أخبارتونس

إتلاف مساعدات موجهة لفلسطين.. الهلال الأحمر التونسي في قفص الاتهام

ما تزال الهيئة التسييرية الحالية لمنظمة الهلال الأحمر التونسي، تثير الجدل حولها، خاصة بعد الانتقادات التي تتعرض لها من قيادات بالمنظمة نفسها، بخصوص مآل حملة التبرع الوطنية لفائدة الشعب الفلسطيني.

كما تصاعد هذا الجدل إثر تحقيق أجراه برنامج “الحقائق الأربع” بقناة “الحوار التونسي”، وعُرض بتاريخ الثلاثاء 28 ماي 2024، ووردت فيه فيديوهات تبرز إتلاف كميات ضخمة من المساعدات التي تبرّع بها المواطنون لفلسطين، بتعلّة أنها منتهية الصلوحية.

يقول علي القلعي، المكلف بالإعلام في الهلال الأحمر التونسي والمدرب الدولي في الإسعافات الأولية، في تصريحه للبرنامج نفسه، إنّ “هناك مستودعات أكبر من مستودع مقرين (أين تم إتلاف المساعدات) تحتوي على إعانات أضخم يُقال إن حجم الإتلاف الذي طالها أكبر بكثير”، مضيفًا، “هناك كراتين لم تفتح أصلًا للتأكد من محتواها أو لمعرفة هل أن صلاحيتها منتهية أم لا”.

وأضاف القلعي،”هناك مبالغ نقدية بآلاف الدنانير كانت تُجمع يوميًا تم منحها للهلال الأحمر على مدى أشهر في شكل هبات لفلسطين، فهل تم إيداع كل هذه المبالغ الضخمة في الحسابين البنكيين والحساب البريدي للهلال؟ يجب التثبت والسؤال عن مآلها إذا لم يقع إيداعها” وفق قوله.

أما مدرب إسعافات أولية والمتطوع في الهلال الأحمر التونسي، محمد الهادي المناعي، فقد أوضح أنه “حتى لو كانت هناك مواد منتهية الصلوحية، فإنّ القانون ينصّ على القيام بمحضر إتلاف بحضور عدلي إشهاد أو عدل منفذ مختصين باعتبار أنّ الهلال الأحمر يتمتع بالتمويل العمومي”، مستنكرًا أن يتم أيضًا حرق الأدوية بما يمكن أن يشكل خطرًا خاصة مع التفاعلات الكيمائية التي يمكن أن تنتج عن هذه العملية.

يشير البرنامج إلى أنه من الطبيعي أن تنتهي صلوحية بعض المواد التي تمّ التبرّع بها في ظل التخزين، وفي ظلّ عدم التمكن من إرسال المساعدات بسبب إغلاق معبر رفح، لكن التساؤل هو: لماذا لم يقع التعامل مع هذه المواد بطرق أخرى غير إتلافها قبل انتهاء صلوحيتها كأن يتم وضعها على ذمة بعض المحتاجين وضعاف الحال؟

كما استنكر متفاعلون مع الموضوع، أن يقع إتلاف مواد غير قابلة أساسًا لانتهاء مدة الصلوحية، حيث لا يتعلق الأمر بمواد غذائية فقط، إذ تم أيضًا إتلاف حفاظات أطفال ومولدات كهربائية وغيرها.

وفي هذا السياق، أكد سفيان الشايبي المدير التنفيذي للهلال الأحمر التونسي، أنّ “الفيديوهات صحيحة وغير مفبركة، وما على من يطعن في صحتها سوى التوجه للقضاء”، مقدرًا قيمة ما وقع إتلافه من المساعدات بمئات الآلاف من الدنانير.

وقد خلّفت هذه الحادثة استياءً واسعًا على السوشال ميديا، وسط مطالب بفتح تحقيق جدّيّ حول مآل هذه التبرعات.

  • منظمة أنا يقظ تتحدث عن شبهات “فساد” مرتبطة برئيس منظمة الهلال الأحمر التونسي

وكانت منظمة “أنا يقظ” قد ذكرت، في بيان نشرته بتاريخ 18 ديسمبر 2023، أنّه منذ انطلاق عمليّة جمع التبرّعات المتعلّقة بالحملة الوطنية لمساندة الشعب الفلسطيني، لم ينشر الهلال الأحمر التونسي للعموم قيمة التبرعات المجمّعة ولو لمرّة واحدة “ضاربين عرض الحائط بمبدأ الشفافية الواجب احترامه والمنصوص عليه صلب الفصل 3 من المرسوم عدد 88 لسنة 2011 المؤرخ في 24 سبتمبر 2011 المتعلق بتنظيم الجمعيات”، وفقها.

واستنكرت ما اعتبرته “عدم إيفاء الهلال الأحمر بتعهداته التي سبق أن أعلنت عنها النّاطقة الرسمية باسمه من خلال تصريح صحفي عن اعتزام الهلال عقد ندوة صحفية خلال أوائل شهر نوفمبر 2023 للإعلان عن حجم التبرعات وتقديم سجل يضمّ أسماء المتبرعين، لكنّ هذه الندوة لم تر الضوء إلى حدّ اليوم”.

كما استنكرت “أنا يقظ” عدم وضع الهلال الأحمر لمنظومة أو استراتيجية واضحة تضمن إمكانية تعقّب تدفّق التبرعات النقدية ومآلها وكيفية معالجتها وتوزيعها، حتى يتسنّى للمواطن متابعة تبرّعاته، خاصّة وأنّه إلى حدّ هذه اللحظة لم ترسل الدولة التونسية إلاّ طائرتين فقط من المساعدات بتاريخي 15 أكتوبر و13 نوفمبر2023.

وذكّرت بوجود “شبهات فساد تطال رئيس منظّمة الهلال الأحمر التونسي منذ سنة 2019 تتعلّق بإخلالات في التسيير المالي والإداري للمنظّمة ممّا يجعل شفافية معاملاتها المتعلّقة بجمع التبرّعات ضرورية لدرء أي شبهة من شبهات الفساد”، حسب تقديرها.

وأضافت منظّمة “أنا يقظ” أنّها “بعد تلقّي تبليغات حول سوء حوكمة جمع التبرعات من قبل الهلال الأحمر التونسي في بعض نقاط التجميع، توجّهت بمراسلة رسمية للهلال الأحمر التونسي بتاريخ 25 أكتوبر 2023 داعية إيّاه إلى تلافي كلّ ما سبق بيانه، مع اقتراح آليات تضمن الشفافية”، مستدركة أنها “لم تتلقَّ أي ردّ أو تفاعل على ذلك إل حدّ كتابة هذه الأسطر.

  • الهلال الأحمر التونسي يردّ على الاتهامات

يذكر أنّ الهلال الأحمر التونسي قد تفاعل مع بيان منظمة “أنا يقظ” الذي طالبته فيها بكشف قيمة التبرعات المجمعة، وقالت الناطقة الرسمية باسم الهلال بثينة قراقبة، في تصريح إعلامي وقتها، إنّها سبق أن أعلنت أنه “حال انتهاء المهمة الوطنية للهلال الأحمر التونسي المتمثلة في حملة لجمع التبرعات لفائدة الفلسطينيين، سيعقد الهلال ندوة صحفية للإعلان عن حجم التبرعات العينية والمالية المجمعة”.

وعقبت حينها قائلة: “حملة جمع التبرعات لا تزال متواصلة بعد، وبالتالي لا يمكن الإعلان عن حجم التبرعات طالما العملية لا تزال جارية”، مشيرة إلى أن الحملة ستتواصل إلى غاية يوم 30 جانفي 2024 وحينها سيعقد الهلال ندوة صحفية للإعلان عن القيمة النهائية للتبرعات المجمعة، على حد قولها.

ونفت بثينة قراقبة عدم تقديم مراكز تابعة للهلال الأحمر وصولات للمواطنين مقابل تقديم تبرعات، مصرحة: “كل مصالح الهلال الأحمر التونسي وهيئاته المحلية والجهوية تقدم وصولات تبرعات، وقد أكدنا في أكثر من مناسبة أن على المواطنين المطالبة بوصولات لدى تقديمهم تبرعات لدى مراكزنا، وهناك تعليمات صارمة بخصوص ذلك”، على حد قولها.

جدير بالذكر أن الهلال الأحمر التونسي كان قد أعلن، في 10 أكتوبر 2023، عن انطلاق حملة تبرع وطنية لجمع المساعدات المالية والعينية لفائدة الأجهزة الصحية التابعة للهلال الأحمر الفلسطيني والشعب الفلسطيني.

وتتمثل هذه المساعدات، وفق وفق بيان أصدره الهلال الأحمر التونسي نقلته وكالة الأنباء التونسية الرسمية آنذاك، في الأغذية والأغطية والملابس والتجهيزات والمستلزمات والمواد الطبية والأدوية والمولدات الكهربائية ومستلزمات نقل الدم.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى