حر ومهني ومبدع.
بين صدى صوت صابر الرباعي في افتتاحية منتظرة، وحيوية النقاشات المهنية، وتنوع الفضاءات من قرطاج إلى الحمامات، تبدو الدورة 25 للمهرجان العربي للإذاعة والتلفزيون وكأنها وعدٌ بانطلاقة جديدة، حيث يلتقي الإعلام بالفن، والتقاليد بالتقنيات، والهوية بالإبداع.
ملاك الشوشي

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى