بقلم عماد عبايدي (نيوز بلوس) – هكذا دون اسباب مقنعة قرر مجلس النواب الإمعان في تهميش تونس ومزيد تعميق الشرخ الاقتصادي والاجتماعي الذي تعيشه البلاد برفض اتفاقية المقر لصندوق قطر للتنمية الذي كان يستعد لتنفيذ عدد من المشاريع المهمة في البلاد في مقدمتها السوق نوعية في سيدي بوزيد ومستشفى جديد للأطفال بولاية منوبة هدفه تخفيف الضغط على مستشفى الأطفال بباب سعدون. الغريب ان كل تلك الشعارات الأيديولوجية التي رفعت داخل البرلمان لم يكن لها اي اساس من الواقعية في رفض الاتفاقية وكل الكلام الذي قيل عن السيادة الوطنية كان محض خيالات تدل ان بعض النواب لم يطلع حتى على نص الاتفاقية التي لم تتضمن اي زيادة عن مثيلاتها من الاتفاقيات الموقعة مع بقية الدول الغربية؛ مثل الصناديق الاستثمارية الأوروبية وغيرها. والأغرب ان بعض النواب في دفاعهم عن موقفهم الرافض للصندوق فضحوا كمية من الجهل بالوضع الدولي عموما حتى ان احدهم تحدث عن قطر على اساس انها تطبع العلاقات مع إسرائيل في حين ان الدوحة تلعب دورا مهما في المفاوضات الحاصلة هذه الايام لوقف العدوان على غزة وليس فيها سفارة لاسرائيل على عكس بعض الدول العربية الاخرى. هذا الجهل يمتد ليشمل الاتفاقية برمتها ويتضاعف بخصوص الصندوق الذي يعتبر احد اهم الصناديق الناشطة في عدد من الدول في العالم في اطار اتفاقيات مماثلة. لم يرفضها غيرنا حيث يقوم الصندوق بتمويل وتنفيذ مشاريع التنمية في القطاعات المختلفة مثل البنية التحتية، التعليم، الصحة، والزراعة. كما يسهم في تعزيز التعاون الدولي من خلال تقديم الدعم المالي والتقني للدول النامية والمنظمات الدولية. وهو ما يؤدي بالضرورة إلى تحسين مستوى المعيشة للسكان من خلال تنفيذ مشاريع تنموية مستدامة وفعّالة التي تعزز النمو الاقتصادي طويل الأمد. زيادة على ذلك فهو يساهم الصندوق في تقديم الإغاثة الطارئة والدعم للمناطق المتضررة من الكوارث الطبيعية والأزمات الإنسانية مثلما حدث مع اليابان اثر كارثة التسونامي الذي ضربته منذ سنوات. لكن في مجلس النواب الخاص بدولتنا فان القرارات مرتبطة بالأيديولوجيا وليست بمصلحة التونسيين وبالنسبة للنواب فإن المهم هو افكارهم السياسية وليس الخروج بالبلاد من المأزق الاقتصادي رغم ان رئاسة الدولة تريد تمرير القانون. ويبدو ان اتفاقية الصندوق هي المرحلة الاولى في محاولة تموقع نواب الشعب فوق سلطة الرئيس في تعارض تام مع النظام الجديد في تونس. فهل سيكون رفض القانون نقطة “الفراق” بين إرادة سعيد وطموح المجلس؟ وهل يرى المجلس نفسه مركز ثقل آخر ينافس رئيس الدولة؟ من الصعب الاجابة عن هذه الاسئلة الان لكن تبدو نقاط استفهام كبيرة في هذه الفترة حيث تفصلنا اشهر قليلة عن الانتخابات الرئاسية القادمة.
زر الذهاب إلى الأعلى