أكدت مجموعة من أساتذة القانون والعلوم السياسية في تونس، الخميس 5 سبتمبر 2024، وجوب التزام هيئة الانتخابات بالأحكام الصادرة عن الجلسة العامة للمحكمة الإدارية “حمايةً لشرعية المسار الانتخابي وإعلاء لدولة القانون وقيم الجمهورية”.
وقال أساتذة القانون والعلوم السياسية، في بيان مشترك لهم، إنّ الأحكام الصادرة عن الجلسة العامة للمحكمة الإدارية هي أحكام باتة وغير قابلة لأي وجه من أوجه الطعن ولو بالتعقيب، وهي واجبة التنفيذ ولا يجوز لأي جهة أخرى مهما كانت إعادة النظر فيها أو مراجعتها أو تأويلها أو الامتناع عن تنفيذها، حسي تقديرهم.
وأكدوا أنّ هيئة الانتخابات تبقى خاضعة في كل قراراتها الصادرة في هذا المجال وفق أحكام القانون الانتخابي لرقابة القضاء الإداري، وبناءً عليه فإنّ ولايتها العامة في المجال الانتخابي لا تعني إطلاقًا أنها في حل من الرقابة القضائية التي لا يمكن لأي هيئة عمومية أو إدارية ولو كانت مستقلة ودستورية أن تتملص منها، وذلك ضمانًا لمصداقية المسار الانتخابي وسلامته وحماية لمقومات دولة القانون، حسب تقديرهم.
واعتبروا أنّ تعليل الهيئة لقرارها باستحالة تنفيذ قرارات الجلسة العامة للمحكمة الإدارية لعدم تبليغ المحكمة للأحكام الصادرة عنها لا يستقيم حيث أن المحكمة قد قامت بتبليغها بمنطوق الحكم طبقًا لمقتضيات الفصل 24 من قرار هيئة الانتخابات عدد 18 لسنة 2014 المؤرخ في 4 أوت 2014 والذي جاء موضحًا لمقتضيات الفصل 47 من القانون الانتخابي المتعلق بطرق تبليغ المحكمة الإدارية قراراتها للهيئة، والذي أجاز الإعلام إما بالقرار” أو “بشهادة في منطوقه، بما لا يمكن معه الاحتجاج بعدم التوصل بنص الحكم للتملص من تنفيذه، وفق ما ورد في نص البيان.
كما أكد أساتذة القانون أنّ “امتناع الهيئة الانتخابية عن تنفيذ أحكام الجلسة العامة للمحكمة الإدارية والتعلل بأنّ الأحكام لم تقض بصفة واضحة وصريحة بإدراج المترشحين الطاعنين بالقائمة النهائية للمترشحين للانتخابات الرئاسية بل كانت أحكامًا موقوفة على شرط تثبت الهيئة من تمتع المترشحين المرفوضين بجميع حقوقهم المدنية والسياسية، يُمثل خرقًا فادحًا للشرعية ينحدر بقرارها إلى مرتبة القرار المعدوم”، حسب توصيفهم.
وشددوا على أنّ “قرار الهيئة يجعل المسار الانتخابي في خطر باعتباره يمس من مصداقيته ونزاهته وسلامته، ويُؤدي لا محالة إلى التشكيك في نتائج الانتخابات في مرحلة لاحقة، كما يزعزع ثقة المواطن في القضاء الذي يُعتبر حامي الحقوق والحريات من أي انتهاك وفقًا لأحكام الدستور”.
ويأتي بيان أساتذة القانون والعلوم السياسية تماهيًا مع بيان سابق للجمعية التونسية للقانون الدستوري التي دعت جميع المتداخلين في المسار الانتخابي إلى الالتزام بمقتضيات دولة القانون وذلك بالامتثال للقواعد الدستورية والقانونية والتريث والتحلّي بروح المسؤولية والحكمة ووضع المصلحة العليا للدولة فوق كل اعتبار.
وشددت جمعية القانون الدستوري على أنّ “المحكمة الإدارية هي الجهة القضائية المختصة بالرقابة على كل مرحلة من مراحل المسار الانتخابي وهي الضامن لحقوق الناخبين والمترشّحين ضمانًا لشرعية المسار الانتخابي ومصداقية الانتخابات”، مؤكدة أن “الأحكام الصادرة باسم الشعب عن جلستها العامة غير قابلة لأي وجه من أوجه الطعن وواجبة التنفيذ ولا يجوز لأي جهة أخری، مهما كانت، تقييمها أو التشكيك فيها أو الامتناع عن تطبيقها أو ترجيحها”، حسب تقديرها.
وكان رئيس هيئة الانتخابات فاروق بوعسكر قد قال، خلال النقطة الإعلامية للإعلان عن القائمة النهائية للمترشحين المقبولين للانتخابات الرئاسية، إنه “تعذّر الاطلاع عن نسخ الأحكام الصادرة مؤخرًا عن الجلسة العامة القضائية للمحكمة الإدارية بسبب عدم إعلام هيئة الانتخابات بها طبق القانون، في أجل 48 ساعة من تاريخ التصريح بها من طرف كتابة المحكمة الإدارية وذلك تطبيقًا لصريح منطوق الفقرة الأخيرة من الفصل 47 من القانون الانتخابي ورغم مراسلة المحكمة رسميًا وطلب موافاة الهيئة بتلك الأحكام في الآجال القانونية”، وفقه.
وبناء على ذلك، ذكر أن مجلس هيئة الانتخابات قرر “بعد معاينة استحالة تنفيذ القرارات المعلن عنها مؤخرًا من طرف المحكمة الإدارية، اعتبار قائمة المترشحين المقبولين المصادق عليها بمجلسه المنعقد بتاريخ 10 أوت 2024 قائمة نهائية وغير قابلة للطعن والإذن بنشرها بالرائد الرسمي بالجمهورية التونسية، والتي تضم كلًا من المترشحين المقبولين نهائيًا: العياشي زمال، وزهير المغزاوي وقيس سعيّد.
فيما أكد الناطق الرسمي باسم المحكمة الإدارية فيصل بوقرة، أنّ المحكمة الإدارية أرسلت نسخة من منطوق الحكم الجلسة العامة القضائية للهيئة في الآجال القانونية قبل حتى الإعلام عنها للعموم، مشددًا على أنّ “عدم تنفيذ أحكام هذه الجلسة يعدّ سابقة”، وفق قوله.
وقد أثار قرار هيئة الانتخابات بشأن الإعلان عن القائمة النهائية للمترشحين المقبولين للانتخابات الرئاسية المقررة يوم 6 أكتوبر 2024، تفاعلاً واسعًا في تونس. وعلّق محامون وقضاة وسياسيون، على القرار الصادر عن مجلس هيئة الانتخابات واعتبروه “مخالفًا للقانون” ووصفوه بالـ “فضيحة” وفقهم.
زر الذهاب إلى الأعلى