أخبارتونسمجلس نواب

البرلمان يصادق على تعديل الفصل 96 من المجلة الجزائية: نحو حماية الموظف دون التراجع عن مكافحة الفساد

استأنف مجلس نواب الشعب صباح الخميس 24 جويلية 2025 أشغال جلسته العامة برئاسة السيد إبراهيم بودربالة، رئيس المجلس، للنظر في مقترحي القانونين عدد 15 و28 لسنة 2023 المتعلقين بتنقيح الفصل 96 وبعض الأحكام من المجلة الجزائية.

وتمحورت أشغال الجلسة حول مناقشة تقرير لجنة التشريع العام بخصوص هذه المبادرة التشريعية التي تهدف إلى إعادة ضبط التجريم في قضايا استغلال الصفة الإدارية للموظف العمومي، بما يضمن حماية المال العام دون المسّ من حسن سير المرفق الإداري أو إرهاب الإطارات العمومية.

  • توضيح الأركان القانونية وتقييد التأويل القضائي

صادقت لجنة التشريع العام بتاريخ 3 جويلية 2025 بأغلبية أعضائها على إدخال تعديلات جوهرية على الفصل 96، أبرزها: -خفض العقوبة السجنية إلى ست سنوات، بعد أن كانت تصل سابقًا إلى عشر سنوات أو أكثر.

-إدراج عنصر القصد الجنائي بشكل صريح، بما يضمن عدم ملاحقة الموظف إلا في حال ثبوت سوء النية واستغلال الصفة لتحقيق منفعة غير مشروعة للغير.

ويأتي هذا التعديل في إطار الاستجابة لانتقادات واسعة للفصل 96 في صيغته السابقة، والتي اعتُبرت عامة وفضفاضة وتفتح المجال لتأويلات واسعة قد تُفضي إلى تتبعات جزائية حتى في حالات الأخطاء الإدارية أو الاجتهادات غير الموفقة، دون وجود نية إجرامية واضحة.

  • الفصل 96: من أداة لمكافحة الفساد إلى أداة للترهيب؟

ينص الفصل 96 من المجلة الجزائية على معاقبة كل موظف عمومي أو من في حكمه يتعمد ارتكاب أفعال تحقق له أو لغيره فائدة مادية، بسوء نية، وبما يخالف القوانين والتراتيب الجاري بها العمل. غير أن صياغته العامة، حسب المختصين، تخلط بين عدة جرائم وتفتقر إلى التحديد الدقيق لطبيعة الأفعال المجرّمة، مما يخلق غموضًا قانونيًا.

في هذا السياق، اعتبر المحامي والرئيس الأسبق لمحكمة التعقيب، المنجي الأخضر، خلال يوم دراسي نظّمه البرلمان، أن النص الحالي يفتقد إلى الوضوح ويُقحم موظفين في ملاحقات جزائية حتى دون ثبوت نية الإضرار أو الاستيلاء على المال العام، مشددًا على أن القانون الجزائي يجب أن يُبنى على القصد الجنائي الواضح، وأن تكون صفة الموظف مرتبطة بشكل مباشر بالفعل الإجرامي، وليس بمجرد تقدير إداري أو قرار خاطئ.

  • نقاشات الجلسة العامة: بين تعزيز الاستثمار وضمان المحاسبة

شهدت الجلسة العامة نقاشًا موسعًا بين النواب تمحور حول النقاط التالية:

-ضرورة التوازن بين حماية المال العام وعدم الزج بالإطارات في السجون دون موجب.

-اعتبار الفصل 96 أحد أبرز أسباب تعطيل المشاريع العمومية نتيجة الخوف من التتبعات.

-التحذير من أن الفصل تحوّل من أداة محاسبة إلى وسيلة للضغط وتصفية الحسابات السياسية.

-التأكيد على أن التعديل من شأنه رفع العراقيل الإدارية وتحسين مناخ الأعمال دون المساس بردع جرائم الفساد الحقيقي.

من جهة أخرى، شدّد ممثلو جهة المبادرة على أن النص المعدل لا يُفرّط في الجانب الزجري، بل يُعيد التوازن إلى المنظومة الجزائية ويُحفز الموظف العمومي على أداء مهامه دون خوف، خاصة في ظل وجود ضمانات قانونية واضحة ضد التجاوزات.

كما أكدوا أن التعديل يحترم الإجراءات الدستورية ولا يمسّ بالتوازنات المالية للدولة، بل من شأنه دعم مناخ الاستثمار وتسريع اتخاذ القرار الإداري.

المصادقة بالأغلبية اختُتمت الجلسة بالمصادقة على مقترحي القانونين عدد 15 و28 لسنة 2023 برمّتهما بـ: 92 صوتًا ب”نعم”، 7 محتفظين، 6 رافضين.

وتُعدّ هذه الأرقام مؤشّراً دالًا على وجود توافق داخل البرلمان، على الرغم من بعض التحفّظات والاعتراضات المحدودة.

وتعكس هذه المصادقة بالأغلبية إرادة تشريعية واضحة للمضي قدمًا في اعتماد النصين القانونيين، بما يحمله ذلك من دلالات سياسية وقانونية على دعم التوجّه الذي تضمّنه المقترحان.

رابط التقرير الكامل للجنة التشريع العام حول مقترحي القانونين عدد 15 و28/2023 المتعلّقين بتنقيح الفصل 96 وبعض أحكام من المجلة الجزائية : https://www.arp.tn/ar_SY/document/download/111798

ملاك الشوشي

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى